قانون إقصاء "الإخوان" في مصر يدخل حيّز التنفيذ

24 ديسمبر 2022
صدرت بحق قيادات"الإخوان" أحكام قاسية وصلت للإعدام (حسن محمد/الأناضول)
+ الخط -

يبدو النظام المصري هذه الفترة أكثر تشدداً مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، الصادر بشأنها قرار باعتبارها "جماعة إرهابية محظورة"، وقياداتها المحكوم عليهم بأحكام تتراوح بين السجن المشدد والإعدام، وكل من تضامن معهم خلال فترة حكمهم البلاد (2012 – 2013).  

تشددٌ مع "الإخوان": فصل المعارضين من الوظائف

تشدُد السلطات المصرية مع أعضاء "الإخوان" بشكل خاص، والمعارضين بشكل عام، يتضح في الظروف القاسية التي يعيشها المعتقلون، بما فيها الحرمان من العلاج والزيارة، وأيضاً في مطاردة المعارضين بالخارج من خلال قرار لمحكمة جنايات القاهرة بإخطار الإنتربول الدولي بالقبض على إعلاميين بارزين في الخارج، وأخيراً في بدء تنفيذ قرارات "فصل" المعارضين من الوظائف الحكومية. 

أسرة وزير العدل المصري السابق المستشار أحمد سليمان تسلمت، قبل أيام، صورة ضوئية من قرار جمهوري بفصل الطبيب أسامة أحمد سليمان من عمله طبيباً شرعياً ثانياً في مديرية الطب الشرعي في محافظة الإسكندرية شمالي البلاد. 

وجرى فصل نجل الوزير السابق ضمن آخرين، بعد أكثر من 3 أشهر من صدور قرار من مساعد وزير العدل لشؤون الطب الشرعي، بإحالتهم إلى التحقيق ووقفهم عن العمل، بدعوى "ارتكاب أفعال تمس الأمن القومي المصري". وكان أسامة وثلاثة من زملائه قد رفضوا هذه التهمة جملة وتفصيلاً، خلال مثولهم للتحقيق في مكتب وزير العدل منذ عدة أشهر. 

بدأ في مصر تنفيذ قرارات فصل المعارضين من الوظائف الحكومية

ورجحت مصادر قانونية مقربة من أسرة المستشار أحمد سليمان احتمال اللجوء إلى القضاء الإداري لإقامة دعوى بإلغاء القرار الجمهوري، حال تسلمه رسمياً ونشره في الجريدة الرسمية (الوقائع المصرية). 

وتستند الدعوى المرتقبة إلى أن قرار الفصل "إداري" وقابل للطعن فيه، بوصفه قراراً "معيباً" يتضمن "تعسفاً" في استخدام السلطة والقانون، في ظل "افتقاده لأي قرائن جادة" تدل على ارتكاب الطبيب أسامة أحمد سليمان أي مخالفة قانونية تضر بأمن مصر القومي، فضلاً عن عدم إدراجه في قائمة الكيانات الإرهابية"، بحسب نص المادة الثانية من القانون المنظم عملية فصل الموظفين المنتمين إلى كيانات "إرهابية". 

واستند القرار الجمهوري، الذي وصل إلى الأسرة بشكل غير رسمي ولم ينشر حتى الآن في الجريدة الرسمية، إلى القانون رقم 10 لسنة 1972 في شأن الفصل بغير الطريق التأديبي، والمعدل بالقانون لسنة 2022، علاوة على مذكرة مرفوعة من مساعد وزير العدل لشؤون الطب الشرعي. 

وأوضحت المصادر القانونية أنه "تجرى إقامة الدعوى بشقها المستعجل بالمطالبة أولاً بوقف تنفيذ القرار إلى حين الفصل في الدعوى، واستناداً إلى وجود آلاف الحالات المشابهة، حيث أصدر القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا في مصر آلاف الأحكام بوقف الفصل من الوظيفة لحين البت في الدعوى بشكل تام". 

وتضمنت المذكرة، إلى جانب فصل أسامة أحمد محمد سليمان، وهو طبيب شرعي ثان في قسم طب شرعي الإسكندرية، فصل أشرف مجدي يوسف غيط، وهو طبيب شرعي ثالث في قسم طب شرعي القليوبية، وأحمد محمد عدوي محمد، وهو كيميائي شرعي في معمل كيميائي الإسماعيلية، وطارق مهدي أحمد محمد، وهو كيميائي شرعي أول في الإدارة المركزية للمعامل الكيميائية. 

وشمل القرار كذلك، بحسب الديباجة الرسمية، "الوقف عن العمل 6 أشهر أو إلى حين صدور القرار الجمهوري، أيهما أقرب مع وقف صرف نصف الأجر طيلة فترة الإيقاف". 

ولفت مصدر قريب من الأسرة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن القرار يعد "أول تطبيق لقرار فصل الإخوان من الوظائف الحكومية، والذي وقّع عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شهر يوليو/تموز 2021 بعد إقراره من البرلمان". 

وينص القانون على فصل أي موظف عمومي تقوم دلائل جدية على إضراره بالأمن القومي المصري، مع التشديد على أن القرينة الجادة هنا تتعلق بإدراجه في قانون الكيانات الإرهابية، وهو ما لم يتوفر في الأطباء الشرعيين الأربعة الذين صدر بحقهم القرار، بحسب مقربين من المفصولين. 

إقصاء لـ"تدفيع الثمن"

من جانبه، انتقد المستشار محمد أحمد سليمان، الرئيس السابق في محكمة سوهاج الابتدائية جنوب، وشقيق أسامة، قرار فصل شقيقه، قائلاً إن "هناك طابعاً سياسياً وتلفيقياً للقضية". 

واعتبر سليمان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن شقيقه "يدفع فقط ثمن كونه نجل وزير العدل المصري السابق، وأحد رموز استقلال القضاء، المستشار أحمد سليمان". 

وقال سليمان إن "الواقع يؤكد أن كل من شارك في إصدار هذا القرار، منذ بزوغ فكرة فصل أسامة حتى التحقيق معه في وزارة العدل، وصولاً إلى صدور قرار من الرئاسة بفصلهم، لا يعرف ما هي هذه الأفعال المزعومة، بل يوقن أنه لا توجد أفعال من الأساس، ولكن ليست لديه الجرأة ليعلن ذلك". 

وأضاف سليمان أن القرار يشكل "تعسفاً في استخدام السلطة، ويسوده الطابع الانتقامي"، موضحاً أن "شهوة الانتقام من شقيقه تعود إلى شهر مارس/آذار 2012". 

وسرد نجل وزير العدل السابق الواقعة، وفق روايته، قائلاً: حينما ثارت أزمة قضية التمويل الأجنبي، والتي قام فيها رئيس محكمة استئناف القاهرة حينها المستشار عبد المعز إبراهيم، وكان عضواً في مجلس القضاء الأعلى أيضاً، وينظر في تعيين دفعة النيابة العامة 2010، صدر قرار بإخلاء سبيل متهمين أميركيين بناء على تدخل خارجي، حيث كانت هناك طائرة خاصة تنتظرهم على أرض مطار القاهرة".

تعتزم عائلة وزير العدل السابق أحمد سليمان الطعن في قرار فصل نجلها من عمله

وأضاف: "صدر القرار بناء على ذلك التدخل السافر والانتهاك الفاضح لاستقلال القضاء، حينها تحرك قضاة تيار استقلال القضاء، وعلى رأسهم المستشار أحمد سليمان، الذي عُيّن لاحقاً وزيراً للعدل في عام الحرية، لعقد جمعية عمومية طارئة لمحكمة استئناف القاهرة لسحب التفويض الممنوح من الجمعية العمومية للمحكمة للمستشار عبد المعز إبراهيم، في رد فعل حاسم إزاء ذلك التصرف الذي بدر منه". 

وأضاف: "عقدت الجمعية العمومية للمحكمة، وكان أحمد الزند حينها رئيساً لنادي القضاة، وتبنى الاتجاه المعارض الذي يرى مساندة عبد المعز إبراهيم والسلطة ممثلة في المجلس العسكري الحاكم حينها". وأشار إلى أن "الزند استطاع حشد قضاة الموالاة وانتهت الجمعية برفض سحب التفويض من المستشار عبد المعز إبراهيم ودعمه في موقفه، وحينها قام أحد قضاة الزند بحمل عبد المعز إبراهيم على كتفيه قائلاً: (الصحافة فين الشريف أهو)". 

واستطرد الرئيس السابق في محكمة سوهاج الابتدائية، جنوبي مصر، قائلاً إنه "بعد الجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة بثلاثة أشهر، أصدر مجلس القضاء الأعلى قرار الموافقة على تعيين معاوني النيابة العامة دفعة 2010، وتم استبعاد أسامة من التعيين في النيابة العامة، بحجة أن عمره تجاوز ثلاثين عاماً وقت صدور القرار". 

وأكد محمد سليمان أن سبب الاستبعاد "لا يمت للقانون بصلة"، إذ إن العبرة "في وقت تقديم أوراق الترشح، وليس وقت إعلان النتيجة، وهو ما استقرت عليه أحكام مجلس الدولة صراحة". وأشار إلى أنه "بناء على رفض مجلس القضاء الأعلى تعيين أسامة، صدر القرار الجمهوري بتعيين دفعة 2010 خالية من اسمه، وهي الدفعة الوحيدة التي اعتمد الرئيس الراحل محمد مرسي قرار تعيينها بناء على قرار مجلس القضاء الأعلى، ما يدحض "أكاذيب الانتماء السياسي"، بحد تعبيره. 

ومضى بالقول: "تظلم أسامة سليمان إلى مجلس القضاء الأعلى من رفض تعيينه، فانتهى المجلس إلى قبول التظلم والموافقة على تعيينه معاوناً للنيابة العامة. وعقب إلقاء بيان انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 بحضور المستشار حامد عبد الله، رئيس مجلس القضاء الأعلى حينها، سُحبت الحركة القضائية مجدداً، وجرى استبعاد العشرات ممن تمت الموافقة على تعيينهم من قبل، بعد استعادتها من الرئاسة، في سابقة لم تحدث في تاريخ القضاء"، على حد قوله. 

وخاطب سليمان وزير العدل المصري عمر مروان بالقول، في رسالة على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك": "تعرف جيداً أن والدي المستشار أحمد سليمان آخر وزير جلس بحق على كرسي وزير العدل، وأنه يتعرض لحملة انتقام لا لشيء إلا لأنه قال (ربي الله)، ولو قبل ما قبله غيره لكان إلى اليوم على رأس وزارة العدل، لكنه أكبر من أن يبيع آخرته بدنياه أو دنيا غيره". 

وتابع: "يا سيادة وزير العدل، لقد فاحت رائحة الظلم حتى أزكمت الأنوف، والناس باتت تدرك يقيناً قدر كل شخص، فلم تعد تنطلي الروايات الكاذبة والحكايات المدلسة إلا على عقول الأراذل". 

 


 

المساهمون