حذرت قوى سياسية عراقية من المماطلة في تنفيذ التفاهمات السياسية التي سبقت الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، وأبرزها إقرار قانون العفو العام، الذي يستهدف بشكل رئيسي المعتقلين الذين انتزعت الاعترافات منهم تحت التعذيب أو بواسطة "المخبر السري".
واعتبرت القوى السياسية أن قوى داخل تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى مقربة من إيران، تُعطل الكثير من التفاهمات المتعلقة بإقرار القوانين وكذلك ملفات إنهاء النزوح الداخلي وإعادة النازحين إلى مدنهم الأصلية، وسحب المليشيات منها.
وكان "تحالف السيادة"، الذي يقدم نفسه كممثل سياسي عن العرب السنّة في العراق، قد شكك في جدية رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بتنفيذ الاتفاقات التي تم على أساسها منح الثقة لحكومته، محذراً من المماطلة بالتنفيذ، داعياً إلى الالتزام بتنفيذ التعهدات وخاصة إصدار قانون العفو العام.
وقال النائب عن التحالف عبد الكريم عبطان، خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان الأسبوع الماضي، بمشاركة عدد من نواب التحالف، إنّ "الحكومة تشكّلت على أساس اتفاق سياسي يتضمن عدداً من الفقرات التي تخصّ جمهور (تقدم) وتحالف السيادة، وفي مقدمتها إصدار قانون العفو العام وفق مدد زمنية محددة".
وتابع: "نحن في بداية فصل تشريعي جديد ومضت على تشكيل الحكومة مدة ليست بسيطة، ولم نلمس جدية في تنفيذ البرنامج الحكومي المتفق عليه، ما يجعلنا نشكك بجدية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وهذا الأمر لا يصبّ في مصلحة الوطن والشراكة السياسية".
وأضاف عبطان: "من منطلق المسؤولية الوطنية، نجدد مطالبة السوداني بالإيفاء بالتزاماته التي حددها في برنامجه الحكومي"، مبيناً أنه "قبل أيام، أصدرت محكمة جنايات الرصافة حكما بالسجن 10 سنوات بحق مخبر سري كاذب، وهذه خطوة جيدة تؤكد شخصية السوداني السياسية وأخلاقه النبيلة كما عرفناه من خلال تجربتنا الشخصية معه".
وأشار إلى أنّ "ما نتحدث عنه طيلة السنين الماضية هو وجود آلاف الأبرياء في السجون نتيجة وشاية المخبر السري سيئ الصيت، وأنّ السجون مليئة بالشباب الذين جرى اعتقالهم على الشبهات ولأسباب غير معلومة، والبعض منهم قبع في السجن منذ مدة طويلة، ولهذا صار لزاماً الإسراع بتشريع قانون العفو العام".
وقال عضو في اللجنة القانونية بالبرلمان العراقي، طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، إن تنصل الإطار التنسيقي عن وعوده للقوى السياسية خاصة العربية السنية والكردية في ما يتعلق بحل الملفات العالقة يعني العودة إلى مربع الأزمات الأولى التي تسببت في عدم استقرار الحكومات السابقة.
وأضاف أن "بعض القوى من الإطار التنسيقي، لا تريد تمرير قانون العفو العام ولا غيره من الاستحقاقات الأخرى كملف النازحين وسحب الفصائل المسلحة من مراكز المدن، مبيناً لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "تحالف السيادة يخشى محاولات إفراغ قانون العفو العام من محتواه من قبل تحالف الإطار".
وأكد أن "محاولات الإطار قد تتسبب بمشاكل وأزمات بين القوى السياسية"، مشدداً على أن "المشاكل بشأن القانون ستتصاعد مع عودة جلسات البرلمان".
من جهته، أكد النائب عن دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي، عارف الحمامي، أنه "لا يوجد إحصاء دقيق للمشمولين بقانون العفو العام"، مبيناً أنه "لا يمكن أن يحسب بطريقة عدد المشمولين، وإنما بوضع ضوابط للمشمولين بالقانون، لأن هناك جرائم غير مشمولة منها القتل العمد الذي يحتاج إلى تنازل ذوي المجني عليه، وجرائم سرقة المال العام، وجرائم الإرهاب التي تثبت على الإرهابي 100%".
وأضاف أن "فقرات القانون كثيرة، منها إعادة محاكمة المخبر السري"، مبيناً أن "القانون وصل إلى مراحل جيدة لا بأس بها في مجلس النواب، إلا أنه يحتاج إلى توافق سياسي، وبعدها نقرر المضي بالقانون أو لا، والقانون هو من القوانين التي تحتاج إلى موافقة من الكتل السياسية، وتحديد المشمولين".
وكان البرلمان العراقي قد أقرّ في نهاية أغسطس/آب 2016، قانون العفو العام، بعد خلافات سياسية طويلة. لكن كتلاً نيابية اعتبرت أنه قد أفرغ من محتواه، بعد حذف عدد من البنود والفقرات المتعلقة بمراجعة ملف المحكومين وظروف محاكمتهم.
وكان التعديل الأول للقانون قد تم مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بعد طلب تقدمت به قوى سياسية تنضوي حالياً ضمن تحالف "الإطار التنسيقي". وتضمنت أبرز التعديلات، شمول الأشخاص المعتقلين من الذين يتم إجراء تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، بالإضافة إلى شموله من يتم تسديد ما بذمتهم من أموال للصالح العام عن جرائم الفساد.
كما تم وقتها تعديل فقرة تمنع العفو عن جميع من أدينوا وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب المعمول به في البلاد، بعد العاشر من يونيو/حزيران 2014، وهو تاريخ سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة الموصل شمالي البلاد. كما تم تعديل الفقرة الخامسة في المادة الثالثة من القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو. كما تم منح من أمضى ثلث مدة محكوميته بجرائم التزوير إمكانية العفو، مع استبدال ما تبقى من فترة سجنه بواقع 50 ألف دينار (نحو 33 دولاراً) عن اليوم الواحد.