لا يزال اتفاق التهدئة بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي رهن تطورات المباحثات غير المباشرة التي بدأتها الفصائل مع الاستخبارات المصرية قبل أيام عدة، والمستمرة إلى حين التوصل لاتفاق، كما يبدو من بعض التصريحات والتسريبات التي تخرج عن المجتمعين. ورغم عدم إحراز أيّ تقدم فعلي فيها حتى الآن، إلا أنّ استمرار وجود قياديي الفصائل في مصر تأكيد على السعي لاستمرار المباحثات، ومحاولات الوصول إلى اتفاق، يلبي مطالب الفصائل بالحد الأدنى، وهي التي تشاورت كثيراً فيما بينها قبل بدء المباحثات. وتبدو الصورة ضبابية، لكن المؤكد وفق معطيات "العربي الجديد" فإنّ "ما يجري بحثه حالياً هو تثبيت اتفاق التهدئة الذي أبرم في عام 2014 بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وليس اتفاقاً شاملاً، إلا لو تطورت الأمور إلى حيث الاتفاق الشامل وطويل الأمد، وهو ما لا إشارات توحي بحصوله حتى الآن".
وأعادت المصادر ذلك إلى "إصرار حركة حماس على فصل الاستحقاقات في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وهي التي لا تزال تؤكد أنّ ملف تبادل الأسرى بين المقاومة وإسرائيل منفصل تماماً عن التهدئة ووقف إطلاق النار والصواريخ والحصار والإغلاق، وأنّ هذا الملف وأي معلومات عنه يجب أنّ يسبقها إطلاق سراح أكثر من 50 أسيراً من الصفقة السابقة (صفقة شاليط) جرى إعادة اعتقالهم في الضفة الغربية".
لكنّ المباحثات التي شاركت فيها فصائل أخرى إلى جانب "حماس"، لم تسلم من تداعيات الانقسام الفلسطيني والخلاف الداخلي، فوصفها عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد بـ"المسرحية"، ووصمها بـ"الخيانة". قبل تراجع وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية عن هذا الخبر وتغيير صياغته. ونقلت الوكالة عن الأحمد قوله لإذاعة "صوت فلسطين"، إن "التهدئة عمل وطني وليس فصائلياً"، مبيناً أن "جميع فصائل منظمة التحرير أكدت أن أية مفاوضات حول التهدئة يجب أن تتم باسم منظمة التحرير". وذكر أن "ما يجري الآن بين حماس وإسرائيل ليس مفاوضات وإنما مهرجان للإعلان عن الاتفاق"، لافتاً إلى أنه "أبلغ الجانب المصري بتجنب موعد المجلس المركزي للإعلان عن التهدئة التي بدأ الجانب الإسرائيلي إجراءاته بتطبيقها".
على الأرض، خفّفت إسرائيل من جانبها بعض القيود المفروضة على البضائع في غزة، وأعادت فتح معبر كرم أبو سالم، منفذ غزة التجاري الوحيد معها، بعد أكثر من 45 يوماً على إغلاقه في وجه الفلسطينيين، إضافة لتوسيع مساحة الصيد البحري كما كانت قبل الإجراءات الأخيرة حتى 9 أميال بحرية. وقال رئيس اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع للقطاع رائد فتوح لوكالة "فرانس برس"، إنه "أُبلغنا من الجانب الإسرائيلي أنه سيتم اليوم (أمس) إدخال نحو 700 شاحنة محملة بالبضائع للقطاعين التجاري والزراعي والإغاثي، ولقطاع المواصلات، بينها 300 شاحنة محملة بمواد بناء".
ودعت الهيئة الوطنية العليا لمخيمات مسيرة العودة وكسر الحصار جماهير الشعب الفلسطيني للمشاركة بقوة في جمعة "ثوار من أجل القدس والأقصى"، يوم غدٍ الجمعة، وذلك "تأكيداً على حق شعبنا في المقاومة وتمسكه بالقدس عاصمةً لفلسطين". وهذا الجمعة ستبدأ المسيرات مبكراً، وستنطلق فيها الفعاليات على حدود القطاع الشرقية مع الأراضي المحتلة عند الساعة الثالثة بعد الظهر، بعد أنّ كانت الساعة الخامسة في الأسابيع الست الأخيرة.
وكان نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، المشارك في حوارات القاهرة للوصول إلى التهدئة، قد دعا في كلمة متلفزة نقلتها فضائية "فلسطين اليوم"، التابعة لحركته، إلى المشاركة الجماهيرية الفعالة في جمعة "ثوار من أجل القدس والأقصى". ولفت النخالة إلى أنّ "الفلسطينيين أمام اختبار جديد، وكل يوم نقترب أكثر من الانتصار، فإذا كان العدو يملك كل أسلحة العالم، فنحن نملك الأفضل في الرجال المقاتلين، ونقترب أكثر من القدس".