فرص نجاح استهداف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية

08 أكتوبر 2024
منشأة بوشهر النووية الإيرانية، 10 نوفمبر 2019 (عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التوترات الإسرائيلية الإيرانية تتصاعد مع انتظار إسرائيل منذ 22 عاماً لفرصة مناسبة لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وسط شكوك حول نجاحها دون دعم أميركي.
- تواجه إسرائيل تحديات عسكرية في استهداف المنشآت النووية الإيرانية بسبب نقص القنابل المناسبة واعتمادها على طائرات قديمة، مما يحد من قدرتها على تنفيذ هجمات بعيدة المدى.
- تثير التقارير الاستخبارية مخاوف من تعاون روسي إيراني في المجال النووي، مما قد يسرع تقدم إيران نحو صنع سلاح نووي، مع تزايد الضغوط العسكرية على حزب الله.

يرجح أن يركز رد إسرائيل على قواعد عسكرية وربما استخبارية وقيادية

إلى أي حد سيعيد الهجوم القدرات النووية الإيرانية إلى الوراء؟

تظهر نطنز هدفا سهلا لكن ضرب المنشأة سيكون بمثابة إعلان حرب

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن إسرائيل كانت تنتظر منذ 22 عاماً لحظة الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة، التي استهدفت مواقع عسكرية في إسرائيل الأسبوع الماضي، وذلك من أجل تنفيذ مخططها بشنّ هجمات على المنشآت النووية الإيرانية، لكنها تساءلت عن مدى قدرتها على تنفيذ ذلك خلال الجولة الثانية الحالية من التصعيد، وإمكانية فشل الهجمات من دون دعم أميركي. وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين إسرائيليين سابقين وحاليين أقروا خلال مقابلات أجريت معهم بأنهم تساورهم الشكوك حول امتلاك الاحتلال الأسلحة المناسبة للتسبب في ضرر كبير للمنشآت النووية الإيرانية.

ومع ذلك، لفتت "نيويورك تايمز" إلى أن المسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) كانوا يتساءلون بشكل غير علني، على امتداد الأيام الماضية، حول إمكانية إعداد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ تلك الهجمات وحده، بعدما خلص إلى أنه قد لا يحظى بفرصة مواتية مثل هذه. وأمس هدد قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال حسين سلامي، بالرد بـ"قوة وصلابة وحزم" على أي اعتداء قد ينفذه الاحتلال الإسرائيلي على إيران، رداً على هجماتها الصاروخية الأخيرة، مضيفاً أنّ القوات الإيرانية "على أهبة الاستعداد".

وفي هذا الصدد، قالت "نيويورك تايمز" إنه من المرجح أن يركز الرد الإسرائيلي على إيران من خلال استهداف قواعد عسكرية، وربما بعض المواقع الاستخبارية أو القيادية، نقلاً عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم. وأشارت إلى أن إسرائيل لا يبدو أنها ستقوم منذ اللحظة الأولى باستهداف المنشآت النووية الإيرانية، مضيفة أنه بعد نقاشات عميقة تقرر الإبقاء على تلك الأهداف لوقت لاحق، في حال قررت إيران الرد مجدداً على الهجمات الإسرائيلية.

ورغم كل ذلك، تورد الصحيفة، هناك دعوات متصاعدة داخل إسرائيل، يعمل على ترديدها البعض في الولايات المتحدة الأميركية، من أجل استغلال هذه اللحظة لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية، وإرجاعها سنوات إلى الوراء، في ظل تحذيرات الاستخبارات الأميركية وخبراء غربيين من أن طهران على عتبة إنتاج القنبلة الذرية. وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه بينما يجري الحديث عن إمكانية رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم لإنتاج قنبلة نووية خلال أسابيع، فإن الواقع الأكثر موضوعية هو أن العلماء الإيرانيين سيحتاجون إلى أشهر، وربما أكثر من سنة، من أجل نقل اليورانيوم العالي التخصيب واستخدامه سلاحاً.

من جهة أخرى، لفتت "نيويورك تايمز" إلى أن النقاش الحالي حول الهجمات طرح الكثير من الأسئلة الجديدة من قبيل: إذا شنت إسرائيل هجماتها، فإلى أي حد ستعيد القدرات النووية الإيرانية إلى الوراء؟ وماذا لو كانت النتيجة عكسية ودفعت إيران إلى جعل برنامجها النووي أكثر سرية، والتسبب في دفعها إلى حظر دخول المفتشين النوويين الذين يجرون زيارات دورية لأهم المنشآت؟ وماذا لو دفعت الهجمات الإسرائيلية القيادة الإيرانية إلى حسم قرارها أخيراً بشأن الحصول على قنبلة نووية؟

منشأة نطنز.. هدف إسرائيلي دائم

من جهة أخرى، قالت الصحيفة إن منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم بإيران كانت على امتداد 22 عاماً محط أنظار تل أبيب وواشنطن، بالنظر لوجودها على عمق يصل لثمانية أمتار تحت الأرض في منطقة صحراوية. وأشارت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي طور خططه من أجل تدمير قسم جهاز الطرد المركزي فيها وتعطيله، حيث تعمل الآلاف من الآلات بسرعات فائقة على تخصيب اليورانيوم.

واعتبرت الصحيفة أنه بينما قد يظهر أن نطنز هدف سهل، فإن ضرب المنشأة سيكون بمثابة إعلان حرب. واستحضرت أنه على امتداد السنوات الـ15 الماضية، لجأت الولايات المتحدة الأميركية إلى العمل الدبلوماسي، والتخريب والعقوبات من أجل تعطيل البرنامج النووي الإيراني، ولم تستعن قط بالقنابل. وأضافت "نيويورك تايمز" أن واشنطن عملت كذلك على منع حصول إسرائيل على الأسلحة التي قد تحتاجها في ضرب منشأة فردو النووية المشيدة بداخل أحد الجبال.

وتطرقت الصحيفة إلى عدم امتلاك الاحتلال الإسرائيلي القنابل القادرة على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية. وأوردت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه حينما أصبح نفتالي بينت رئيساً للوزراء في عام 2021، تفاجأ بغياب "الاستعدادات" الإسرائيلية لشن هجمات على البرنامج النووي الإيراني، وأمر بالقيام بتدريبات تحاكي الطيران لمسافات طويلة مثلما تبعد إيران عن الأراضي المحتلة، وضخ موارد جديدة من أجل تلك الاستعدادات. وأشارت إلى أنه حتى اليوم، ما زالت قدرات إسرائيل "محدودة". وقالت إنها تعتمد على سرب من طائرات بوينغ 707 قديمة للتزود بالوقود جواً، ويحتاج الأمر إلى سنوات عديدة قبل حصولها من الولايات المتحدة على طائرات جديدة قادرة على حمل الوقود لمسافات أطول.

Image
خريطة المنشآت النووية والنفطية الرئيسية في إيران

في الإطار نفسه، قالت "نيويورك تايمز" إن القنابل القادرة على نسف التحصينات التي بحوزة إسرائيل تستطيع أن تكون فعالة ضد كل أنواع الأنفاق التي يخرن بها حزب الله الصواريخ، وقد مكنت قوات الاحتلال من اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الشهر الماضي. وأضافت أن الجانب الإسرائيلي يعتقد أنه قادر على ضرب الدفاعات الجوية التي تحيط بعدد من المنشآت النووية، مشيرة إلى أن الاحتلال ضرب أحدها لبعث رسالة في تبادل إطلاق صواريخ مع إيران في إبريل/ نيسان الماضي.

لكنها أشارت إلى أن إسرائيل لا تستطيع ببساطة الوصول إلى المنشآت النووية المحصنة والمشيدة بداخل الجبال. وأوردت الصحيفة في هذا الصدد تصريحاً للجنرال فرانك ماكنزي، الذي كان مسؤولاً عن خطط الحرب الإيرانية حينما كان يترأس القيادة الوسطى في الجيش الأميركي جاء فيه "الهدف النووي هو هدف صعب جداً"، مشيراً إلى أن: "هنالك العديد من الخيارات الأخرى البديلة بالنسبة لهذا الهدف". وأضاف أن الكثير منها يسهل تنفيذها، بما في ذلك ضرب منشآت الطاقة.

ثلاث مخاوف

من ناحية أخرى، قالت "نيويورك تايمز" إنه بمعزل عن قيام الاحتلال الإسرائيلي بضرب المنشآت النووية الإيرانية من عدمه، هناك أسباب جديدة تثير مخاوف بشأن مستقبل إيران النووي. أول تلك الأسباب ترتبط بتحذيرات متكررة لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال الأسابيع الأخيرة، أكد من خلالها أن تقارير استخبارية تشير إلى أن روسيا تزود إيران بالتكنولوجيا المتعلقة بالمسائل النووية. وأضافت أن مسؤولين يصفون ذلك بـ"مساعدة تقنية" من دون وجود أدلة على تزويد موسكو طهران بالمعدات التي تحتاجها من أجل صنع رأس حربي. وأشارت الصحيفة إلى أن التقارير الأميركية إذا ما ثبتت صحتها، فإن حاجة روسيا إلى الطائرات المسيّرة الإيرانية وبعض الأسلحة الأخرى في حربها مع أوكرانيا قد يعني بأنها قد تسرع تقدم إيران نحو صنع سلاح نووي.

أما التخوف الثاني، وفق الصحيفة، فيرتبط بالضربات التي وجهها الاحتلال الإسرائيلي إلى حزب الله خلال الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك اغتيال عدد من كبار قادته. وقالت إن ذلك قد يجعل إيران تحس بأنها معرضة للهجوم، ولن تستطيع التعويل على حزب الله في شن هجمات على إسرائيل. واعتبرت أن الانتقال نحو الحصول على سلاح نووي قد يكون السبيل الحقيقي الوحيد أمامها لردع إسرائيل. التخوف الثالث والأخير، بحسب "نيويورك تايمز"، هو أنه مع مرور الوقت سيصبح من الصعب بدرجة أكبر استهداف البرنامج النووي الإيراني.