غموض و"مآزق دستورية" أمام قيس سعيّد لتشكيل الحكومة التونسية الجديدة

27 يوليو 2021
مر يومان من دون أن يكشف سعيد عن خريطة طريق للخروج من الأزمة (الأناضول)
+ الخط -

يعتري تشكيل الحكومة الجديدة، التي ستقود المرحلة الانتقالية في تونس، الكثير من الغموض، بعد الفراغ الذي خلفته إقالة هشام المشيشي وحكومته من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد، من دون تقديم أجندة وإجراءات لتفادي ذلك الفراغ.

ومر يومان منذ إعلان سعيد إعفاء رئيس الحكومة وعدد من الوزراء من دون أن يكشف عن خلفه وعن خريطة طريق للخروج من الأزمة والوضع الذي اعتبرته أحزاب ومنظمات "انقلاباً دستورياً"، في مقابل تمسك الرئيس بأن ما أقدم عليه يأتي "في إطار الشرعية واحترام الدستور".

واكتفى سعيّد في "بيانه الصفر"، بحضور القيادات العسكرية، بإعلان إعفاء المشيشي وتوليه السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعينه هو. 

وقالت أستاذة القانون الدستوري منى كريم، في تصريح لـ"العربي الجديد": "إننا في مأزق دستوري غير مفهوم التوجهات ولا النهايات".

وأشارت كريم إلى أنه في ظل عدم كشف الرئيس عن إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة، فإن هناك فرضيتان؛ الأولى في إطار الدستور عبر العودة للبند 89 من الدستور، ويعين بموجبها الرئيس شخصية لتولي رئاسة الحكومة بعد التشاور مع الأحزاب والكتل البرلمانية والائتلافات لتشكيل حكومة في غضون شهر، وتُطرح على البرلمان لنيل الثقة بالأغلبية المطلقة للأعضاء، 109 أصوات، وبالتالي يقتضي هذا السيناريو عودة البرلمان للانعقاد لمنح الثقة للحكومة الجديدة حتى تشرع في العمل، بما يرفع عنه التجميد في الاختصاص الرقابي.

وأشارت إلى أن سعيّد ركز في كلمته على تجميد الاختصاص التشريعي، بما يفسح المجال لإمكانية عرض الحكومة على البرلمان.

وبيّنت كريم أن الفرضية الثانية الخارجة عن الدستور تقوم على سيناريو الإجراءات الاستثنائية، بأن يصدر الرئيس أمراً رئاسياً يعين به رئيس حكومة أو وزيراً أولاً، وعدداً من الوزراء يؤدون اليمين أمامه لتصريف الأعمال، مع شرح مهام الحكومة وصلاحياتها بأمر رئاسي، مشيرة إلى أن هذا المسار "ليس له أرضية دستورية، إذ لم يتطرق دستور 2014 إليه". 

ويرى خبراء القانون الدستوري عموماً أن سعيّد في مأزق دستوري حقيقي بسبب تأرجحه بين خرق الدستور وتجاوز بنوده من جهة، وإعلانه للرأي العام أنه سيتصرف في إطار احترام نفس الدستور وأنه لن يتجاوز فصوله من جهة أخرى، في وقت لا توجد أسس دستورية لما يقوم به. 

ويتساءل التونسيون بحيرة عن شكل الحكومة الجديدة، وعن مواصفات رئيسها، وعن إجراءات تشكيلها، وموعد انطلاق عملها وبرنامجها، وسط غموض مطبق على سيناريوهات الخروج من الوضع الحالي.

ويكتنف الغموض مصير البرلمان المنتخب بعد قرار تجميد أعماله شهرا، وعما إذا كان سيستأنف أعماله في 25 أغسطس/ آب المقبل بانقضاء المدة، أم أن سعيّد سيذهب نحو تمديد حالة تعليق نشاط المجلس التشريعي رغم تحذيرات الأحزاب والمنظمات والمجتمع الدولي من تواصل الوضع.

وتساءلت عضو شورى حركة "النهضة" سناء المرسني، على صفحتها في "فيسبوك"، قائلة: "فلنتحدث بقليل من الجدية، وسؤالي للجماعة التي انساقت: أين الحكومة التي ستنقذ البلاد من الوباء ومن شبح الإفلاس، ومتى يعين رئيس الحكومة ويشكل حكومته؟ وأين خريطة الطريق للمرحلة القادمة ومتى الانتخابات السابقة لأوانها؟".

وأضافت: "طبعاً، هذه الأسئلة استنادا إلى خطاب السيد رئيس الجمهورية الذي أكد فيه تمسكه بالدستور والديمقراطية واحترام الحقوق والحريات".

المساهمون