قضية ريجيني تعود إلى الواجهة مجدداً

13 أكتوبر 2022
أسرة ريجيني في روما، أكتوبر 2021 (ريكاردو دي لوكا/الأناضول)
+ الخط -

رأى مدير إدارة الشؤون القضائية في وزارة العدل الإيطالية نيكولا روسو، أن هناك إمكانية في المستقبل، لتشكيل محكمة خاصة بالتعذيب، لمحاكمة المتهمين بتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في مصر عام 2016.

ورداً على سؤال لصحيفة "كورييري دي لا سييرا" الإيطالية، أول من أمس الثلاثاء، عن "أسباب عدم استغلال نائب المدعي العام سيرجيو كولايوكو، إمكانية إقامة محاكمة للتعذيب، في ظل وجود معاهدة متعددة الأطراف ضد هذه الجريمة، التي تعتبر مصر من بين موقّعيها"، قال روسو: "لم يؤخذ هذا الاحتمال في الاعتبار، لكنه قد يكون كذلك في المستقبل".

وقال المسؤول الإيطالي إنه "منذ 13 إلى 15 مارس/آذار، ذهبت مع زميلي ستيفانو أوبيليو إلى السلطات المصرية، التي شعرنا بأنه يتعين علينا إشراكها، وكان علينا الحصول على المعلومات والبدء بإبرام معاهدات ثنائية مع مصر، ورغم كل شيء جُرِّب، لم يكن هناك جواب".

وقدّم روسو، الاثنين الماضي، تقريراً أمام محكمة روما في إطار محاكمة ضباط المخابرات المصرية الأربعة المتهمين بقتل الشاب، وهم اللواء طارق صابر، والعقيدان آسر كامل محمد إبراهيم وحسام حلمي، والرائد إبراهيم عبد العال شريف.

ولا تزال قضية ريجيني، الذي عثر على جثته بإحدى ضواحي القاهرة عام 2016 وعليها آثار تعذيب، تمثل تهديداً مستمراً للعلاقات بين القاهرة وروما، في ظل مواصلة أسرة ريجيني تحركاتها لدى الجهات المعنية كافة في إيطاليا والاتحاد الأوروبي، لمحاسبة المسؤولين عن مقتله.

وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، قررت محكمة إيطالية تعليق محاكمة الضباط الأربعة، وأمرت بإعادة الأوراق إلى قاضي التحقيق الأولي، وهو القرار الذي وصفته أسرة الباحث ومحاموه وقتها بـ"الانتكاسة"، بعدما كان من المقرر بدء محاكمة الضباط الأربعة غيابياً منتصف الشهر ذاته، في روما، بحضور والدي ريجيني.

قضية ريجيني تعود إلى الواجهة

وجاء أحدث التطورات في القضية، متمثلاً بالبيان الصادر عن 13 منظمة حقوقية مصرية وإيطالية، تطالب فيه البرلمان الإيطالي الجديد باستئناف ملاحقة قتلة ريجيني. ودعا بيان مشترك من عدد من المنظمات الحقوقية المصرية والإيطالية، أعضاء البرلمان الإيطالي، إلى الربط بين علاقات البلدين الثنائية وأوضاع حقوق الإنسان في مصر.


مسؤول في وزارة العدل الإيطالية: لم نتلقَ أي رد من مصر على دعواتها للتعاون 

وطالب البيان، الذي صدر بمناسبة قرب انعقاد أولى جلسات البرلمان الإيطالي بعد تشكيله الجديد، إلى استئناف مسار قضية ملاحقة قتلة جوليو ريجيني، باستخدام الأدوات الدبلوماسية، ومواجهة عرقلة وزارة الداخلية المصرية لجهود القضاء الإيطالي لمحاسبة الجناة.

كذلك دعا البيان إلى "مراجعة اتفاقيات توريد الغاز الطبيعي المسال مع مصر، مع احتمال إعادة تخصيص الموارد المستخدمة حالياً لاستيراد الوقود الأحفوري، مثل الغاز الطبيعي المسال، لتطوير مصادر الطاقة المتجددة".

وحث البيان الحكومة الإيطالية على تبني "سياسات طاقة أكثر جرأة لتحقيق انتقال شامل وعادل للطاقة من شأنه أن يفك ارتباط إيطاليا والاتحاد الأوروبي بالاعتماد على الأنظمة الاستبدادية".

ودعت المنظمات في بيانها من ناحية، إلى وقف أي تصدير للأسلحة والمواد العسكرية وشبه العسكرية لمصر، بالنظر إلى التدهور الشديد لحقوق الإنسان في هناك، بحسب نص البيان، ومن ناحية أخرى إلى إيقاف جميع برامج وأنشطة الدوريات ومراقبة الحدود بالتعاون مع مصر، وكذلك جميع مبادرات التعاون الشرطي والأمني، خصوصاً في ما يتعلق ببرامج التدريب المهني.

ووقّع البيان 13 منظمة، من بينها الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمنتدى المصري لحقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، و"إيجيبت وايد فور هيومان رايتس"، ومركز النديم لعلاج ضحايا العنف، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، والشبكة الإيطالية للسلام ونزع السلاح، ومؤسسة خيط أحمر الإيطالية.

والاثنين الماضي، قال مسؤول في وزارة العدل الإيطالية أمام قاضي تحقيق، إن وزارته لم تتلقَّ أي رد من مصر على دعواتها للتعاون في قضية الضباط المصريين الأربعة المشتبه في اختطافهم ريجيني وتعذيبه وقتله.

وطالما رفضت مصر كشف عناوين الضباط للقضاء الإيطالي، الأمر الذي لا يمكن أن يقدم دليلاً على أن الضباط تهربوا من واجبهم بالمثول أمام القضاء.

وقدمت جهات التحقيق الإيطالية 68 مطالبة قضائية، إلى النيابة العامة المصرية لمساعدتها في إبلاغ المتهمين. ووفقاً للادعاء الإيطالي، فإن كل المطالبات القضائية في هذا الإطار، جاءت بلا جدوى.


مصدر مصري: أسرة ريجيني تعوّل كثيراً على استضافة مصر لمؤتمر المناخ

في هذا الإطار، قال مصدر مصري مقرب من أسرة ريجيني، مطلع على تحركاتها الخاصة بملاحقة الجناة، إنه "على الرغم من فوز اليمين الإيطالي في الانتخابات الأخيرة، ودعمهم في السابق لتجنيب قضية ريجيني وتعزيز التعاون مع القاهرة في الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الأزمة الليبية، إلا أن أسرة ريجيني تعوّل كثيراً على استضافة مصر لمؤتمر المناخ في مدينة شرم الشيخ، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".

وأضاف أن الأسرة "تسعى للفت أنظار الحكومات الغربية لقضية ابنها، وتذكير العالم بها، وهو الأمر الذي يمثّل مصدر قلق للقاهرة، التي يرغب المسؤولون فيها في تجاوز الملاحظات الغربية والأميركية بشأن الحالة الحقوقية في مصر، من أجل إظهار القمة في أفضل شكل ممكن، وحضور العدد الأكبر من زعماء العالم أصحاب التأثير".

مخاوف القاهرة

وتدرك القاهرة أن هذا الملف يمثل رأس الحربة في الانتقادات الأوروبية والأميركية، للسجل السيئ لمصر في مجال حقوق الإنسان. ويأتي ذلك خصوصاً أن لدى هذه الدائرة اقتناعاً تاماً، بأن ملف ريجيني، مهما خفت الاهتمام العالمي به في فترات معينة، فإنه سيبقى مهدداً للنظام المصري في لحظة ما يقررها الأوروبيون.

من جهته، رأى سياسي مصري بارز مشارك في الحوار الوطني، أن "كون القضية لم تغلق بشكل كامل حتى الآن، يعني أن هناك رغبة من الجانب الإيطالي في استخدامها كوسيلة ضغط مستمرة على المسؤولين في مصر، خلال أي مفاوضات بشأن الملفات المشتركة بين البلدين".

واستبعد غلق القضية وحفظ التحقيقات بشأنها من الجانب الإيطالي بشكل نهائي، قائلاً: "ستظل بمثابة ورقة تستخدمها الحكومة الإيطالية مهما كان توجهها، لتوجيه دفة القرار المصري بشأن ملفات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها ملفات الطاقة والأزمة الليبية".

وعن مدى التأثير الذي من الممكن أن تمثله إثارة القضية في الوقت الراهن وبالتحديد قبيل انطلاق قمة المناخ، قال السياسي المصري: "وفقاً للأجواء الدولية الراهنة والأزمات التي تعانيها أوروبا، يمكن القول إن القضية قد لا تكون محل اهتمام رئيسي أو سبباً في إثارة أزمة مباشرة للنظام المصري، ولكنها بالطبع ستظل بمثابة صداع في رأس العلاقات المصرية الإيطالية".

تقارير عربية
التحديثات الحية