قاعدة دستورية لاستيعاب حفتر

01 يوليو 2021
يسعى المجتمع الدولي لعزل حفتر عن خياره العسكري (أيمن محمد/الأناضول)
+ الخط -

غصّت دوائر النقاش داخل ملتقى الحوار السياسي الليبي، طيلة جلساته التي بدأت الاثنين الماضي وتنتهي اليوم الخميس، بالعديد من المقترحات التي رفعتها اللجنة الاستشارية للملتقى على شكل توصيات. وتهدف التوصيات إلى تجاوز الخلافات التي رسمت ملامح أزمة دستورية عميقة في البلاد، كادت أن تودي بالاستحقاق الانتخابي وتُفشل كل مسارات الوصول إليه، لولا تمسك المجتمع الدولي وإصراره على الأطراف الليبية بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، المقرر في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ومطالبات في أثناء جلسات ملتقى الحوار بضرورة توافق أعضائه على تمرير القاعدة الدستورية. فماذا وراء الإصرار الدولي؟
لم تبد البعثة الأممية أسباباً لتجاهلها مطالب الاستفتاء على الدستور، وإصرارها على ضرورة إجراء الانتخابات وفق قاعدة دستورية مؤقتة. لكن مسار الأحداث والمداولات، وشكل توصيات اللجنة الاستشارية، كشفا عن هدف هذا الاتجاه، الذي يتمثل في سعي المجتمع الدولي لاستيعاب اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وإفساح المجال أمامه للانخراط في العملية الانتخابية. وبمعنى آخر انخراطه في العملية السياسية كخطوة لعزله عن الخيار العسكري الذي لا يزال مصراً على تبنيه من جانب، وعزل حلفائه الدوليين، وتحديداً روسيا، التي لا تزال تتخفى وراءه.
وكما أن الأسباب وراء استبعاد مشروع الدستور بدت واضحة، كونه يمنع العسكر من الممارسة السياسية والمشاركة في أي انتخابات، كذلك كان واضحاً أن حصر نقاط الخلاف في القاعدة الدستورية حول انتخابات الرئيس وشروط الترشح والصلاحيات، وطريقة انتخابه بشكل مباشر أو غير مباشر، تمهيد للقبول بحفتر أو أحد المقربين منه.
وجرت المساومات، بحسب التسريبات المؤكدة، بين الموافقة على انتخاب الهيئة التشريعية بقوام غرفتين (مجلس النواب ومقره في الشرق ومجلس الشيوخ ومقره في الغرب) وانتخاب رئيس للدولة بصلاحيات مقلصة عبر القوائم (أي تضم كل قائمة رئيسا، ونائب رئيس، ورئيسا للحكومة)، مقابل السماح لمزدوجي الجنسية والعسكريين بالترشح للرئاسة، وعدم تنازلهم عن جنسياتهم ومناصبهم العسكرية إلا بعد الفوز.
كان الكثير من أعضاء الملتقى يفرغون شحنات غضبهم في تدوينات، عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أول خروجهم من قاعة الملتقى. ورغم حديث بعضهم عن تقديم "تنازلات مُرة" بهدف تجديد الشرعية لأجسام منتخبة، إلا أن الواقع يقول إن تمرير القاعدة الدستورية المؤقتة لم يكن إنجازاً، بل تم فرضه من قبل عواصم كبرى. المبعوث الأممي يان كوبيتش، وفي كلمة ألقاها في ثاني أيام الملتقى، قال إن الفاعلين الدوليين يشددون على "إقرار القاعدة الدستورية" للمضي نحو الانتخابات، مشيراً إلى أن هذا التشديد جاء بعد مشاوراته مع ممثلي خمس دول كبرى، ما يعني أنهم يتواجدون قريباً من قاعة الحوار.

المساهمون