قائد "أفريكوم" يلتقي الدبيبة و48 نائباً ليبياً يستنكرون تصريحات لافروف

29 سبتمبر 2021
لقاء قائد أفريكوم مع الدبيبة يعبر عن رفض أميركي لقرار سحب الثقة من الحكومة (Getty)
+ الخط -

شهد الملف الليبي حراكاً دولياً في الأيام القليلة الماضية بما يفتح الباب واسعاً أمام خيارات جديدة على صلة بالقضايا المتعسرة، سيما قضية توحيد المؤسسة العسكرية ووجود القوات الأجنبية والمرتزقة

وفي وقت زار قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الجنرال ستيفن تاونسند، طرابلس والتقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة لــ"بحث أوجه التعاون الأمني والعسكري المشترك بين ليبيا والولايات المتحدة"، أصدر عدد من أعضاء مجلس النواب بياناً استنكروا فيه تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بشأن وجود مرتزقة شركة الفاغنر الروسية في ليبيا بطلب من مجلس النواب. 

وبحث تاونسند ، أمس الثلاثاء، في طرابلس "أوجه التعاون الأمني والعسكري المشترك بين ليبيا والولايات المتحدة"، و"جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وخاصة في مناطق الجنوب الليبي"، كما بحث قضية اخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا والخطوات المتخذة فيها، وفقاً لايجاز صحافي للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، الأربعاء، كما شارك تاونسند في الاجتماع الأول لأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 في طرابلس. 

من جهة أخرى، استنكر 48 نائباً بمجلس النواب تصريحات وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، التي قال فيها أن تدخل مجموعة المرتزقة الروسية "فاغنر" في ليبيا "جاء بطلب من مجلس النواب". 

وقال النواب، في بيان مشترك، أنهم ينفون "نفياً قاطعاً ما جاء في تصريحاته (لافروف) وأننا لم نطلب كنواب تدخل الروس ولم نطلب الاستعانة بأي قوات أجنبية، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر"، مؤكدين "لم نناقش ذلك تحت قبة البرلمان ولم نصوت عليه". 

وكان لافروف أطلق تصريحات، خلال مؤتمر صحافي في نيويورك، جدد فيها نفي السلطات الروسية علاقتها بشركة فاغنر، وقال إنها شركة أمنية "تعمل تحت الطلب"، مؤكداً أنها موجودة في شرق ليبيا "بطلب من مجلس النواب الليبي". 

واللافت في زيارة قائد الأفريكوم لطرابلس ولقائه بالدبيبة، بصفته رئيساً للحكومة ووزيراً للدفاع، أنها تعني عدم اعتراف ضمني بقرار مجلس النواب بشأن سحب الثقة من الحكومة، بحسب قراءة الباحث الليبي في الشأن السياسي، مصطفى البرق، الذي يلفت أيضاً إلى أن هذه الزيارة أعطت دفعة إيجابية للملف العسكري، وأكد ذلك عقد لجنة 5 + 5 اجتماعاً رسمياً في العاصمة طرابلس لأول مرة. 

وكلها مؤشرات اعتبرها البرق، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، دليلا على قرب وصول المشهد الليبي إلى تفاهم ملموس بشأن توحيد المؤسسة العسكرية بدليل مجيء ممثلي حفتر في لجنة 5 + 5 إلى طرابلس. 

ورغم أن لجنة 5 + 5 لم يصدر عنها أي بيان حتى الآن بشأن اجتماعها في طرابلس، إلا أن البرق يرى فيها انعكاسا واضحا لتحركات دولية جديدة تستثمر انتقال المشهد في ليبيا من حالة الحرب إلى حالة السلم، وقال "تصريحات لافروف تأتي في سياق اتجاه المواقف الدولية لبناء رأي واحد، فموسكو ترغب في وجود حل لوضعها في ليبيا يضمن مصالحها، مشيراً إلى أن اعتراف موسكو لأول مرة بوجود فاغنر في ليبيا، بعد أن كانت تنفي ذلك، هو مؤشر جديد". 

ويعتقد البرق أن تغير الموقف الروسي قبل أيام من قمة مرتقبة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، على علاقة بوضوح الموقف الأميركي الراغب بشدة في وقف التغول الروسي في ليبيا، لافتاً إلى دور إعلان مجلس النواب الأميركي عن مصادقته على قانون استقرار ليبيا في هذا التوقيت. 

ورحب الدبيبة بإقرار السلطات الأميركية لقانون الاستقرار في ليبيا، واعتبر، في تغريدة على تويتر، الأربعاء، أنه دليل على دعم السلطات الأميركية لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وأشار إلى أنه سيمكنها "من ملاحقة الجهات المعرقلة لتحقيق الاستقرار في ليبيا". 

ويدعو القانون الرئيس الأميركي بشكل واضح إلى فرض عقوبات على أي شخص أجنبي يدعم أو ينخرط عن قصد في معاملة مهمة مع شخص أجنبي يعمل عن علم في ليبيا نيابة عن روسيا بصفة عسكرية، ويعلق البرق بالقول "دون شك العقوبات ستطاول حفتر، ومجلس النواب أيضاً بعد أن صرح لافروف بأن فاغنر جاء لليبيا بطلب منه". 

ولا يوافق الصحافي الليبي، سالم الورفلي، على إمكانية حدوث تغيرات في المشهد السياسي وفي الملف العسكري، إلا أنه يرى أن أي تغير هو رهين بتطور موقف دولي شامل ولن يكفي الانخراط الأميركي لوحده. 

ويولي الورفلي في حديث لــ"العربي الجديد" أهمية أكبر لمؤتمر باريس المرتقب حول ليبيا، المنتظر عقده في 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لبلورة موقف دولي ينتج رؤية موحدة تجاه الملف الليبي، وقال "الانخراط الأميركي له دوافعه الخاصة بالحسابات الأميركية، لكنه غير كاف لعرقلة الدور الروسي في المنطقة بأكملها، ولذا فمؤتمر باريس يهدف إلى حشد موقف أوروبي لن يذهب بعيداً عن دعم الموقف الأميركي"، مشيراً إلى عوامل أخرى تمهد لحشد موقف أوروبي داعم لواشنطن، منها غض عدد من العواصم الأوروبية طرفها عن الوجود العسكري التركي في ليبيا كونه الضامن الوحيد لموازنة الوجود الروسي. 

ويؤكد الورفلي أن تزايد وضوح مواقف العواصم الكبرى في الملف الليبي سيفتح خيارات جديدة تصب في مصلحة حل الأزمة الليبية، لكنه في ذات الوقت يؤكد على وصفها بالخيارات، ما يعني برأيه أن مسار التفاهمات الدولية لا يزال طويلاً ليصل إلى رؤية موحدة، فالملف الليبي لن يكون منفصلاً عن ملفات المنطقة بأسرها. 

وفي ذات الوقت يحذر الورفلي من مراوغات السياسة الروسية وإمكانية انخراطها بشكل مواز للانخراط الأميركي، ما يجعل من سيناريوهات رجوع حالة التأزيم في الملف الليبي راجحة، خصوصاً أن حظوظ حليفها حفتر الطامح للحكم والذي تفرغ للانتخابات مؤخراً ضيئلة جداً. 

المساهمون