ضرب جيش الاحتلال الإسرائيلي، مجدداً، نقاطاً في سورية، يُعتقد أنها تابعة لـ"حزب الله" اللبناني والحرس الثوري الإيراني، وذلك في مدينة القنيطرة ومحيطها جنوب سورية. وجاءت الضربات الإسرائيلية الجديدة، بعد أيام قليلة من تحذير وزير الخارجية في حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، من موسكو، لإسرائيل، من استمرار استهدافها لسورية، وهي تحذيرات لطالما كرّرها النظام، دون أن يكون لها أي مفعول حقيقي على الأرض.
الجيش الإسرائيلي يستهدف نقاطاً في القنيطرة
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، فجر أمس الأربعاء، عن مصدر عسكري (لم تسمِّه)، قوله، "إنه حوالي الساعة 00.30 من فجر اليوم (ليل الثلاثاء- الأربعاء)، نفّذ العدو الإسرائيلي عدواناً بصواريخ أرض- أرض من اتجاه الجولان المحتل، مستهدفاً بعض النقاط في محيط مدينة القنيطرة جنوبي سورية". وأضاف المصدر أن القصف أدى إلى وقوع خسائر مادية فقط.
القصف استهدف مبنى مديرية مالية القنيطرة، ونقاط رصد ومراقبة تتبع لـ"اللواء 90"
من جهتها، ذكرت مصادر محلية أن القصف الإسرائيلي استهدف مبنى مديرية مالية القنيطرة، حيث يُعتقد أن المبنى تحول إلى نقطة رصد لـ"حزب الله" اللبناني، واسع النفوذ في الجنوب السوري. وأشارت المصادر إلى أن الصواريخ الإسرائيلية طاولت أيضاً نقاط الرصد والمراقبة التي تتبع لـ"اللواء 90" في قوات النظام بريف القنيطرة الأوسط، وتحديداً في بلدة رويحينة المحاذية للشريط الحدودي مع الجولان.
وهذه هي المرة الثالثة التي يقصف فيها جيش الاحتلال مواقع في جنوبي سورية خلال شهر فبراير/شباط الحالي. وكان الجيش الإسرائيلي قد قصف في التاسع من فبراير، بعض النقاط في محيط العاصمة السورية دمشق، منها مركز البحوث العلمية في منطقة جمرايا. كما قصف في 17 من الشهر الحالي، نقاطاً عدة في محيط بلدة زاكية، تابعة للفرقة السابعة في قوات النظام بريف دمشق الجنوبي. ومن المرجح أن المليشيات الإيرانية تتخذ من مقرات ألوية هذه الفرقة، أماكن تمركز ومستودعات لتخزين الذخيرة والسلاح.
تحذيرات فيصل المقداد
وجاء القصف الإسرائيلي لمواقع في محافظة القنيطرة ليل الثلاثاء – الأربعاء، بعد أيام قليلة من تحذير أطلقه وزير الخارجية في حكومة النظام من العاصمة الروسية، حيث تحدث عن أن النظام قادر على "ردّ الصاع صاعين" للجانب الإسرائيلي. وقال المقداد: "لن يتم التسامح مع الاعتداءات الإسرائيلية وسيعرفون أنه سيتم الرد عاجلاً أم آجلاً".
ولكن الوقائع تشير إلى أن قوات النظام عاجزة عن الرد على القصف الإسرائيلي الذي استهدف خلال سنوات الصراع في سورية، عشرات المواقع في مختلف المناطق السورية، من دون أي يلقى ذلك أي رد من النظام وحلفائه.
ويكتفي النظام السوري بإصدار بيانات إدانة للقصف الإسرائيلي، بدون أي تحرك عسكري على الأرض لردع جيش الاحتلال الذي كثّف من عملياته ضد مراكز عسكرية يُعتقد أنها إيرانية أو تابعة لـ"حزب الله"، وخصوصاً في محيط دمشق.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد أعرب خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع المقداد، عقب اللقاء الذي جمعهما في موسكو الإثنين الماضي، عن استنكار بلاده بشدة "مثل هذه الإجراءات (الإسرائيلية)، لأنها تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي، بل قد تسبب تصعيداً حاداً للأوضاع في نطاق المنطقة برمتها".
لكن المعطيات الميدانية تؤكد أيضاً أن هناك تنسيقاً عالي المستوى بين موسكو وتل أبيب في ما يخص الضربات الإسرائيلية المتلاحقة لأهداف داخل الأراضي السورية. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت قد أكد توصله مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مدينة سوتشي، إلى "تفاهمات جيدة ومستقرة بشأن سورية".
سيطرة متقدمة لـ"حزب الله"
وتعليقاً على الضربات الإسرائيلية الأخيرة، أكد الباحث في مركز "جسور" للدراسات، وائل علوان، وهو مواكب لعمليات الاستهداف الإسرائيلية لمواقع في سورية، أن الصواريخ الإسرائيلية استهدفت فجر الأربعاء سرية رصد واستطلاع تابعة لـ"حزب الله"، ومقر عمليات تابعة للحرس الثوري الإيراني في بناء المالية في القنيطرة.
الوجود العسكري لحزب الله والمليشيات الإيرانية في المحافظة معظمه يتعلق بمواقع رصد واستطلاع
وبيّن علوان أن الجانب الإسرائيلي كان قد استهدف هذه المواقع في العام الماضي، مشيراً إلى أن لـ"حزب الله" السيطرة الأكبر في المواقع المتقدمة في محافظة القنيطرة.
وحول طبيعة الوجود العسكري لـ"حزب الله" والمليشيات التابعة للحرس الثوري الايراني في المحافظة، أوضح علوان أن "معظمه يتعلق بمواقع رصد واستطلاع"، مضيفاً أنه "خلال النصف الثاني من 2021، بدأت عمليات نقل لمنظومات طيران مسيّر إلى مواقع داخل محافظة القنيطرة، بالإضافة إلى أجهزة تشويش وتجسس من قبل الإيرانيين وحزب الله".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد نفّذ خلال العام الماضي ضربات طاولت أهدافاً له في محيط قرية حضر بريف القنيطرة، وبناء المالية في المدينة. واستهدف في منتصف 2020 "مواقع استطلاع ومدافع مضادة للطائرات ونقاط مراقبة وآليات جمع المعلومات الاستخبارية ومراكز قيادة تابعة للجيش السوري في ريف القنيطرة"، وفق بيان صدر عن جيش الاحتلال في حينه.
وتقع محافظة القنيطرة إلى الجنوب الغربي من العاصمة السورية، بنحو 50 كيلومتراً، وتعد من أصغر المحافظات السورية لجهة المساحة، حيث تبلغ نحو 1200 كيلومتر مربّع. وتحتل إسرائيل منطقة الجولان التابعة إدارياً لهذه المحافظة منذ عام 1967.
وكانت فصائل المعارضة السورية سيطرت على أغلب محافظة القنيطرة، بعد معارك مع قوات النظام التي اضطرت للانسحاب إلى مواقع في ريف المحافظة، قبل أن تستعيدها بشكل كامل بدعم روسي في منتصف عام 2018، بعد إجراء عمليات تسوية مع عناصر هذه الفصائل.