- باقري كني، بخبرته الطويلة في السياسة والمفاوضات الدولية، ومواقفه المتشددة سابقًا تجاه الغرب، أظهر دعمًا لاستمرار المفاوضات النووية، مما يشير إلى تحول في موقفه نحو دعم جهود إحياء الاتفاق النووي.
- قاد باقري كني مفاوضات دولية معقدة، بما في ذلك جولات في فيينا ومسقط والدوحة، ونجح في تحقيق تفاهمات جزئية لخفض التوتر مع الولايات المتحدة، مثل صفقة تبادل السجناء والإفراج عن أرصدة إيرانية، مما يعكس دوره المحوري في السياسة الخارجية الإيرانية.
جاء القرار بعد وفاة عبد اللهيان في حادث سقوط طائرة رئيسي
يواجه باقري كني ملفات ضخمة تعتريها تحديات وصعوبات
سبق أن أشهر علي باقري كني مراراً عداءه للاتفاق النووي
أقرت الحكومة الإيرانية في اجتماعها الطارئ، اليوم الاثنين، تسليم إدارة وزارة الخارجية الإيرانية إلى كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، نائب وزير الخارجية الراحل حسين أمير عبد اللهيان للشؤون السياسية. وجاء القرار بعد وفاة عبد اللهيان في حادث سقوط طائرة، أمس الأحد، والذي أدى أيضاً إلى مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومن كانوا معهما في الرحلة.
ويواجه باقري كني، وهو يقود الدبلوماسية الإيرانية بشكل مؤقت قبل انتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة جديدة، ملفات ضخمة، تعتريها تحديات وصعوبات، منها المفاوضات النووية المتعثرة، والتوترات الإقليمية على خلفية الحرب على غزة، والحفاظ على مسار تحسين إيران علاقاتها الإقليمية منذ اتفاق المصالحة مع السعودية خلال مارس/ آذار 2023.
وتسلّم علي باقري كني (57 عاماً) مهام نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية وكبير المفاوضين الإيرانيين، بعد تشكيل حكومة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي عام 2021. وبذلك خلف باقري كني الدبلوماسي الإيراني المخضرم عباس عراقجي. قبل توليه منصب نائب وزير الخارجية، شغل علي باقري كني منصب نائب رئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية، ورئيس لجنة حقوق الإنسان بالسلطة، وسبق أن شغل أيضاً منصب نائب أمين مجلس الأمن القومي للسياسة الخارجية والشؤون الدولية، وكان عضواً بارزاً بفريق إيران التفاوضي حول الملف النووي في عهد حكومة الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد (2005 ـ 2013).
وبعد فوز رئيسي بالرئاسة الإيرانية، عام 2021، طُرح اسم باقري كأحد أبرز المرشحين لمنصب وزير الخارجية خلفاً لمحمد جواد ظريف، وحضر إلى جانب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، في لقاءاته مع مسؤولين من دول عدة في طهران، الأمر الذي زاد التكهنات بشأن ذلك، غير أن أمير عبد اللهيان المقرب من الحرس الثوري، نال المنصب خلافاً للتوقعات الأولية الرائجة بشأن توليه من قبل باقري كني.
وقبل توليه منصب نائب وزير الخارجية، كان يُعرف باقري كني بقربه من السياسي المحافظ المتشدد سعيد جليلي، الأمين السابق لمجلس الأمن القومي، الممثل الحالي للمرشد الإيراني في المجلس، ومواقفه المتشددة في رفض الاتفاق النووي، وانتقاداته الحادة له وللمفاوضات التي خاضها الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، والتي توجت بالتوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 مع المجموعة الدولية.
وسبق أن أشهر علي باقري كني مراراً عداءه للاتفاق النووي خلال السنوات الماضية، معتبراً أنه شكل منفذاً لتدخل الأجانب في إيران، قائلاً: "نقضنا بأنفسنا في الاتفاق 100 حق من حقوقنا النووية". كما أعلن تحفظه على المفاوضات مع الغرب والولايات المتحدة. غير أن باقري كني الذي كان من ألد أعداء الاتفاق النووي، انتقل بعد توليه المنصب إلى جوقة داعميه الاتفاق، محاولاً إحياءه بعدما قررت حكومة رئيسي الاستمرار في المفاوضات النووية في فيينا، وهو ما أدى مع مرور الوقت إلى الابتعاد عن سعيد جليلي.
استكمال المفاوضات النووية
واستكمل علي باقري كني مسيرة سلفه كبير المفاوضين الإيرانيين السابق عباس عراقجي في قيادة المفاوضات في الجولتين السابعة والثامنة في فيينا، في إطار مجموعة 1+4 والمفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، قبل أن تنتهي المباحثات في محطة فيينا، وتنتقل إلى محطات سرية في مسقط والدوحة.
لم تسجل المفاوضات النووية في عهد علي باقري كني حتى الآن، اختراقاً في سبيل إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى اتفاق نووي جديد، لكنها في سياق إدارة التوتر مع الولايات المتحدة الأميركية توجت عبر الوسطاء، وخاصة الوسيط العماني والقطري والسويسري، بصفقة تبادل السجناء مع الإدارة الأميركية، عام 2023، شملت الإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة في كوريا الجنوبية، بقيمة ستة مليارات دولار، وإفراج طهران عن خمسة إيرانيين يحملون الجنسية الأميركية بعد أسابيع من نقلهم الى الإقامة الجبرية خارج السجن، وأفرجت واشنطن عن خمسة إيرانيين كانت تحتجزهم لأسباب ترتبط بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران.
محطات سرية خاضها علي باقري كني
كما خاض كبير المفاوضين الإيرانيين جولات عدة من المفاوضات غير المباشرة مع كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، توصلت أحياناً إلى تفاهمات جزئية بشأن خفض التوتر والتصعيد في المنطقة، على خلفية تصعيد إيران تخصيبها اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، وكذلك تصعيد حلفاء إيران في العراق وسورية الهجمات على القوات الأميركية خلال العامين الماضيين، بحسب ما قالت سابقاً مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد".
وأخيراً عقدت جولة أخرى من هذه المباحثات السرية غير المباشرة في سلطنة عُمان الأسبوع الماضي، بعد جولة يناير/ كانون الثاني الماضي، وذلك بعد أن شكلت عملية "طوفان الأقصى" والحرب على غزة عقبة أمام استمرار مسار التفاهمات الجزئية التي كانت تتركز حول الملف النووي وسبل خفض التصعيد بشأنه. لكن المفاوضات الأخيرة ركزت على خفض التصعيد الإقليمي إثر التوترات الناتجة عن الحرب على غزة، وما تبعها من هجمات حوثية مستمرة في البحر الأحمر، واستهداف السفارة الإيرانية في دمشق من قبل إسرائيل، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، والرد الإيراني عليه بعد أسبوعين.
وليس واضحاً بعد إن كان علي باقري كني قد شارك في الجولة الجديدة للمفاوضات غير المباشرة في مسقط، إذ أكد موقع أكسيوس الأميركي أن ماكغورك، والقائم بأعمال المبعوث الأميركي لإيران أبرام بالي، شاركا في المحادثات، من دون تسمية الطرف الإيراني المشارك فيها، كما أن البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة، التي أكدت عقد هذه المباحثات، لم تكشف عن هوية المشاركين الإيرانيين، غير أن علي باقري كني كان يشارك في الجولات السابقة من هذا النوع من المفاوضات، وعليه، يرجح أنه مثّل بلاده في الجولة الجديدة أيضاً. ومن هذه المفاوضات، ما جرى بين كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني وماكغورك في سلطنة عُمان خلال مايو/ أيار 2023.