فلسطين... أوهام "السلام العربي"

16 يونيو 2023
الساحة الفلسطينية لم تعد تناسبها الخطابات الرسمية (Getty)
+ الخط -

أكثر من ثلاثين عاماً مرّت على مفاوضات أوسلو، وقبلها مدريد في عام 1991، وبعدها المبادرة العربية للسلام، في قمّة بيروت العربية 2002، مع ما رافق تلك المراحل من تغيير فلسطيني وعربي في الخطابات والسياسات، واستجلاب وجوه "أكثر اعتدالاً".
والنتيجة الكلّية بادية للجميع. فلا دولة فلسطينية ولا حل "سلمياً"، بل تسويف ومزيد من ضمّ الأرض والاضطهاد، حيث يصبح قتل الفلسطينيين، بمن فيهم أطفالهم، مجرد "خطأ في التقدير".

فقد أحال جدار الفصل العنصري الأراضي الفلسطينية إلى جزر معزولة، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة التهويد وبناء المستوطنات وتغيير معالم القدس المحتلة. ومع ذلك، وغيرها من ممارسات احتلالية، يستمر البعض في الالتفاف المتذاكي على أهداف التطبيع باسم أنه "لخدمة قضية فلسطين"، من دون قدرة على لجم أيّ من سعار التطرف المستهزئ بالضحايا.

في كواليس التطبيع، ثمّة من ينفخ اليوم في قربة "المبادرة العربية" المخرومة، وتحت عنوان "نسخة مستحدثة". فلعل البعض يفهم أن الخروج من حرج إحالة دولة الاحتلال إلى "حليف وشريك" يتطلب العودة إلى أدراج المبادرات العربية، التي ركل الاحتلال كل "نواياها الطيبة"، وأوغل في إحراجهم بمنهجية تدمير آخر ما تبقى من أوهام "حلّ الدولتين".

قد يسأل البعض: وماذا في يد السياسات الرسمية العربية لتفعل؟

أقلّه ألا يُسوّق التطبيع باسم فلسطين، ولا استعادة نغمة تحميل الضحايا المُحتلين مسؤولية الكوارث التي جلبتها سياسات رسمية فشلت على المستوى الدولي في مواجهة الاحتلال بما يتوجب، وفقاً للقوانين الدولية نفسها التي تستحضر في كل موسم حديثاً عن "السلام".

مقابل ذلك، ثمّة حاجة على المستوى الرسمي الفلسطيني لوقفات كثيرة، من أجل الإجابة عن أسئلة جدية وعميقة بشأن الأوهام التي ظلّت تنتشر منذ "أوسلو". فلا يكفي التلويح اللفظي بمقاضاة الاحتلال أمام المحاكم الدولية، سواء تعلق الأمر بعدم مشروعية كل ما يقوم به الاحتلال فوق الأرض المحتلة، أو حتى بأحداث من مثل قتل الصحافية شيرين أبو عاقلة أو استهداف أطفال فلسطين بشكل متكرر. فسياسة ردود الفعل، وليس المبادرة إليها، لا تُصرف في مواجهة الاحتلال.

كان في يد السلطة الفلسطينية منذ 2004 فرصةً لتغيير المشهد ونسف كل أسس جدار الفصل العنصري وخدعة "الحكم الذاتي". فالساحة الفلسطينية التي راقبت بوضوح تحلل أسس حل الدولتين، لم تعد تناسبها في المواجهة لا أدوات ولا خطابات ما سرى لثلاثين عاماً، وفي الأخص مع استكمال أركان دولة الأبرتهايد على كل المستويات.