تشهد أذربيجان، الأربعاء، انتخابات تعتبرها المعارضة "مهزلة"، إذ يُتوقّع أن يفوز فيها الرئيس الحالي إلهام علييف، الذي تعززت صورته كقائد حربي بعد انتصار عسكري حققته باكو في إقليم ناغورنو كاراباخ في سبتمبر/ أيلول.
وكان من المقرر أن يجري الاقتراع الرئاسي المقبل في أذربيجان في عام 2025، لكن رئيس الدولة الواقعة في منطقة القوقاز قرر تقديم موعد التصويت من أجل "استعادة السيادة" على كامل الأراضي، بما في ذلك إقليم ناغورنو كاراباخ الذي سيطرت عليه باكو في هجوم خاطف ضد الانفصاليين الأرمن في سبتمبر/ أيلول بعد أكثر من 30 عامًا من الحروب والاشتباكات.
وتسببت هذه العملية العسكرية الأذربيجانية التي انتهت في 24 ساعة بنزوح كلّ السكان الأرمن تقريبًا من الجيب.
ويتباهى إلهام علييف (62 عامًا) بأنه "أعاد توحيد" بلده، وبالتالي يجب أن تتوج الانتخابات الرئاسية الأربعاء بداية "حقبة جديدة" لأذربيجان، كما قال في يناير/ كانون الثاني.
ويقول الخبير السياسي المستقل المقيم في باكو نجمين كاملسوي، لوكالة "فرانس برس"، إن "شعبية علييف في ذروتها" حاليًا، مضيفًا: "يشعر بأنه في أفضل موقع ممكن لتمديد سلطته لسبعة أعوام إضافية".
"مهزلة"
ولن يمنعه شيء من ذلك، وفق الخبير في حقوق الإنسان في جنوب القوقاز لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش" غيورغي غوغيا، لأن أذربيجان "واحدة من أكثر الدول القمعية في المنطقة".
في الأشهر الأخيرة، أوقفت السلطات نحو عشرة صحافيين مستقلين. وعرف المُعارض توفيق يعقوبلو المصير نفسه في ديسمبر/ كانون الأول. ووُجهت إليهم تهم مختلفة يعتبر المدافعون عنهم أنها ليست سوى ذرائع.
ويرى غيورغي غوغيا أن عمليات التوقيف هذه قد تكون مرتبطة بالانتخابات، موضحًا أن "النظام الأذربيجاني لا يريد ترك أي إمكان للانتقاد في البلاد" حتى في غياب مرشح موثوق ينافس علييف.
في أجواء كهذه، لا شكوك حول نتيجة الاقتراع، وفضّل حزبا المعارضة الرئيسيان مقاطعته. فقد رفض رئيس "الجبهة الوطنية في أذربيجان" علي كريملي المشاركة في هذه "المهزلة" التي ليست سوى "تقليد للديمقراطية".
وقال كريملي، في ديسمبر/ كانون الأول: "يتم انتهاك كل الحقوق الأساسية للمواطنين بشكل صارخ"، مذكّرًا بأن التجمعات محظورة ووسائل الإعلام "يسيطر" عليها النظام أو يعاقبها بعنف، فيما تُقمع كل أشكال المعارضة.
وأصبحت مقاطعة الانتخابات هي القاعدة، بحيث اتخذت الأحزاب المعارضة القرار نفسه خلال العديد من الانتخابات المحلية، وكذلك خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في العام 2018.
ويتنافس في مواجهة إلهام علييف ستة مرشحين غير معروفين، ولا يعتبر أي منهم معارضًا حقيقيًا، حتى إن أحدهم قد غنّى علنًا في الآونة الأخيرة مادحًا الرئيس الأذربيجاني.
في عام 2018، حصل علييف على 86% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وهي نتيجة تحققت على حساب "مخالفات خطرة"، بحسب مراقبين.
أمّا هذا العام، فالحملة الانتخابية شبه معدومة، في مؤشر بحسب مراقبين الى تزايد اللامبالاة بين السكان بنسبة أكبر من التي لوحظت في عام 2018 حين نُظّمت بعض التظاهرات.
"لا بديل"
ويرى الخبير نجمين كاملسوي أن المعارضة الأذربيجانية لا تحظى في أي حال "بشعبية" ويُنظر إليها على أنها "عفا عليها الزمن"، إذ لا تقدّم "رؤية للمستقبل أو أملًا" للشعب.
بدوره، يعتبر الخبير السياسي فرهاد محمدوف أن "لا بديل عن إلهام علييف". ويتهم منتقدو علييف الرئيس باستغلال عائدات النفط والغاز من أجل إثراء أقاربه، وقد عيّن زوجته مهريبان علييفا نائبة له، ومن الممكن أن يخلفه ابنه يومًا.
في المقابل، يشيد أنصاره بصفاته باعتباره يريد الحداثة وازدهار وأمن البلد. وانتُخب إلهام علييف رئيسًا لأذربيجان للمرة الأولى في عام 2003، خلفًا لوالده حيدر الذي كان يحكم البلد منذ عام 1969.
ويقول نجمين كاملسوي إن "لا شيء" يمكن أن يهدّد إلهام علييف، لأنه يملك "رأس مال سياسيًا واقتصاديًا يكفيه ليبقى في السلطة سنوات".
(فرانس برس)