فلسطين... رتابة حركة التحرر الوطني

10 يناير 2025
اجتماع لمنظمة التحرير في رام الله، 6 فبراير 2022 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يبرز النص التحديات التي تواجه منظمة التحرير الفلسطينية، مشيراً إلى تراجع دورها السياسي بسبب التماشي مع اتفاقية أوسلو، ويدعو إلى مراجعة جادة لممارسات الفصائل الفلسطينية في ظل التغيرات الإقليمية والعالمية.
- يشير النص إلى الانقسامات الداخلية والتذمر بين الفلسطينيين، مما يثير شكوكاً حول قدرة الحركة الوطنية على تحقيق أهدافها، ويؤكد على أهمية مواجهة الأسئلة المطروحة حول دور المنظمة.
- يدعو النص إلى إشراك الشعب الفلسطيني في نقاشات حول مستقبل القضية، مع التركيز على تحقيق أهداف تقرير المصير وإقامة الدولة وعودة اللاجئين، بدلاً من الانشغال بالصراعات الداخلية.

يتابع البعض الفلسطيني بين سنة وأخرى مؤتمراً عاماً لفصائل وتنظيمات تشكل في مجملها حركة التحرر الوطني، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية. وبكثير من الأسى يراقبون مآلات تحويل المنظمة إلى أدوار تتوافق وأكثر من 30 سنة من "اتفاقية أوسلو".

فتطبيق العربدة الصهيونية ــ الدينية فوق أرض فلسطين التاريخية، والمتغيرات الكثيرة خلال العقود الأخيرة في الإقليم وحول العالم، تفرض على فصائل وأحزاب الحركة الوطنية الفلسطينية إجراء مراجعات جدية لممارساتها وأدواتها، لا التمترس خلف الهياكل والشعارات وخداع الذات بأن "حلّ الدولتين على الأبواب".

بالتأكيد، تدرك نخب فلسطينية ما يدور بين شعبها أينما وجد، ويعرفون أن البعض وصل إلى حافة استغراب رتابة المشهد الرسمي وعند الحركة الوطنية. وهم يعرفون أن الانقسامات سبقت بسنوات حرب الإبادة على قطاع غزة. ذلك وغيره صار يثير تذمراً مكتوماً، وآخر غاضباً، إلى حد طرح شكوك غير صحية، وفي غير مصلحة مكونات حركة تحرر وطني.

إخفاء كل ذلك، وغيره الكثير حول دور المنظمة وتغييبها سياسياً ودبلوماسياً، في مشهد إلحاقها بالسلطة الفلسطينية، والتأخر حتى عن مجاراة تضحيات الشعب، لا يسمح للحركة الوطنية بتأدية الدور الكفاحي الذي يراهن عليه شعبها داخل فلسطين واللاجئ في الشتات. فكنس الأسئلة تحت سجاد "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" لا يخلق سوى مزيد من الوهم، ومنح الاحتلال الصهيوني كل الفرص للتلاعب، كما فعل منذ 1993. وحين يسأل الناس عن دور المنظمة فهو ليس بسؤال هامشي في سياق واجباتها وأدوارها التي تأسست وضحت من أجلها، بمختلف اتجاهات فصائلها، للتعبير عن إرادة الشعب لتحقيق ثلاثية حق تقرير المصير وإقامة الدولة وعودة اللاجئين. وأمام الاندفاعة الصهيونية - الدينية، مُعلنة الأهداف، من حق ناس الثورة الفلسطينية طرح مخاوفهم، وهم يراقبون إلى أي حد يصل مشهد العمل السياسي الجامع، بل وغياب حتى العمل النقابي.

حين يبدأ الشعب المُحتل، الذي يواجه بلحمه ودمه مشاريع تهجيره وإنهاء وجوده على أرضه التاريخية، بطرح أسئلة على حركته الوطنية، المفترض بها الاستناد إلى تضحياته، فعلى تلك الحركة التأمل ملياً، والإجابة بعمق، لا بالتنظير ودغدغة المشاعر والتخويف بحجة "البدائل"، أو الاستمرار في العيش داخل شرنقة أننا بصدد "تجسيد الدولة المستقلة"، إذا أبدينا سلمية مجانية أكثر. فمراجعة أي حركة تحرر وطني لوسائلها، وقراءة المتغيرات المستجدة حولها وداخلها ليس ضعفاً. ما يُضعف ويخلق فراغاً هو الهروب نحو أوهام إضافية، خاصة مع الوقائع التي لا تخفيها خرائط بتسلئيل سموتريتش، وغيره من الصهاينة المراهنين على مزيد من إضعاف حركة التحرر الوطني الفلسطينية.

أمام أكاذيب عن ضرورة "تحقيق طموح الشعب الفلسطيني في إقامة دولته"، كما يشيع بعض أهل الإقليم والسياسة الغربية، لتجاوز القضية الفلسطينية واستبدالها بتطبيع ودمج دولة الأبرتهايد والإبادة الجماعية في المنطقة، من واجب حركة التحرر الفلسطيني إشراك شعبها في نقاش ما يعد له، لا الانعزال عنه وإعطاء انطباع وكأن الوضع كان فردوساً وفي طريق تجسيد تلك الدولة المستقلة، لولا "طوفان الأقصى"، أي لولا الكفاح المسلح. كذلك الإقلاع عن تصديق قصة إبريق الزيت عن أن المزيد من التنازلات سيجعل الصهيونية أكثر اعتدالاً، وهي التي تعمل أساساً على نسف أسس بقاء الفلسطيني على أرضه، وسط إبداء البعض انشغالاً أكثر بمن سيرث هذا الكرسي وذاك المنصب، تزامناً مع محاولات تفريغ حركة التحرر الوطني من مضامينها وأدوارها وأهدافها.