قصف عين الأسد دون إعلان... أسلوب جديد للفصائل العراقية؟

31 يوليو 2024
جندي أميركي قرب مسيّرة في عين الأسد، يناير 2020 (أيمن حنا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الهجمات على قاعدة عين الأسد**: تعرضت القاعدة لهجوم صاروخي هو الثاني هذا الشهر، بعد هجوم بطائرتين ملغمتين في 17 يوليو، دون أضرار أو خسائر بشرية. لم تتبنَّ أي جهة الهجوم، مما يعتبره مراقبون أسلوباً لتجنب إحراج الحكومة العراقية أو الرد الأميركي.

- **ردود الفعل والتصريحات**: عضو في تحالف الإطار التنسيقي وصف الهجوم بأنه عمل فردي من جماعة تنتمي للمقاومة الإسلامية، معبراً عن غضبهم من المباحثات العراقية الأميركية. الحكومة تسعى لتأطير العلاقة مع الولايات المتحدة، بينما ترفض بعض الفصائل هذا التوجه.

- **استراتيجية الفصائل المسلحة**: الفصائل العراقية تواصل الهجمات على القواعد الأميركية بهدف الضغط على الولايات المتحدة لتحقيق أهداف تتجاوز حدود العراق، متماشية مع الاستراتيجية الإيرانية. استأنفت الهجمات بعد السابع من أكتوبر، مستهدفة قواعد أميركية في العراق وسوريا.

تعرضت قاعدة عين الأسد، غربي محافظة الأنبار العراقية، الخميس الماضي، لقصف صاروخي، هو الثاني من نوعه هذا الشهر الذي تتعرض له القاعدة العسكرية الجوية التي تضم المئات من العسكريين الأميركيين ضمن قوات التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، بعد هجوم بواسطة طائرتين ملغمتين في الـ17 من الشهر الحالي. ولم يسفر قصف عين الأسد عن أي أضرار، كما لم تعلن واشنطن عن أي خسائر مادية أو بشرية.

الجديد هو عدم تبنّي أي فصيل مسلح للعمليتين حتى ظهر الثلاثاء، وهو ما اعتبره مراقبون أسلوباً جديداً في عدم التوقيع على أي من تلك العمليات. والهجوم الأخير يأتي بعد إعلان واشنطن وبغداد ببيان مشترك استمرار التعاون والتنسيق بين البلدين، ضمن المفاوضات الأخيرة التي قادها وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي وقيادات عسكرية وأمنية في واشنطن يوم 22 يوليو/تموز الحالي. وهذه المرة الأولى التي تعتمد فيها الفصائل المسلحة العراقية هذا النهج، في طريقة قد تكون لمنع إحراج رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أو لتلافي الرد الأميركي، الذي قد يوجه نحو الفصيل الذي يتبنّى العملية.

عضو في "التنسيقي": قصف عين الأسد عمل فردي من جماعة تنتمي للمقاومة الإسلامية

وقاعدة عين الأسد، التي تضم أكبر عدد من القوات الأميركية في العراق، تعرضت لهجمات صاروخية عديدة منذ سنوات. وزادت بعد عملية "طوفان الأقصى"، في إطار الرد العراقي على المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. 

وجاء قصف عين الأسد الأسبوع الماضي بعد يومين من اجتماع عسكري استضافته واشنطن، وناقش فيه مسؤولون عراقيون وأميركيون مواصلة التنسيق الأمني والعسكري والاستشاري بين بغداد وقوات التحالف الدولي، ضاربة بذلك التوقعات التي كانت تُنذر بمفاتحة الأميركيين بشأن انسحابهم من العراق. بل ذكر البيان المشترك، أن العراق والولايات المتحدة أكدا "التزامهما بتطوير قدرات العراق الأمنية والدفاعية، وعزمهما تعميق التعاون الأمني عبر مجموعة كاملة من القضايا لتعزيز المصلحة المشتركة لكلا البلدين في أمن العراق وسيادته وفي استقرار المنطقة".

قصف عين الأسد عمل فردي

وقال عضو بارز في تحالف الإطار التنسيقي، الحاكم في العراق، إن قصف عين الأسد أخيراً "عمل فردي من جماعة تنتمي للمقاومة الإسلامية، ولا يمثل رأي الجميع فيها". وأوضح، في تصريح لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، أن قصف عين الأسد "تعبير عن مشاعر الغضب والرفض لما جاء في المباحثات العراقية الأميركية في واشنطن". واعتبر أن "واشنطن قررت عدم التعليق أيضاً، كون الهجومين لم يوقعا أي خسائر، والصواريخ الأخيرة وقعت في أرض متروكة بمحيط القاعدة ولا تأثير يذكر لها". ورأى أن "عدم تبنّي أي جهة لهجوم قاعدة عين الأسد قد لا يستمر في حال لم تُقدم الحكومة تطمينات كافية بشأن مصير مفاوضاتها مع واشنطن لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق".

تأطير العلاقة مع أميركا

عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، مهدي تقي، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة عازمة على تأطير العلاقة مع الولايات المتحدة أمنياً وعسكرياً، وكذلك إنهاء دور التحالف الدولي في العراق. لكن هناك جهات عراقية من المقاومة الإسلامية لا تقبل بأن يتحول العراق إلى أرض تؤوي الداعمين للمجازر المرتكبة بحق المدنيين في غزة، وهم الأميركيون"، موضحاً أن "مواقف المقاومة الإسلامية واضحة تجاه دعم الفلسطينيين وضرب الكيان الإسرائيلي، وهو جزء من رسالتها".

مهند سلوم: قصف عين الأسد هدفه إدامة زخم الهجمات على القوات الأميركية حتى خروجها بشكل رسمي

ويبدو أن حركة "النجباء" التي يتزعمها أكرم الكعبي، هي الجهة الوحيدة التي لا تزال تواصل ضرب القواعد العسكرية التي تستضيف الأميركيين، بالإضافة إلى إعلانها عن استهداف مقرات ومنشآت داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد ظهر الكعبي، منتصف يوليو الحالي، في مقطع فيديو بثته الجماعة، خلال عملية إطلاق طائرة مسيّرة ملغمة ثابتة الجناح باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. وظهر الكعبي في الشريط المصور مع عدد من مساعديه الذين يتولون نصب الطائرة المسيّرة داخل منطقة نائية، يعتقد أنها في الأراضي السورية التي تنشط داخلها الجماعة. وأكد البيان، وقتها، أن الهدف كان أم الرشاش (إيلات) المحتلة.

إدامة زخم الهجمات على الأميركيين

بدوره، رأى أستاذ الدراسات الأمنية في معهد الدوحة للدراسات العليا مهند سلوم، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "المليشيات العراقية، سواء كانت داخل منظومة الحشد الشعبي أو خارجها، لديها خبرة سياسية وعسكرية متراكمة، وأن قصف عين الأسد أخيراً هدفه إدامة زخم الهجمات على القوات الأميركية حتى خروجها بشكل رسمي"، معتبراً أن "هذه الهجمات ستشهد بها المليشيات لاحقاً للقول إنها أخرجت المحتل بالقوة ولم يخرج لأن أهدافه تحققت".

وأوضح سلوم أن "عدم تبنّي أي جهة لهذا الهجوم دليل على أن الفصيل الذي نفذ العملية لديه وعي واطلاع سياسي جيد، بحيث لا يريد أن يُحرج الحكومة والوفد العراقي الذي كان موجوداً في الولايات المتحدة، لكن في الوقت نفسه لا يريد تفويت الفرصة". وأكد أن "المليشيات لا تريد طرد الأميركيين بشكل نهائي من العراق أو حتى قطع التنسيق الأمني، بل تُريد أن تضغط على الولايات المتحدة وحلفائها لتحقيق أهداف تتجاوز حدود العراق". ولفت إلى أن "هذه الاستراتيجية تتناغم مع الاستراتيجية الإيرانية التي توظف أدوات القوة لزيادة مكاسبها، وليس للدخول في حرب أو عداء حقيقي مع قوى الغرب التي تتفوق عليها في كل المجالات تقريباً".

يُذكر أن الفصائل العراقية كانت قد دخلت في حالة تهدئة، مطلع فبراير/شباط الماضي، مع الجانب الأميركي، إثر تصعيد عسكري بين الجانبين، عقب اغتيال القيادي في "كتائب حزب الله العراقية" أبو باقر الساعدي، وتبنّى البنتاغون رسمياً المسؤولية عن العملية. ولم تنفذ الفصائل أي عملية ضد المصالح الأميركية في البلاد، ولم يتم قصف عين الأسد قبل هجومي الشهر الحالي، على الرغم من استمرار نشاط الطيران الأميركي المسيّر في الأجواء العراقية، خصوصاً فوق بغداد والأنبار وإقليم كردستان العراق.

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، نفذت "المقاومة الإسلامية العراقية"، التي تضم فصائل "النجباء" و"كتائب حزب الله" و"سيد الشهداء" والإمام علي" و"الأوفياء" وفصائل أخرى تُعرف بأنها مرتبطة أو مدعومة من إيران، أكثر من 200 عملية إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة على قاعدتي عين الأسد وحرير الأميركيتين في الأنبار وأربيل، غربي وشمالي العراق، إلى جانب هجمات مماثلة على قواعد أميركية شرقي سورية، ضمن الحسكة ودير الزور.