شهد مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، مساء الإثنين، جدلاً في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بين البرلمانيين والحكومة، بسبب الانتقادات التي وجهوها لغياب الوزراء عن جلسات البرلمان، معتبرين ذلك نوعاً من "إفراغ المجلس من محتواه والاستهزاء به".
واحتجت كتل الأغلبية والمعارضة والمجموعات النيابية بمجلس النواب على حضور وزيرة واحدة من أصل 25 وزيراً يكونون الطاقم الحكومي عن جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، التي تعد من أهم أشكال مراقبة البرلمان للحكومة المنصوص عليها في الدستور المغربي، معبرة عن رفضها القاطع لطريقة تعامل الحكومة مع مؤسسة البرلمان.
وفي السياق، انتقد رئيس الكتلة النيابية لحزب "الاستقلال" بمجلس النواب، نور الدين مضيان، غياب الوزراء عن الحضور في جلسات البرلمان، معتبراً أن "جلسة اليوم، انطلقت في جو غير دستوري، وفي غياب أي وزير قبل التحاق الوزيرة جميلة المصلي، وزيرة الأسرة والتضامن.
ولفت مضيان في مداخلته إلى أنه "إذا كان الدستور ينص أن هناك تعاوناً وتكاملاً بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية؛ فإنه غائب"، داعياً رئاسة مجلس النواب إلى تصحيح هذا الخلل الذي طال أمده.
واتهم رئيس كتلة حزب "الاستقلال" حكومة العثماني بـ"إفراغ" مجلس النواب من محتواه الحقيقي، وعدم التعاون أو التجاوب مع تساؤلات البرلمانيين، ومع هموم المواطنين والمواطنات ومشكلاتهم، خاصة في هذه الظروف الدقيقة، مشدداً على أن "هذا الوضع غير صحي وغير مقبول".
من جهته، اتهم النائب البرلماني محمد أشرورو، عضو كتلة حزب "الأصالة والمعاصرة"، في نقطة نظام، الحكومة بـ"الاستهزاء" من البرلمان ومن الشعب المغربي، ما يجعل جلسة الأسئلة الشفهية غير مقنعة وفارغة من محتواها، معتبراً أن "التضامن الحكومي ضروري، ولكن في الوقت نفسه يجب تقديم أجوبة مقنعة للمغاربة خصوصاً في ظل هذه الوضعية التي خلفتها جائحة فيروس كورونا".
إلى ذلك، اعتبرت عائشة الأبلق رئيسة المجموعة النيابية لحزب "التقدم والاشتراكية"، أن هذا الوضع يجب ألا يستمر بهذا الشكل، مبدية استغرابها من حضور وزيرة واحدة في جلسة دستورية يتابعها المغاربة، وينتظرون فيها أجوبة الحكومة على تطلعاتهم وانشغالاتهم، علماً أننا في نهاية الولاية التشريعية التي من المفروض أن تسكن فيها الحكومة في البرلمان لتقديم الحساب للمغاربة.
بالمقابل، سجل مصطفى إبراهيمي، رئيس الكتلة النيابية لحزب "العدالة والتنمية"، الغياب المتكرر للوزراء عن البرلمان، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هناك وزراء يحضرون باستمرار وهم معروفون، ووزراء آخرون لا يحضرون إلا في مرات نادرة.
ودعا إبراهيمي إلى إنصاف الوزراء الذين يحضرون، مقترحاً عدم الإبقاء على الأسئلة المحورية في هذه الفترة، والرجوع إلى الوضع العادي عبر استدعاء جميع الوزراء، وعقد جلسة خاصة لمناقشة حصيلة الحكومة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتفجر فيها الخلاف بين البرلمان والحكومة بخصوص غياب الوزراء عن جلساته، وكان آخرها في فبراير/شباط الماضي، حين استنكرت مكونات مجلس النواب، أغلبية ومعارضة، بعد اجتماعها برئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، "الغياب المتكرر" لبعض وزراء سعد الدين العثماني عن جلسات الأسئلة الشفهية، وعدم التجاوب مع العديد من المبادرات التشريعية النيابية التي فاقت 200 مقترح قانون.
ويلح النواب على ضرورة تقديم أعضاء الحكومة لأسباب الغياب المتكرر لتفهمها، بعد أن تحولت لظاهرة غير مفهومة، وبعد أن تحوّل الغياب المتكرر إلى إشارات سلبية موجهة للمؤسسة التشريعية وللمواطن على حد سواء، ذلك أن الحضور الحكومي يشكل موعد التقاء مع الشعب عبر نوابه.
وبحسب أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لزرق، فإن الدستور المغربي ينص على تعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية، معتبراً أن غياب الوزراء هو من الناحية السياسية تملّص من رقابة البرلمان وإخلال بالتعاون في إطار دستوري واحترام متبادل.
ولا يستبعد لزرق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يكون وراء الجدل الذي دار الإثنين في البرلمان المغربي بشأن غياب الوزراء، مزايدات سياسية تعرفها الفترة التي تسبق الانتخابات، لافتاً إلى أنه من المفروض على الوزراء الحضور، وأن على رئيس الحكومة تنبيههم وحثهم على حضور جلسات المساءلة البرلمانية.