استمع إلى الملخص
- الطريق مفتوح لمدة 12 ساعة يوميًا مع إجراءات أمنية مشددة تشمل التفتيش الدقيق ومنع عبور المشاة والدراجات، مما يسبب زحامًا وصعوبات للسيارات التي تفوتها المواعيد.
- إعادة فتح الطريق تعد خطوة مهمة نحو تخفيف معاناة السكان وإعادة الأمل في انتهاء الحرب، مع تأكيد السلطات والجيش الوطني على استعدادهما لمواجهة أي اختراقات أمنية وتعبير المواطنين عن سعادتهم بتحسن الحركة.
بعد تسع سنوات من الإغلاق، فُتح في 13 يونيو/ حزيران الحالي طريق تعز الحوبان الذي يصل بين وسط مدينة تعز، الخاضع لسيطرة الحكومة الشرعية، ومنطقة الحوبان شماليّ المدينة، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين. وكان الهدف من فتح طريق تعز الحوبان إنهاء معاناة أبناء تعز في التنقل، التي امتدت لتسع سنوات، لكن فرحة الأهالي لا تزال ناقصة، إذ يطالبون بفتح الطرق الأخرى، وأهمهما المطار القديم مفرق شرعب غرباً، وعصيفرة الستين شمالاً، وعصيفرة الحوبان شرقاً، بالإضافة إلى أن فتح طريق تعز الحوبان لا يزال خاضعاً لعدد من الإجراءات التي تعوق حركة الانتقال، لتشكل شاهداً على استمرار غياب الثقة بين الطرفين.
وعقب بدء الحرب في 2015، عمدت جماعة الحوثيين إلى فرض حصار خانق على مدينة تعز عبر إغلاق المداخل الرئيسية للمدينة، وفي مقدمتها طريق الحوبان التي تربط تعز بالعاصمة صنعاء والمحافظات الشمالية، وكذا بعدن والمحافظات الجنوبية. واضطر الأهالي إلى العبور في طريق التفافي عبر منطقة الأقروض جنوب شرقيّ تعز للوصول إلى منطقة الحوبان. وأصبحت الطريق التي تُعبَر في 15 دقيقة، يُنتقَل إليها عبر الطريق الالتفافي خلال أربع ساعات وبتكاليف مالية مضاعفة. وكان المرضى وكبار السن، بالإضافة إلى الأطفال، الأكثر تأثراً بالمعاناة جراء إغلاق الطريق الرئيسية، وهو ما فسّر حالة السعادة التي غمرت أبناء تعز بقرار فتح طريق تعز الحوبان من جديد، رغم العراقيل التي ظهرت تباعاً.
فتح طريق تعز الحوبان 12 ساعة يومياً فقط
واتفق الطرفان على فتح طريق تعز الحوبان لمدة 12 ساعة فقط في اليوم، من الساعة السادسة صباحاً حتى السادسة مساءً. كذلك حُصر الانتقال بين الجانبين عبر السيارات، حيث يحظر العبور للمشاة أو من خلال الدراجات النارية. كذلك فرض الطرفان إجراءات أمنية مشددة خوفاً من الاختراقات، أو التجهيز لهجوم مباغت من أحدهما، الأمر الذي أعاق حركة الانتقال، وسبّب زحاماً خانقاً في جانبي الطريق نتيجة خضوع السيارات للتفتيش الدقيق. ونتيجة لذلك، فإن السيارات التي تعجز عن عبور المنفذ قبل الساعة السادسة مساءً تضطر إلى الانتظار حتى اليوم التالي من أجل السماح لها بالعبور.
اتفق الطرفان على فتح طريق تعز الحوبان لمدة 12 ساعة يومياً
وكان المتحدث باسم شرطة تعز، النقيب أسامة الشرعبي قد أعلن، السبت الماضي، بعد يومين من فتح طريق تعز الحوبان استقبال 1638 سيارة آتية من الحوبان إلى مدينة تعز خلال يوم السبت من الساعة السادسة صباحاً حتى السادسة مساءً، أي بمعدل أكثر من سيارتين في الدقيقة الواحدة. وأضاف الشرعبي أنه في المقابل بلغ عدد السيارات المغادرة من تعز المدينة إلى الحوبان قرابة 500 طوال اليوم.
وقال الشرعبي، لـ"العربي الجديد"، إنه بالنسبة إلى الإجراءات في المنفذ، فإنه توجد لدينا نقاط تفتيش، وشرطة عسكرية، وشرطة نسائية، وأمن، وبحث جنائي، موضحاً أن "الإجراءات تتضمن القيام بعمليات تفتيش ومعاينة البطاقات، ونجحنا في ضبط عدد من المشتبه فيهم، وضبطنا أسلحة، ولدينا إجراءات أمنية داخل المدينة، ومنها تفعيل دور عقال الحارات (مخاتير الأحياء) لمواكبة التحديات". وأضاف الشرعبي أنه "في الجانب الأمني نكثف التحريات والإجراءات والتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لضبط العمل الأمني والخلايا والمشتبه فيهم، وقد ضُبط العديد من المشتبه فيهم، وسيتم الإعلان عن ذلك". وأكد أن "الجيش والأمن على أتمّ الاستعداد والجاهزية الأمنية والعسكرية لمواجهة أي اختراقات محتملة". ولفت إلى أن "الجيش الوطني في قمة الجاهزية، ونحن لا نثق بالحوثي وتعاملنا معه حذر جداً، ونُعدّ أنفسنا لأي مواجهات في الجانب العسكري".
ووفقاً لمذكرة متداولة حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، فإن إدارة عام شرطة محافظة تعز في مناطق الحكومة الشرعية أصدرت تعميماً إلى عقال (مخاتير) الحارات برفع تقارير يومية ببيانات الوافدين، والإبلاغ عن الساكن الذي لا يبلغ العقال باستقباله لوافدين، فضلاً عن طلبها الإبلاغ عن "المظاهر المشبوهة" والأشخاص المشتبه فيهم، والمطلوبين أمنياً أيضاً.
أسامة الشرعبي: الجيش والأمن على أتم الاستعداد لمواجهة أي اختراقات محتملة
في المقابل، تضمنت إجراءات الحوثيين تفتيش بطاقات الداخلين إلى مناطق سيطرتهم، وعرض الأسماء على جهاز حاسوب للكشف عما إذا كان الشخص ضمن قوام الجيش الوطني، أو من المبلغ عنهم، أو المطلوبين أمنياً. وإلى جانب الإجراءات الأمنية المتبعة جراء فتح طريق تعز الحوبان برزت مناكفات من نوع آخر. ففي مدخل منطقة الحوبان أصرّ الحوثيون على وضع صور عملاقة لزعيم جماعتهم عبد الملك الحوثي، وشعارات الصرخة الحوثية (الله أكبر... الموت لأميركا... الموت لإسرائيل... اللعنة على اليهود... النصر للإسلام)، فيما ردت السلطات المحلية في المنطقة برفع صور القائد العسكري اللواء الركن ثابت جواس الذي قتل مؤسس جماعة الحوثيين حسين بدر الدين الحوثي في عام 2004.
كذلك حرص الجيش الوطني على رفع الأعلام الوطنية وشعار الشرطة العسكرية التي تتولى حماية المنفذ. وخلال فتح طريق تعز الحوبان نفذت ألوية عسكرية تابعة للجيش الوطني مسيراً عسكرياً من مقراتها إلى الجبهة الشرقية حيث المنفذ إلى منطقة الحوبان في شارع الكمب القصر الجمهوري. وحرصت السلطة المحلية على الترحيب بالوافدين إلى مدينة تعز من منطقة الحوبان، ورفعت لافتات في الشوارع كتب عليها: "هنا تعز... أهلاً بكم في رحاب الجمهورية... هنا لا سيد إلا الشعب".
"نريد لهذه الحرب أن تنتهي"
وقال المواطن مالك المخلافي، لـ"العربي الجديد": "أشعر بسعادة غامرة لأني استطعت بعد تسع سنوات من إغلاق الطريق من دخول مدينة تعز من الطريق الرئيسي الذي يصلها بالحوبان، وتنزهت مع أسرتي في جبل صبر ووادي الضباب، وأدمعت (عيني) حين دخلت المدينة واستُقبِلنا بتوزيع الماء والعصائر والأناشيد الوطنية". وأضاف: "كان شعوراً لا يمكن وصفه، وأعطانا الشعور بالأمل أن الحرب ستنتهي، وأن أوضاع البلاد ستعود كما كانت في السابق، فنحن شعب واحد، نريد لهذه الحرب أن تنتهي، وأن يجتمع اليمنيون على كلمة واحدة تعالج ما أنتجته الحرب من تشرذم وانقسام".
من جهتها، قالت أحلام عامر، لـ"العربي الجديد": "انتظرت وصديقاتي تسع سنوات حتى نستطيع الخروج من المدينة إلى منطقة الحوبان وزيارة حديقة دريم لاند، ولاحظت لأول مرة هذا الكمّ الهائل من السيارات الداخلة إلى المدينة والخارجة منها، فأدركت أن أبناء تعز لا يستحقون الحرب ولا الحصار، لأننا شعب نحب الحياة". وأضافت عامر: "كانت هناك إجراءات أمنية من الطرفين أخّرت العبور من المنفذ، لكن يبقى ذلك أسهل بكثير من العبور عبر طريق الأقروض، ونأمل تسهيل الإجراءات من الطرفين وتسهيل عبور الناس من الحوبان وإليها، لأن ذلك سيخفف الكثير من معاناتهم، وخصوصاً بالنسبة إلى المرضى".