رفض ممثلو العائلات البدوية في قرية الخان الأحمر الفلسطينية، شمالي القدس المحتلة، المهددة بالإخلاء والترحيل رفضاً قاطعاً ما قيل عن "مقترح" جديد بلوره مسؤولون إسرائيليّون لما سمي بـ"التسوية"، القاضي بنقل سكان القرية إلى مكان مجاور أوسع، بحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم الاثنين.
وأفاد المتحدث باسم العائلات البدوية في الخان الأحمر عيد خميس، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، بأن "هذا المقترح مرفوض من قبل سكان القرية جميعاً وهو لا يعنينا، خاصة أن أحداً لم يبلغنا به، ولم نعرف عنه إلا من خلال وسائل الإعلام فقط".
وأضاف خميس: "لقد رفضنا في السابق مخططات مماثلة لنقل وتهجير سكان القرية إلى مناطق مثل فصايل والنويعمة، وقبل ذلك إلى منطقة بوابة القدس عند مكب النفايات، وعند مقام النبي موسى، ومقترحات لمناطق أخرى، وتم رفضها جميعاً، نحن باقون هنا، ولن نرحل من حيث نقيم إلا إلى مناطق سكنانا الأصلية في النقب التي هجرنا منها في العام 1948".
ووفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإنّ المكان الجديد الذي سينقل إليه أهالي القرية مجاور للموقع الحالي، ويفصل بينها الشارع الرئيس. وتقع القرية في مناطق "ج" بين القدس وأريحا المحتلّتين.
وزعمت الصحيفة أن "مقترح التسوية" نُقل إلى أهالي قرية الخان الأحمر لبحثه، وفي حال الموافقة عليه، فسيُنقل المقترح إلى المستوى السياسي الإسرائيلي لإقراره.
يذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت قرارًا بإخلاء قرية الخان الأحمر قبل أكثر من عامين، وتوعّد رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، أكثر من مرّة، بإخلائها، إلا أن القرار أثار غضبًا فلسطينيًا وأوروبيًا واسعًا.
وفي ردها على التماس جمعية "ريغافيم" الاستيطانية ضد عدم تهجير وإخلاء قرية خان الأحمر، كتبت السلطات الإسرائيلية على لسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع بني غانتس، أن السلطات "ستحاول التوصل إلى تسوية لإخلاء الخان الأحمر خلال الأشهر المقبلة".
وجاء في رد الحكومة الموقّع من رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، ومساعد وزير الدفاع لشؤون الاستيطان آفي روئيه، أن "المستوى السياسي ما زال يصرّ على ضرورة تنفيذ أوامر الهدم في التجمع السكاني، ولا تغيير في موقف الحكومة بهذا الشأن".
وتعتبر سلطات الاحتلال الأراضي المقام عليها التجمع البدوي في الخان الأحمر "أراضي دولة"، وتدعي أنه "بني دون ترخيص".
ويحيط بالتجمع عدد من المستوطنات اليهودية؛ حيث يقع ضمن الأراضي التي تستهدفها السلطات الإسرائيلية لتنفيذ مشروعها الاحتلالي المسمى "E1".
ومن شأن تنفيذ عملية هدم قرية الخان الأحمر التمهيد لإقامة مشاريع استيطانية تعزل القدس المحتلة عن محيطها، وتقسم الضفة الغربية إلى قسمين، ما يؤدي إلى القضاء على خيار "حل الدولتين".
وفي هذا الشأن، يرى مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، خليل التفكجي، أن هدف سلطات الاحتلال من تهجير سكان قرية الخان الأحمر هو تنفيذ مخطط (E1) الاستيطاني، الذي يقضي على الوحدة الجغرافية للضفة الغربية ويربط المستوطنات بالقدس ويوسع مستوطنة "معاليه أدوميم"، والالتفات إلى خطورة المشروع الإقليمي الأوسع لعام 2050.
وأشار تفكجي في تصريح له إلى أن سلطات الاحتلال تسعى لبناء أكبر مطار في منطقة النبي موسى بين القدس وأريحا، ويمر عبره 34 مليون مسافر سنويا، وهي تطمح لرفع عدد السياح سنوياً إلى 12 مليون سائح، ستبني لهم في هذه المناطق فنادق ومناطق تجارية، بالإضافة إلى منطقة صناعية وغيرها من المشاريع التي تضمن للسياح التجول من الساحل إلى غور الأردن من دون وجود عرب في المنطقة.
ويوجد في المنطقة الممتدة من بلدة العيزرية شرقي القدس إلى غور الأردن 46 تجمعًا بدويًا، وجميع هذه التجمعات مهددة بالترحيل القسري، وينتشر هؤلاء في أربع مناطق أساسية هي عناتا ووادي أبو هندي وخان الأحمر والجبل، ويقدر عددهم بنحو سبعة آلاف نسمة، وترفض سلطات الاحتلال الاعتراف بوجودهم في هذه المناطق وتسعى لطردهم منها.
يذكر أن "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي عرضت، في السابق، ستة مخططات لبناء مواقع متقاربة، لتشكل قرية جديدة بالقرب من منطقة النويعمة، باسم (النويعمة وأبو ازحيمان) في أريحا، لنقل سكان التجمعات البدوية التي تقع ما بين القدس والأغوار إليها، تمهيدا للسيطرة على المنطقة.
ووفقاً لهذه المخططات في حال نفذت، فإنّ نصف مليون دونم من الأراضي ستكون خالية، حيث سيتم تحويل هذه المناطق إلى مستوطنات ومناطق تدريب عسكري ومحميات طبيعية، وبالتالي سيصبح من المستحيل عودة البدو الى تلك المناطق، فضلاً عن فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، ومتابعات اتحاد لجان العمل الزراعي في هاتين المنطقتين، فإن مساحة المخطط فيهما تصل إلى 1460 دونمًا، سيتم فيها تجميع 12500 من البدو القاطنين في التلال الشرقية للقدس بما فيها المعرجات، وبدو جبع، وعناتا، والخان الأحمر، وسطح البحر، والنبي موسى في منطقتي العيزرية والنويعمة وأبو ازحيمان، الذي يأتي ضمن "مشروع ألون" الذي تم طرحه منذ السبعينيات، لتهجير كل البدو الموجودين في منطقة القدس، لتحقيق ما يسمى بـ"بلدية القدس الكبرى"، وإنهاء الوجود الفلسطيني فيها.
ويشتمل المخطط الإسرائيلي على 450 مترًا مربعًا لكل عائلة، من دون مناطق رعوية، ما يدل على تحويل البدو من مربي ثروة حيوانية إلى عمال في المستوطنات.