تستعجل قوى سياسية عراقية حليفة لطهران بالحديث عن مرشحيها المحتملين لرئاسة الحكومة الجديدة، في ظل احتدام واضح للتنافس الانتخابي داخل مدن ومحافظات البلاد الرئيسة قبيل شهر واحد من الانتخابات المقررة في العاشر من الشهر المقبل.
وشهدت الساحة العراقية خلال الأيام الماضية تصريحات وبيانات من أطراف مختلفة بدت أنها ضمن المناكفة السياسية بشأن شكل الحكومة المقبلة وطبيعتها، فيما ستكون على غرار حكومة مصطفى الكاظمي الحالية ضمن ما يطلق عليه "الحكومة التوافقية"، أو أن الأجواء تميل للذهاب إلى اعتماد "الكتلة الكبرى"، التي يحق لها تشكيل الحكومة كما ينص عليه الدستور النافذ في البلاد.
ومع تأكيدات أعضاء وقيادات في "التيار الصدري"، بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، أحقيته في الظفر بالحكومة المقبلة التي يتعهد بأنها ستكون إصلاحية، تصدر مواقف مضادة بشأن ذلك من قوى أخرى تتحدث عن أن رئاسة الحكومة لن تخرج من محيطها، وأبرزها تحالفا "دولة القانون" و"الفتح"، بزعامة نوري المالكي وهادي العامري، ضمن ما بات يعرف محلياً بالمعسكر السياسي الحليف أو المدعوم من طهران.
وأمس، الأربعاء، قال قيادي في تحالف "الفتح"، بزعامة هادي العامري، إن الأخير هو مرشح التحالف لرئاسة الحكومة المقبلة، ونقلت وسائل إعلام محلية عراقية عن أبو ميثاق المساري قوله إنهم يثقون تماماً بماكينتهم الانتخابية، "ونرى أن حظوظنا، كتحالف الفتح، كبيرة في الانتخابات المقبلة"، وأشار إلى أن "أعداد المقاعد البرلمانية لتحالف الفتح ستقفز فوق ما كانت عليه في انتخابات 2018"، قائلاً "كنا بين 45 و48 مقعداً، والماكينة الانتخابية تبشر بخير، وسنتخطى هذه العتبة".
تحالف "الفتح" كان قد تشكل قبل انتخابات 2018 برئاسة هادي العامري وضم قوى وممثلين عن فصائل مسلحة مقربة من إيران
وجاء تحالف "الفتح" ثانياً من حيث عدد المقاعد في انتخابات 2018 بعدما حصل على 47 مقعداً، بعد تحالف "سائرون" التابع للتيار الصدري الذي تصدر النتائج بـ54 مقعداً.
يذكر أن تحالف "الفتح" كان قد تشكل قبل انتخابات 2018 برئاسة هادي العامري وضم قوى وممثلين عن فصائل مسلحة مقربة من إيران، ومن بينها منظمة "بدر" (الجناح السياسي لمليشيا بدر)، وحركة "صادقون" (التي مثلت الوجه السياسي لمليشيا عصائب أهل الحق).
في السياق ذاته، قال عضو البرلمان العراقي عن حركة "صادقون" نعيم العبودي إن "رئاسة الحكومة المقبلة ستعتمد على معيارين، الأول عدد المقاعد التي تحصل عليها القوى السياسية، والثاني نوع التحالفات التي ستتشكل بعد الانتخابات"، مضيفاً "لن نضع أي خط أحمر أمام أي كتلة تحصل على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان".
ولفت العبودي إلى أن الكتلة الكبرى هي التي ستتشكل تحت قبة مجلس النواب من خلال التحالف بين قوى أخرى.
وكان نواب وسياسيون من تحالف "سائرون" قد تحدثوا سابقاً عن تمسك التحالف بترشيح شخصية من التيار الصدري لتولي رئاسة الحكومة المقبلة نتيجة لتوقعاتهم بالحصول مجدداً على صدارة نتائج الانتخابات. كما حاول مقربون من المالكي طرح اسمه مجدداً لرئاسة الوزراء.
ويبقى كل ذلك مرهوناً بنتائج الانتخابات التي ستتضح بعد أقل من خمسة أسابيع، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن الأمر لا يقتصر فقط على رغبات "الفتح"، و"ائتلاف دولة القانون"، و"سائرون"، بل يعتمد أيضاً على الحوارات التي ستنطلق مع القوى الكردية، والتحالفات التي تمثل المحافظات الشمالية والغربية.
وبين أن منصب رئيس الوزراء لا يمكن أن يجري الاتفاق عليه منفرداً، بل بصفقة واحدة تتضمن أيضاً رئاستي الجمهورية والبرلمان، كما جرى عليه العرف في العراق منذ أول انتخابات جرت عام 2005.
وقال عضو البرلمان بدر الزيادي إن تغيير بعض الأشخاص لن يحل المشاكل التي تعاني منها العملية السياسية منذ عام 2003 (الاحتلال الأميركي للعراق)، مبيناً في حديث لوسائل إعلام محلية، أمس الأربعاء، أن التغيير يتطلب بداية القيام بتعديل دستوري كي تمضي عجلة الإصلاح قدماً.