"عقبات" في مسار استعادة العلاقات بين مصر وتركيا

18 ديسمبر 2022
تصافح أردوغان والسيسي في الدوحة (مراد كولا/الأناضول)
+ الخط -

علم "العربي الجديد" أن مسار تحسين العلاقات بين مصر وتركيا واجه في الفترة الأخيرة نوعاً من "العقبات"، تسبّبت في شيء من التعثر المؤقت لخطوات إجراء المصالحة واستعادة العلاقات بين البلدين بشكل كامل، بعد فترة انقطاع منذ 2013، إذ كانت هناك محاولات عدة لكنها أخفقت.

وبعد لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، في العاصمة القطرية الدوحة الشهر الماضي، التقت وفود استخباراتية من البلدين في القاهرة، لمناقشة القضايا الأمنية والعسكرية والسياسية والتجارية، بالإضافة إلى مسألة الطاقة.

دبلوماسي مصري سابق: مجالات الخلاف بين مصر وتركيا تتجاوز مسألة توقيع أنقرة اتفاقية عسكرية مع إثيوبيا

كما أوضح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، أن البلدين يريدان إعادة علاقاتهما الدبلوماسية كاملة و"في الأشهر المقبلة" سيتم تبادل السفراء، بعد سحب البلدين سفراءهما عام 2013.

وتأتي مسألة تعثر المفاوضات المصرية التركية بشأن استعادة العلاقات بين البلدين، في وقت قدمت فيه الحكومة التركية اتفاقاً عسكرياً موقعاً مع إثيوبيا عام 2021 إلى البرلمان للموافقة عليه. ويهدف الاتفاق، الذي أعطته لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي الثلاثاء الماضي الضوء الأخضر، إلى تقوية العلاقات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع إثيوبيا.

واعتبر نواب من المعارضة التركية أن خطوة التصديق على الاتفاقية تعد بمثابة "تضارب في السياسة الخارجية للحكومة" في وقت تنخرط فيه إثيوبيا ومصر في نزاع حول بناء سد النهضة على النيل الأزرق، بينما تحاول تركيا إصلاح العلاقات مع مصر.

الخلافات لا تنحصر في ملف واحد

وقال دبلوماسي مصري سابق، وهو خبير بالشؤون التركية، لـ"العربي الجديد"، إن "مجالات الخلاف بين مصر وتركيا تتجاوز مسألة توقيع أنقرة اتفاقية عسكرية مع إثيوبيا، فهي تشمل عدة ملفات وتتضح على أصعد عدة". وأضاف أن "الخلافات بين الدولتين لا تنحصر في ملف واحد، والشقاق بين البلدين كبير جداً".

ولفت الدبلوماسي، الذي تحفظ على ذكر اسمه، إلى أن "قضية الوجود التركي في ليبيا، ليست أمراً سهلاً بالمرة بالنسبة لمصر"، مضيفاً أن "مصر إن غضّت الطرف عن قضايا الإخوان واستقبال تركيا لخلايا إخوانية، لكنها لن تهادن في مسألة ليبيا".

أما بشأن الاتفاقيات العسكرية التي وقّعتها أنقرة مع أديس أبابا، فقال الدبلوماسي المصري إن "عقد الاتفاقيات بين الدول شأن سيادي"، مشيراً إلى أن تركيا "وقّعت منذ عام 2019 ثلاثة اتفاقات مع 3 دول جوار لمصر ودول مناطقية في العالم العربي، مثل إثيوبيا وهي دولة إقليمية مهمة، وقطر التي تعتبر حليفاً أمنياً عسكريا وتجارياً مهماً لها، والصومال وهي الدولة العربية التي لم يلتفت أحد لعلاقتها المتميزة بتركيا، وأخيراً ليبيا وهي أهم دولة بالنسبة إلى مصر منذ 2011".

وخلال زيارة رسمية لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إلى أنقرة في 18 أغسطس/ آب 2021، تم التوقيع على ثلاث اتفاقيات منفصلة من قبل وزارات الدفاع (بروتوكول تنفيذ المساهمة المالية، واتفاقية التعاون المالي العسكري، واتفاقية الإطار العسكري)، والأخيرة كانت أول ما قُدّم إلى البرلمان.

وتم إدراج مجالات التعاون في الاتفاقية على أنها "تعاون مشترك في التدريبات العسكرية والعمليات غير القتالية، مثل حفظ السلام والمساعدات الإنسانية وعمليات مكافحة القرصنة". كما تسمح الاتفاقية للبلدين بالتعاون في صناعة الدفاع.

ووفقاً للمادة الرابعة من الاتفاقية، يتفق الطرفان أيضاً على تبادل المعلومات الاستخبارية العسكرية. علاوة على ذلك، سيقدّم الطرفان الدعم اللوجستي المتبادل ويتبادلان الذخائر والمواد والخدمات في شكل منح أو مقابل مدفوعات.

وتم تضمين بند عن حماية المعلومات السرية وحقوق الملكية المادية والفكرية بشكل عام في اتفاقيات التعاون في مجال الصناعات الدفاعية التي وقّعتها تركيا مع الدول التي تخطط لبيع الأسلحة إليها في الاتفاقية الإطارية مع إثيوبيا.

التعاون التركي مع إثيوبيا رسالة لمصر

وبحسب الدبلوماسي المصري السابق، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنه من الممكن أن "يُنظر إلى عرض الاتفاق العسكري التركي مع إثيوبيا على البرلمان على أنه رسالة من أنقرة ضد تعاون مصر المتزايد مع اليونان في شرق البحر المتوسط، وهو ما يهدد المصالح التركية".

وبحسب شبكة مراقبة البحوث الاسكندنافية (نورديك مونيتور)، قال النائب والدبلوماسي التركي المتقاعد أحمد كامل إروزان إن تركيا "واجهت مشكلات خطيرة مع مصر وقت توقيع الاتفاقية، وهذا ليس الوقت المناسب الآن للتصديق عليها". وتابع إروزان "لا يوجد تنسيق بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، والمصادقة على الاتفاقية ستزعج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي".

اتفاقيات تركية مماثلة مع 86 دولة

من جهته، صرح نائب وزير الخارجية التركي فاروق كايماكجي أن الاتفاقية "لا تستهدف أي دولة ثالثة"، مضيفاً أنه "تم توقيع اتفاقيات مماثلة مع 86 دولة حتى الآن".

أحمد كامل إروزان: الوقت ليس مناسباً لتصديق تركيا الاتفاقية مع إثيوبيا

وفي زيارته إلى واشنطن لحضور القمة الأميركية الأفريقية، سعى السيسي، الأربعاء الماضي، إلى مساعدة الولايات المتحدة في الضغط على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي التقى في اليوم السابق رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.

وذكر بيان للرئاسة المصرية أن السيسي بحث مع بلينكن "قضية سد النهضة. وأكد الرئيس تمسك مصر بتطبيق مبادئ القانون الدولي ذات الصلة، ومن ثم ضرورة إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد للحفاظ على الأمن المائي لمصر وعدم المساس بتدفق المياه في نهر النيل الذي قامت عليه أقدم حضارة عرفتها البشرية منذ آلاف السنين".

ومنذ فترة، تحاول حكومة أردوغان إصلاح العلاقات المضطربة مع مصر، بعد سنوات من الخلافات. وفي مارس/آذار 2021 أعلن جاووش أوغلو أن المفاوضات الدبلوماسية مع مصر قد بدأت من دون شروط مسبقة.

والتقى أردوغان السيسي وتصافحا في افتتاح كأس العالم في الدوحة في 20 نوفمبر الماضي. واعتبرت المصافحة الودية خطوة مهمة في عملية التطبيع الجارية بين البلدين. وقال أردوغان، للصحافيين لدى عودته من قطر: "إن تآزر الأمة التركية والشعب المصري في الماضي مهم للغاية بالنسبة لنا. لماذا لا تبدأ من جديد؟ أعطيناهم الإشارة".

المساهمون