شنت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، خلال الساعات الأخيرة، حملات اعتقال واسعة في عموم مناطق سيطرتها شمال شرقي سورية، ووسعت حظر التجول الذي فرضته في الحسكة ليشمل محافظة دير الزور، وسط دعوات دولية لتغيير التعامل مع الوضع في تلك المناطق.
وتحاول "قسد" أن تحكم سيطرتها على الوضع في مدينة الحسكة، حيث المواجهات مع عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي منذ أكثر من أسبوع في أعقاب الأزمة التي اندلعت إثر الهجوم على سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة، الذي يعد أكبر السجون التي تضم مقاتلين وقياديين من تنظيم "داعش".
وقال مراسل "العربي الجديد" إن "قسد" شنت حملة اعتقالات واسعة في مناطق سيطرتها، طاولت عشرات الشبان، وشملت مناطق عديدة في محافظات دير الزور والرقة والحسكة، جرى اقتيادهم إلى سجون "قسد" بتهمة "التعامل مع تنظيم داعش".
وأوضح أن من بين المنازل التي تمت مداهمتها من جانب عناصر "قسد" منزل أحد أفراد عائلة الصطّام بريف الرقة الشمالي، بذريعة البحث عن عناصر "داعش"، إضافة إلى اعتقال رجل طاعن في السن في منطقة أبو النيتل شمال دير الزور. كما جرى اعتقال شخص من أهالي قرية طيب الفال شمالي دير الزور بعد مداهمة منزله فجر الجمعة، الكائن في حي العالية في القرية.
وفرضت "قسد" حظراً للتجول يستمر حتى بداية الشهر المقبل في عموم مناطق سيطرتها بدير الزور، وبدأت بتسيير دوريات لمراقبة الحظر في أغلب المناطق، حيث جرى اعتقال عدة أشخاص على حواجزها.
وعزت ذلك إلى "تردي الأوضاع الأمنية"، في ضوء الأوضاع الساخنة التي تعيشها مدينة الحسكة بعد أسبوع من هجوم التنظيم على سجن الصناعة.
وفي هذه الأثناء، شنت طائرات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" غارات عديدة مساء أمس الخميس على سجن الصناعة، مستهدفة مجموعات من عناصر التنظيم ما زالت تتحصن في السجن وترفض الاستسلام.
وسمع دوي تلك الغارات في أرجاء المدينة، وتسببت في تكسير زجاج بعض المنازل من شدة قوتها، وسط اشتباكات متقطعة ومستمرة بين الطرفين في محيط السجن.
قلق دولي
على صعيد متصل، صرح مسؤولون خلال جلسة مجلس الأمن حول الوضع في شمال شرقي سورية بأن الهجوم الذي جرى على سجن الصناعة يظهر "الحاجة إلى تحرك دولي للتعامل معه".
وقال فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام لمكتب مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، أمام المجلس أمس الخميس، إن هجوم مسلحي تنظيم "داعش" على سجن الصناعة، الذي يضم حوالي 3000 من مقاتليه، وحوالي 700 طفل، هو "مأساة متوقعة، تسلط الضوء على ضرورة تحرك دولي عاجل".
وأضاف فورونكوف أن "معظم الرجال والنساء والأطفال ممن لهم صلات مزعومة بـ"داعش"، والمحتجزين في السجون والمعسكرات السورية، لم توجه إليهم تهم قط بارتكاب جريمة، ومع ذلك لا يزالون رهن الاحتجاز المطول، وغير متأكدين من مصيرهم".
وقال إنه "فزع من التقارير التي تفيد بأن الأطفال، الذين لم يكن ينبغي أبدًا أن يحتجزوا عسكريًا، استخدموا كدروع بشرية، حيث تُرك هؤلاء الأطفال فريسة لاستخدامهم وإساءة معاملتهم بهذه الطريقة".
وحذر المسؤول الأممي من تنامي تهديد "داعش"، بما في ذلك في سورية، وقال إنه منظم في خلايا صغيرة "مختبئة في المناطق الصحراوية والريفية، بينما يتنقلون عبر الحدود بين العراق وسورية لتجنب الإمساك بهم".
وأشار إلى أن القتال أسفر عن هروب عدد غير معروف من مقاتلي تنظيم "داعش"، مجدداً دعوته للدول لاستعادة مقاتلي "داعش" وعائلاتهم في السجون والمعسكرات في شمال شرقي سورية، مبديا في الآن نفسه استعداد الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في هذا الأمر.
من جهته، عبر مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية غير بيدرسون، في مداخلته أمام المجلس، عن قلقه على أمن وسلامة المدنيين الذين حوصروا ونزحوا من مناطقهم. ولفت إلى تحصن عناصر التنظيم في مهاجع للقاصرين من الفتيان واستخدامهم كدروع بشرية وتعريض حياتهم للخطر.
تمديد التسويات في الجنوب
جنوبي البلاد، قرر النظام السوري تمديد عملية التسوية، والتي كان فتحها يوم أمس في محافظة درعا ليوم واحد.
وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام إنه "نظرا للإقبال الكبير الذي شهده مركز التسوية في قصر الحوريات بمدينة درعا، تم تمديد فترة إجراء التسوية ليومين آخرين بغية إفساح المجال لجميع الراغبين بتسوية أوضاعهم والعودة إلى حياتهم الطبيعية".
من جهة أخرى، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن "حزب الله" اللبناني نقل مجددا، خلال الساعات الماضية، كميات من الأسلحة والذخائر من منطقة غرب الفرات إلى مناطق قرب الحدود السورية اللبنانية.
وأوضح المرصد أن شاحنتين محملتين بالسلاح انطلقتا من منطقة قرب آثار الشبلي الواقعة في محيط الميادين بريف دير الزور الشرقي، وعلى متنهما صواريخ قصيرة المدى وأخرى متوسطة المدى، إضافة إلى سلاح خفيف ومتوسط، وسلكتا طريق دير الزور– دمشق، لينتهي بهما المطاف إلى ريف دمشق عند الحدود السورية-اللبنانية، حيث تم إفراغ حمولتهما في جرود المنطقة، ضمن مواقع ومخازن تابعة لـ"حزب الله" الذي أشرف على عملية النقل.