"فاينانشال تايمز": الحوثيون يستغلون حرب غزة لفرض أنفسهم كقوة إقليمية

10 يناير 2024
تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها تحديات في مواجهة "التهديد الحوثي" (Getty)
+ الخط -

ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن الحوثيين في اليمن، استغلوا الحرب بين إسرائيل و"حماس" لفرض أنفسهم قوة إقليمية، وتعزيز شرعيتهم من خلال تقديم أنفسهم كداعمين لفلسطين.

وقالت الصحيفة، الأربعاء، إن المشهد كان أشبه بكابوس أواخر العام الماضي على متن سفينة الشحن "غالاكسي ليدر"، التي استولى عليها "الحوثيون" في البحر الأحمر وأجبروها على تغيير مسارها إلى اليمن، لافتة إلى أنها كانت واحدة من أكثر الهجمات جرأة من بين أكثر من عشرين هجوماً نفذه "الحوثيون" على سفن تجارية خلال الشهرين الماضيين، وأدت إلى "تعطيل الشحن في طريق التجارة البحرية المهم ودفعت البحرية الأميركية إلى القتال".

وذهبت الصحيفة إلى القول إن الحوثيين من أكثر الفصائل نشاطاً في ما يسمى "محور المقاومة الإيراني"، منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، في 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذين كشفوا، من خلال فتح جبهة في البحر الأحمر، قدرة الجماعة المرتبطة بإيران على الإضرار بالمصالح الغربية، وصقلوا أوراق اعتمادهم مؤيدين للقضية الفلسطينية على الساحة الإقليمية والدولية، بحسب محللين.

"مقاولون عسكريون"

ونقلت الصحيفة عن فارع المسلمي، الباحث اليمني في مركز تشاتام هاوس للأبحاث، أن الحوثيين كانوا "مقاولين عسكريين جيدين للغاية، استغلوا الفرصة التي منحتها لهم الحرب". وأضاف: "إنهم يعتقدون حقاً أن الفرصة المناسبة جاءت لهم للدفاع عن فلسطين والوقوف ضد إسرائيل، وإظهار مدى نفاق الدول العربية الأخرى (لعدم القيام بالشيء نفسه)... ما دامت حرب غزة مستمرة، فالحوثيون سيواصلون صعودهم في البحر الأحمر".

وتابع المسلمي: "خلق هؤلاء تحدياً كبيراً للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، الذين يريدون حماية ممرات الشحن في المنطقة، لكنهم أيضاً قلقون من أن يؤدي الصراع بين إسرائيل و"حماس"، إلى حرب إقليمية أوسع.

ودخلت القوات الأميركية في صراع مع "الحوثيين" بدعوى حماية الشحن البحري العالمي في البحر الأحمر، الذي يمرّ عبره حوالى 15 في المائة من التجارة البحرية العالمية. وفي ليلة رأس السنة الجديدة، ردت مروحيات تابعة للبحرية الأميركية بإطلاق النار على قوارب "الحوثيين" الصغيرة التي كانت تهاجم سفينة حاويات، ما أدى إلى غرق ثلاث سفن للمتمردين وقتل أطقمها.

وتابعت الصحيفة: بعد يومين أطلق "الحوثيون" صواريخ باليستية مضادة للسفن في البحر، وهو الهجوم الـ24 للمتمردين على السفن التجارية في المنطقة، منذ أن استولوا على الناقلة "غالاكسي" التي ترفع علم جزر البهاما في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، وخلقت الخوف والاضطراب في البحر. كذلك أطلقوا طائرات من دون طيار، وصواريخ على ميناء إيلات جنوبيّ فلسطين المحتلة.

في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، شنّ الحوثيون واحدة من أكبر هجماتهم المشتركة حتى الآن، وفقاً للقيادة المركزية الأميركية، حيث أسقطت سفن حربية وطائرات أميركية وبريطانية 18 طائرة مسيرة، وصاروخين كروز مضادين للسفن وصاروخاً باليستياً واحداً.

وأشارت الصحيفة إلى أن شركة الشحن الدنماركية "ميرسك" أوقفت أخيراً جميع عمليات العبور عبر البحر الأحمر في "المستقبل المنظور"، وانضمت إلى نحو اثنتي عشرة شركة أخرى، بما في ذلك مجموعة "إنرجي بي بي" في تجنب هذا الطريق. وبدلاً من ذلك، يتعين على سفن الحاويات وناقلات النفط أن تقطع 5 آلاف ميل حول أفريقيا للوصول إلى أوروبا.

تحديات في مواجهة تهديد "الحوثيين"

وفي مؤشر على تزايد القلق الغربي، أصدرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، و10 دول أخرى، بياناً مشتركاً هذا الشهر تحذر فيه "الحوثيين" من أنهم سيتحملون العواقب "إذا استمروا في تهديد الأرواح والتدفق الحر للتجارة في الممرات المائية الحيوية في المنطقة". جاء التحذير، بحسب الصحيفة، وسط تكهنات بأن القوات الأميركية قد تشنّ ضربات على الحوثيين.

أعلنت واشنطن خططاً لتعزيز قوة المهام البحرية للبحر الأحمر، لكن لا يزال هناك خمس سفن حربية فقط من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة تقوم بدوريات في جنوب البحر الأحمر وغربي خليج عدن.

وتأمل الولايات المتحدة أن تنشر دول أخرى سفناً، لكنها تواجه تحديات في مواجهة التهديد. ونقلت الصحيفة عن سيدهارث كوشال، الباحث في مركز أبحاث روسي، أن إحدى القضايا هي أن السفن الحربية الغربية لديها مخزون محدود من الصواريخ الاعتراضية المستخدمة لتدمير المقذوفات، وبمجرد نفادها، على السفن العودة إلى القاعدة لإعادة الإمداد.

واتهم مسؤولون أميركيون إيران بأنها "متورطة بعمق" في التخطيط لهجمات "الحوثيين" على السفن، قائلين إن المتمردين استخدموا طائرات إيرانية من دون طيار، وإن طهران قدمت "معلومات استخباراتية تكتيكية" للجماعة.

وأشاد المسؤولون الإيرانيون بهجمات "الحوثيين"، لكنهم رفضوا المزاعم الأميركية بأن طهران متورطة في التخطيط أو زودت الجماعة بالأسلحة. وأصرت طهران على أن الجماعات المسلحة داخل محور مقاومتها، التي تشمل أيضاً "حماس" و"حزب الله" اللبناني، تعمل بشكل مستقل.

أبعد من إيران

وتذهب "فاينانشال تايمز" إلى القول إن "الحوثيين" الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية الزيدية، ليسوا متحالفين أيديولوجياً مع إيران مثل الحركات الشيعية المتشددة الأخرى في المنطقة. ومع ذلك، فقد اقتربوا من الجمهورية الإسلامية، حيث خاضوا حرباً استمرت قرابة تسع سنوات ضد التحالف الذي تقوده السعودية، والذي تدخل في الصراع الأهلي في اليمن بعد أن أطاح الحوثيون الحكومة اليمنية.

في عرض عسكري في العاصمة اليمنية صنعاء العام الماضي، عرض المتمردون طائرة مقاتلة، بالإضافة إلى مجموعة من الطائرات دون طيار والصواريخ والمركبات والقوارب والألغام المضادة للسفن. وكتب على اللافتات في المسيرة: "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل".

وقال المسلمي إن القوات الأجنبية والمحلية قلّلت من شأن "الحوثيين" منذ فترة طويلة، وهم جماعة متشددة من محافظة صعدة الجبلية الوعرة في أقصى الشمال، التي عانت سنوات من الحرب مع التحالف الذي تقوده السعودية. وقال: "هذه مجموعة قوية... لقد ورثت الأسلحة الروسية من الحكومة السابقة، وبنت قدرتها، ووضعتها ثماني سنوات من الحرب في ذروة تهريب الأسلحة بين اليمن والقرن الأفريقي والشرق الأوسط وإيران".

وأضاف: "الحوثيون سيذهبون إلى أبعد مما تريده حتى إيران".

وقال عبد الغني الإرياني، المحلل اليمني في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إنه حتى لو أرادت الولايات المتحدة ضرب "الحوثيين"، فإنها قد تكافح للعثور على أهداف لإلحاق أضرار كبيرة، مضيفاً: "أعتقد أن (قادة الحوثيين) هم بالفعل تحت الأرض الآن... لن يبقى أحد في مكان واحد... أنا متأكد من أن الولايات المتحدة تعرف أن الضربة ستزيد من شرعية الحوثيين وشعبيتهم، لذلك سيقدمون لهم خدمة".

المساهمون