في ذكرى اغتيال بلعيد.. انتقادات لتدخل وزارة العدل التونسية في القضاء

06 فبراير 2023
مرت 10 سنوات على اغتيال زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد (Getty)
+ الخط -

أثار إعلان وزارة العدل التونسية، قرارها تكوين لجنة خاصة بمتابعة اغتيال المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، مع الإذن بمهمة تفقد قضائي وإداري شاملة للملفات ذات العلاقة، جدلاً واسعاً في تونس، وسط اتهامات بتدخل السلطة التنفيذية في القضية.

ومرت 10 سنوات على اغتيال زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد في 6 فبراير/شباط 2013، ومن بعده زعيم حزب التيار الشعبي محمد البراهمي في 25 يوليو/تموز 2013، دون الحكم نهائياً في القضية وسط تجاذبات وخلافات تؤجج الساحة التونسية.

وجاء في بلاغ الوزارة، الصادر اليوم، أن هذا القرار يأتي "دعماً لمسار المحاسبة وكشف حقيقة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، قررت وزيرة العدل، ليلى جفال، تكوين لجنة خاصة تعمل تحت إشراف مباشر منها ومكلفة بمتابعة ملف الاغتيال ومحاسبة كل من تورط في تعطيل سير الملفات وسعى في طمس الأدلة والتأثير على المسار القضائي"، وفقاً للبيان.

وأذنت وزيرة العدل بمهمة تفقد قضائي وإداري شاملة للملفات ذات العلاقة بملف اغتيال الشهيدين، "لمتابعة حسن سير الإجراءات، بما في ذلك إحصاء المحجوز والمؤيدات بكافة مكوناتها وتتبع مسارها الإجرائي بالإضافة إلى رقمنة كامل الملفات وحفظها في محامل إلكترونية"، وفقاً للبلاغ.

وأكد القاضي السابق، عمر السيفاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تشكيل لجنة تفقد حول الملف يهدف لإظهار الحقيقة وتفقد سلامة الإجراءات وإظهار التقصير في الأبحاث أو عملية طمس للحقائق".

واستدرك السيفاوي قائلاً: "وأما أن يكون اتخاذ القرار تحت ضغوط سياسية أو لأهداف سياسية فيكون في ذلك الوقت أمراً خطيراً، لأن في ذلك تشكيكاً في عمل القضاء". وبين "ضرورة التوازن بين الحرص على سلامة الإجراءات وإبعاد الملف عن التجاذبات السياسية والحرص على استقلالية القضاء في نفس الوقت".

وأوضح السيفاوي أن الخشية من تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء مفهوم باعتبار أن هذا الملف غير طبيعي وقد تم توظيفه سياسياً وأصبح عرضة للتجاذب السياسي، وأصبحت أطراف تستعمله في خصومتها السياسية". وشدد على "ضرورة وضع حد للتوظيف السياسي وحسم الإشاعات في هذه القضية".

وقالت محامية عدد من المتهمين في الملف، إيناس الحراث، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "المحاكمات العادلة هي التي تصدر فيها أحكام في آجال معقولة، بينما هذا الملف انطلقت فيه المتابعات في نفس يوم حصول الجريمة منذ 2013، أي مرت 10 سنوات منذ حصول الجريمة دون صور حكم ابتدائي، بما يعني إيقاف أشخاص منذ ما يقارب العقد من الزمن دون أي حكم، وهو خارج عن أي تصور وللمعايير الدولية للمحاكمات".

وبينت أنه "دون صدور حكم لا نعرف من قتل شكري بلعيد مع توجيه التهم لعدد من الأشخاص المشتبه بهم، وهم أبرياء حتى يصدر حكم بات في حقهم". وتابعت "لفهم من يعطل الفصل في هذه القضية نرى أن محامي المتهمين جاهزون للترافع منذ سنوات ومحامي القائمين بالحق الشخصي عن ورثة بلعيد هم من يطلبون التأخير لأسباب مختلفة ومنذ سنوات".

وأضافت أن "الهيئة القضائية توافق على طلبات التأخير منذ سنوات، وهذا غير معقول، ثم تأتي وزيرة العدل لتعلن محاولات البحث عن الملفات التي تعطل وتعرقل الوصول للحقيقة في هذا الملف، وهو ما يعد ضرباً لمسار المحاكمة تماما، بعد ختم البحث في 2015 تأتي اليوم للبحث عن الحقائق وأناس مودعون في السجن منذ 10 سنوات، وإن كانت الحقيقة غير موجودة في هذه الملفات، لماذا يتواصل حبسهم ومن أجل ماذا؟".

وتابعت "وزيرة العدل تتحدث عن محاسبة من؟ القاضي الذي لم يصدر حكما أو هيئة المحامين التي تطلب التأخير أم من يقبعون في السجن دون محاكمة منذ 10 سنوات؟". وبينت أن "الأخطر هو النية المعلنة في تعطيل الملف وتأخير الحسم أكثر، بعنوان الحقيقة بعد 10 سنوات، ووجب أن نشعر بالقلق بخصوص العدالة التي يمكن أن تحصل وأن نحصل عليها في ظل هكذا مرفق عدالة".

من جانبه، وصف القاضي المعزول، حمادي الرحماني، بيان وزارة العدل، في تدوينة على حسابه بفيسبوك، بأنه "مسخرة جديدة واعتداء سافر على استقلال القضاء: وركوب جديد ومقرف على قضية الشهيد شكري بلعيد ومحاولة الاحتماء بحاضنة سياسية من الفظاعات التي ارتكبتها". 

وكان حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد قد أكد، في بيان، اليوم، 2023، "استغرابه مواصلة تقاعس السلطة والقضاء في التعامل مع ملف اغتيال الشهيد شكري بلعيد وملف الجهاز السري"، وفق تقديرهم.

وورد في ذات البيان أن "هذه الذكرى حلت وشبح الاستبداد الذي ناضل ضده الشهيد يطل برأسه من جديد عبر سياسة تكميم الأفواه ومحاكمة النقابيين وتضييق هامش الحرية الذي فرضته دماء الشهداء واستهداف الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية المناضلة والحركات الشبابية وشيطنة النضالات الشعبية وتخوينها".

وتابع "تحل هذه الذكرى ورصيد القرائن الذي يدين مباشرة حركة النهضة وجهازها السري يتقدم بفضل جهد ومثابرة هيئة الدفاع عن الشهيدين رغم أن مسار كشف الحقيقة كاملة وإدانة القتلة لا يزال يسير باحتشام وبطء بقدر احتشام السلطة القائمة في التعامل مع هذا الملف وإخضاعه لأجندتها وتوازناتها السياسية المأزومة"، وفق ذات البيان.

وأعلنت هيئة الدفاع عن "الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي" عقدها ندوة صحافية الأربعاء القادم سيتم خلالها الكشف عن تفاصيل جديدة تخص قضية اغتيال بلعيد والبراهمي.

وبينت الهيئة أنها "غيرت منهج تحركها واعتمدت استراتيجية جديدة للتعريف بالملف لدى الرأي العام الدولي"، وفق ما أكده عضو الهيئة رضا الرداوي، في ندوة صحافية بجنيف في سويسرا تحت عنوان "المعطيات الجديدة حول الاغتيالات السياسية لشكري بلعيد ومحمد البراهمي". وأفاد الرداوي بأن "جنيف هي أولى المحطات في هذه الاستراتيجية، وستتبعها مواعيد أخرى بفرنسا وبروكسل ونيويورك".

المساهمون