قمة السيسي وأردوغان في أنقرة… من غزة إلى ليبيا

27 اغسطس 2024
السيسي وأردوغان بالقاهرة، 14 فبراير 2024 (أوتكو أوجراك/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **قمة السيسي وأردوغان في أنقرة:** ستعقد في 4 سبتمبر/أيلول، وتركز على الحرب في غزة وملفات ثنائية وإقليمية، بعد توتر العلاقات لسنوات وانتقالها إلى تعاون جديد.

- **التعاون الاستراتيجي والاقتصادي:** اجتماع لمجلس التعاون الاستراتيجي يضم 10 وزراء من كل جانب، لبحث العلاقات الاقتصادية والعسكرية، وتوقيع عقود للتصنيع العسكري، ورفع التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار.

- **الوساطة وحل الأزمات الإقليمية:** مناقشة الوساطة في أزمة مياه النيل وسد النهضة، والوساطة المصرية لصالح تركيا في شرق المتوسط، والتفاهم الإقليمي لحل الأزمات السودانية والصومالية.

يستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في أنقرة، في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل ضيفاً رسمياً، حيث من المتوقع أن تكون الحرب على غزة، البند الأول على جدول أعمال قمة السيسي وأردوغان العتيدة، بالإضافة إلى ملفات أخرى منها ما هو ثنائي بين البلدين، ومنها ما هو مرتبط بقضايا إقليمية أخرى، وكلها تُشكّل أزمات بالنسبة للطرفين. وبعد توتر العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، انتقل السيسي وأردوغان إلى حقبة جديدة مع زيارة الرئيس التركي القاهرة، في 14 فبراير/شباط الماضي، بعد 12 عاماً على زيارته الأخيرة.

بحسب معلومات "العربي الجديد" سيتم خلال قمة السيسي وأردوغان عقد اجتماع رفيع المستوى لمجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، يضم 10 وزراء من كل جانب، لبحث مجمل القضايا المشتركة بين البلدين، بما فيها العلاقات الثنائية وعلى رأسها العلاقات الاقتصادية والعسكرية، وتوقيع عقود للتصنيع العسكري المشترك. وتشمل التواقيع المسيّرة التركية "بيرقدار" التي تسعى مصر منذ فترة للحصول عليها، نظراً لأهميتها الاستراتيجية الكبرى في مواجهة الجماعات المسلحة وغيرها، على أن يتم تصنيعها في مصر، إضافة إلى صناعات عسكرية أخرى تتمثل في ذخائر وقذائف.


عبد الرحمن صلاح: هناك اتفاق بين الدولتين حول الإنتاج المشترك للمسيرة التركية بيرقدار

ملفات تنتظر السيسي وأردوغان

في ملف التعاون الاقتصادي بين البلدين، يستعين الرئيس المصري في زيارته بوفد كبير من رجال الأعمال المصريين في مجالات الطاقة، خصوصاً الغاز الطبيعي المسال والطاقة المتجددة والتعدين، والصحة والتعليم والسياحة وصناعة الدفاع، إذ يستهدف الطرفان رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار. كما من المتوقع أن تناقش القمة المرتقبة بين السيسي وأردوغان العديد من الملفات الإقليمية الأخرى، وعلى رأسها الخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها لوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، والتوصل إلى وقف إطلاق النار، وذلك بالإضافة إلى معالجة قضايا حساسة أخرى، مثل أزمة شرق البحر المتوسط ومسألة تعيين الحدود البحرية، والملف الليبي.

ومن المتوقع أيضاً أن تناقش قمة السيسي وأردوغان مسألة الوساطة التي تقوم بها أنقرة لصالح القاهرة في أزمة مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي، وأيضاً الوساطة التي تقوم بها مصر لصالح تركيا، مع دول شرق المتوسط خصوصاً اليونان وقبرص، إضافة إلى الوساطة المشتركة التي يقوم بها الطرفان في الأزمتين السودانية والصومالية.

وحول قدرة القمة على إنهاء الأزمات المشاركة، يرى السفير المصري السابق لدى تركيا عبد الرحمن صلاح، أنها قادرة على ذلك بالنظر إلى أن "التفاهم الإقليمي بين الدولتين الكبيرتين في الشرق الأوسط، سيؤدي إلى حل الكثير من القضايا الإقليمية". ويقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مصر وتركيا تتمتعان بحجم استراتيجي ضخم، يعود أولاً إلى أنهما أكبر دولتين من جهة عدد السكان في منطقة الشرق الأوسط، إذ تضمان نحو 200 مليون شخص".

ويضيف صلاح أن "التصالح بين البلدين، تم بسبب العديد من العوامل، أولها تراجع أردوغان عن سياسته تجاه السعودية والإمارات ومصر، وهذا التراجع تم ببرغماتية أدت إلى تحسين علاقاته مع الرياض وأبو ظبي بشكل كبير، لأنه كان يحتاج إلى استثمارات في بلده الذي يعاني من أزمات اقتصادية، وهو الآن يتبع نفس الطريقة مع مصر، وأعتقد أن هناك الكثير من المقومات التي تجتمع اليوم لتجعل هذه المصالحة ممكنة وفعالة في حل أزمات إقليمية أخرى بخلاف القضايا الثنائية".

ويلفت صلاح إلى أن "الحكومة المصرية منذ عام 2013 وبداية القطيعة، ظلت منفتحة على عدول أردوغان عن سياسته، وظلت المنافع المشتركة بين الدولتين، مستمرة رغم القطيعة مثل التجارة، وذلك بموافقة الدولتين، ولم تستمر التجارة فقط بل تضاعفت، إذ اقترب الميزان التجاري في عام 2013 من 5 مليارات دولار، فيما اقترب في العام الماضي من 10 مليارات".

وحول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، يعتبر صلاح، الذي كان له دور كبير في وضع الأسس لإنجاز المصالحة المصرية التركية، أنه "يمكن لمصر وتركيا تأدية دور الوساطة على عدة مستويات، إذ يمكن لمصر أن تقوم بدور في حل الخلاف بين تركيا وقبرص واليونان في أزمة الحدود البحرية شرقي المتوسط، كما يمكن لتركيا أن تؤدي دوراً في حل أزمات القرن الأفريقي، لا سيما أزمة حوض النيل". ويتطرق إلى "اجتماع وزيري خارجية مصر وتركيا في القاهرة، واتفاقهما على بذل الجهد في محاولة حل مشكلة سد النهضة الإثيوبي وموضوع الصومال أيضاً، إذ أكد الطرفان أهمية توحيد الصومال وليس تقسيمه".


جاهد طوز: زيارة السيسي لا تعني حل كل المشاكل

الحدود البحرية

ويرى صلاح أنه من ناحية أخرى "هناك فرصة للحل في شرق المتوسط، بعيداً عن التفتيش عن إنهاء الادعاءات التاريخية المرتبطة بالإمبراطورية العثمانية. ومصر قدمت تجربة في هذا المجال، كما فعلت مع تعيين الحدود البحرية مع اليونان، إذ حرصت على ألا يتضمن التعيين المناطق القريبة من الشواطئ التركية، حتى لا تزعج المصالح التركية في اتفاق التعيين المصري اليوناني"، مضيفاً أن هناك نموذجا آخر في "الحل الذي تم التوصل إليه ما بين لبنان وإسرائيل، حول تعيين الحدود البحرية، رغم أن البلدين لا تربطهما علاقات دبلوماسية".

ويوضح الدبلوماسي المصري، أن "هناك تفاهمات يمكن أن تتم حول مناطق معينة، بعيداً عن مسألة الحقوق التاريخية وغيرها، تمكن كل دول شرق المتوسط من الوصول إلى حصة من الغاز"، لافتاً إلى أن "حل المشكلة في ليبيا يمكن أن يؤدي دوراً كبيراً في ذلك، عبر اتفاق مصري تركي وتشجيع على تشكيل حكومة مركزية واحدة من الطرفين الشرقي والغربي، تدير الانتخابات وتوزع الثروة بشكل عادل".

وحول التعاون العسكري بين مصر وتركيا وإمكانية تطويره مع قمة السيسي وأردوغان، يشدّد صلاح على أن "هناك اتفاقاً بين الدولتين حول المسيرة التركية بيرقدار، وسيتم الإنتاج المشترك في الدولتين"، مشيراً إلى أن "الدولتين سيعقدان اجتماعاً لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى سيشارك فيه 10 وزراء من كل جانب، وهذا لن يبحث فقط الجوانب الثنائية ولكن القضايا الإقليمية الأخرى".

بدوره يصف المستشار السابق برئاسة الوزراء التركية جاهد طوز زيارة السيسي بـ"المهمة للغاية" في مسار تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا، بعد قطيعة كاملة بينهما لمدة 10 سنوات. ويقول طوز في حديث لـ"العربي الجديد" إنه رغم ذلك، فإن "هذه الزيارة لا تعني حل كل المشاكل بين البلدين، لأن المشاكل كبيرة وصعبة، ولذلك حلها بحاجة إلى وقت طويل وإرادة قوية واستمرارية في العلاقات"، مضيفاً أن هناك "العديد من الملفات الصعبة، مثل ملف تعيين الحدود البحرية وليبيا وملف وجود المعارضة المصرية في تركيا، وأيضاً ووجود كثير من عناصر جماعة (فتح الله غولن) التي قامت بعملية إرهابية (المقصود المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا) عام 2016، في مصر، ولذلك هذه الملفات بحاجة لوقت طويل".

ويعتبر طوز أن "موضوعي شرق المتوسط والنيل، يأتيان في مراحل ثالثة ورابعة في العلاقات بين الطرفين... تركيا موقفها إيجابي لصالح مصر في ملف النيل لأن لها تأثيراً قوياً على الدول المرتبطة بالملف، ومصر لديها دور مهم في قضية شرق المتوسط، ولكن لا أتوقع مناقشة معمقة في هذه الزيارة، بل سيتم تبادل الأفكار في هذه المواضيع فقط".

المساهمون