فصائل غزة... منع الانفجار مرهون بلجم الاحتلال والمستوطنين

31 مارس 2022
مستوطنون يقتحمون الأقصى في 16 مارس الحالي (الأناضول)
+ الخط -

تشير التحركات الإسرائيلية والرسائل الأخيرة التي وجهت عبر وسطاء إلى فصائل المقاومة والسلطة الفلسطينية إلى مخاوف حقيقية من "انفجار الأوضاع" والذهاب إلى جولة جديدة من التصعيد في الأراضي الفلسطينية، بالتزامن مع شهر رمضان (يبدأ مطلع إبريل/نيسان المقبل)، مع تهديدات المستوطنين المتطرفين بتنظيم اقتحامات للمسجد الأقصى تزامناً مع عيد الفصح اليهودي (يبدأ في 15 إبريل المقبل وينتهي في 23 منه).

وتبدو الحكومة الإسرائيلية والمستويات الأمنية قلقة من تصاعد الأوضاع وتخشى تدهورها، خصوصاً على جبهة غزة التي تفجرت في رمضان الماضي (امتد من 12 إبريل إلى 12 مايو/أيار 2021)، مع تزايد الانتهاكات التي طاولت حيّ الشيخ جراح في القدس المحتلة وحوله، في ظل تأكيد المقاومة الفلسطينية على "ترابط الساحات" والجبهات التي ثبتته معركة رمضان الماضية، والتي سمتها "سيف القدس".

الاحتلال يحاول امتصاص الغضب الفلسطيني

والحراك السياسي الذي شارك فيه الأردن والإدارة الأميركية مع السلطة الفلسطينية، ورسائل الوسطاء الأخيرة بشأن الهدوء والتسهيلات التي تمّ التعهّد فيها لغزة بشكل لافت، تبدو جزءاً من محاولة إسرائيلية لامتصاص غضب الفلسطينيين ومنع الذهاب إلى التصعيد، مع رغبة أميركية معلنة بالهدوء في ظل الانشغال بالأزمة الأوكرانية الروسية الحالية.

وعلى الرغم من عدم رغبة فصائل المقاومة في غزة الذهاب إلى تصعيد عسكري واسع كالذي جرى في رمضان الماضي، إلا أنه في حال تفجّرت الأوضاع الميدانية في القدس أو الضفة الغربية المحتلة وحتى في الداخل الفلسطيني المحتل، قد تدفعها للانخراط في هذا المسار، ويكون لها كلمة الفصل فيها.


يرغب الأميركيون في الحفاظ على الهدوء في الوقت الحالي

وحول هذه التطورات، قال القيادي في حركة "حماس" إسماعيل رضوان في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "المقاومة تتابع عن كثب كل مجريات الأحداث ولن تتخلى عن شعبها ولا عن المقدسات إذا تعرضت للانتهاكات".

ودعا إلى تكثيف تواجد المقدسيين وفلسطينيي الداخل المحتل وأهالي الضفة الغربية في المسجد الأقصى والرباط فيه، دفاعاً عنه ووقوفاً بوجه مخططات المستوطنين الذين يتوعدونه باقتحامات متكررة.

وحذّر رضوان الاحتلال الإسرائيلي من "ارتكاب أي حماقة بحق المقدسات والشعب الفلسطيني"، مذكراً بأن معركة "سيف القدس" في رمضان الماضي كانت من أجل القدس وحيّ الشيخ جراح، وأن المقاومة قالت بعدها إن "سيف القدس لم ولن يغمد".

وأشار القيادي في "حماس" إلى "حالة الرعب" التي تعتري الاحتلال الإسرائيلي نتيجة ترسيخ المقاومة فكرة "ترابط الجبهات"، مؤكداً أن لجم العدوان الإسرائيلي واستفزازات المستوطنين يجب أن يكون أولوية لكل المعنيين، في إشارة للوسطاء.

وشدّد على أن المساس بالقدس والأقصى والفلسطينيين في أي مكان عامل تفجير للأوضاع، محمّلاً الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن أي تحرك.

من جهته، أكد القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، خضر حبيب في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن الشعب الفلسطيني سيدافع عن أرضه وعن وجوده إذا استمر التغوّل الإسرائيلي ضده، معتبراً أن تفجر الأوضاع مرهون بمدى تصرف "العدو الصهيوني ومستوطنيه".

وقال حبيب إن على "العدو الصهيوني أن يفهم جيداً أننا شعب واحد، لا يمكن لغزة أن تترك الضفة والقدس والداخل كفريسة لهذا التغوّل"، موضحاً أن الشعب الفلسطيني مستهدف من قبل "المشروع الصهيوني". وحذّر من يحرص على عدم تفجر الأوضاع بأن عليه وقف التغوّل والعدوان والاستفزازات بحق الفلسطينيين ومقدساتهم وأرضهم.

بدوره، أشار الكاتب أحمد الكومي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الاحتلال متخوف من تكرار سيناريو رمضان 2021، وأن تذهب الأمور باتجاه التصعيد، مقدراً أن المقاومة في غزة "سترد ولن تقف مكتوفة الأيدي"، إذا انزلقت الأوضاع وزاد حجم الاستفزازات والانتهاكات في الأقصى، من أجل تثبيت معادلتها بترابط الساحات والجبهات الذي أفرزته معركة "سيف القدس".

وأوضح الكومي أن المقاومة أسست لمعادلة جديدة في 2021 بتأكيدها على أن ما بعد معركة "سيف القدس" لن يكون كما قبلها، لجهة ترابط الساحات وحضورها بشكل أساسي في القضايا الوطنية الكبرى، وهي توجّه رسائل واضحة بأن يدها على الزناد إذا مسّت المقدسات والفلسطينيون.

ولفت إلى وجود حراك إقليمي يعبّر عنه الوسطاء لتهدئة الأوضاع ومنع الانفجار، ليس في الضفة الغربية فقط، بل في غزة أيضاً، التي ردت بشكل واضح على الوسطاء بأن المطلوب من الاحتلال عدم استفزاز الفلسطينيين. وأشار إلى أن تفجر الأوضاع سيضع الاحتلال في مأزق في ظل انشغال الإدارة الأميركية بأزمة روسيا وأوكرانيا.


 أحمد الكومي: إما يمنع الاحتلال المتطرفين من اقتحام الأقصى أو التصرّف كمن يطلق النار على نفسه

وقدّر الكومي أن إسرائيل ستعمل بكل طاقتها من أجل ضبط الأوضاع وتفكيك عوامل الانفجار، كونها تعلم أنه في حالة التصعيد ستعرف المقاومة آلية الرد وطرقه وهي قادرة على قول كلمتها عندما يحتاج الوضع لذلك.

واعتبر أن الكرة في ملعب الاحتلال الإسرائيلي، وموقف الفلسطينيين واضح، فالقدس خط أحمر لدى الجميع، وما عاد الأمر شعاراً، فالمدافعون عن القدس كثر، وكل فلسطيني في الداخل والخارج رأس حربة في الدفاع عن القدس.

ورأى أن الاحتلال أمام معادلات صعبة، وهو الذي يحدد السيناريو المقبل، إما منع المتطرفين من اقتحام الأقصى وضبطهم ميدانياً أو التصرّف كمن يطلق النار على نفسه.

المقاومة وفرص الاشتباك مع الاحتلال

 من جهته، استبعد الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، في حديث مع "العربي الجديد" أن تبادر المقاومة في غزة للذهاب إلى حرب، غير أنه لفت إلى أنه لو حدثت تطورات ميدانية وخرجت الجماهير الفلسطينية كما العام الماضي تطالب قيادة المقاومة بالرد، فستجد المقاومة نفسها أمام اشتباك جديد مع الاحتلال ومواجهة متجددة.

ولفت أبو زايدة إلى أن الوضع في الضفة الغربية غير مستقر على الإطلاق، وهناك رصد إسرائيلي لحالة من "الكراهية للسلطة الفلسطينية" وحنق من الاحتلال نتيجة ما يمارسه ضد الفلسطينيين في الضفة والتمدد الاستيطاني، كما أن فلسطينيي الداخل المحتل لم يكونوا في حسبان القيادة الإسرائيلية، وهم الذين اعتبرتهم دولة الاحتلال في أكتوبر/تشرين الأول الماضي "جبهة مواجهة".

وأشار أبو زايدة إلى أن أي انفجار في قطاع غزة أو الضفة الغربية سيمتد إلى الأراضي المحتلة عام 1948، وهناك تماس مباشر مع الاحتلال ومستوطنيه وهي ليست مناطق كغزة والضفة يمكن إغلاقها وفصلها عن المستوطنين، موضحاً أن "تجربة العام الماضي تخيف الاحتلال من شهر رمضان المقبل".

واعتبر أن "إسرائيل تدرك أن هناك خطرا من التحركات التي يقوم بها المتطرفون في القدس والأقصى، والحكومة الإسرائيلية في نفس الوقت ضعيفة وتخشى مواجهة المستوطنين"، مشيراً إلى وجود طلب أميركي وأوروبي لإسرائيل بضرورة تخفيف التوتر ومنع الاستفزازات ومنع الاقتحامات للأقصى، خصوصاً في شهر رمضان.