اتفق قادة عسكريون في ليبيا على توحيد صفهم من أجل المضي باتجاه دعم تنظيم انتخابات حرة خلال العام الجاري 2023، والاستمرار في عقد اجتماعاتهم في طرابلس وبنغازي.
جاء ذلك في ختام اجتماع ضمن أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة "5 + 5"، وعدد من قادة المجموعات المسلحة من المنطقتين الغربية والشرقية، الأربعاء، في العاصمة التونسية، برعاية البعثة الأممية في ليبيا.
ويعد الاجتماع هو الأول الذي يضم لجنة "5 + 5" مع قادة المجموعات المسلحة من غرب وشرق البلاد، إذ اعتادت اللجنة على عقد اجتماعاتها في مقرها الرسمي بمدينة سرت، وسط شمال البلاد.
وقالت البعثة الأممية، في بيان ليل الأربعاء-الخميس، إن الاجتماع هدف "إلى إرساء بيئة آمنة ومواتية للدفع بالعملية السياسية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة خلال العام الحالي 2023".
ونقلت البعثة عن المجتمعين تأكيدهم على أن مصالح بلادهم "تتجاوز كل المصالح الشخصية للأطراف كافة"، وكذلك "وجوب الامتناع عن استخدام القوة وأعمال العنف، والاعتقال أو التهديد، للحصول على مكاسب سياسية، أو مادية، أو لمصالح جهوية أو فئوية".
كما اتفق المشاركون على "تجريم أعمال العنف التي تضر بالسلم الأهلي، وتهدد العملية السياسية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة"، وتجريم أعمال العنف والهجمات، وعمليات الخطف، والترويع الموجهة ضد المدنيين.
وأكد المجتمعون على ضرورة العمل على "منع الأعمال التي من شأنها إعاقة أو تأخير إيصال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين"، وكذلك "عدم تقييد حركة الأشخاص والبضائع بين كافة المناطق الليبية وعلى جميع وسائل المواصلات والنقل".
وضمن سعيهم لدعم جهود المصالحة الوطنية، اعتبر المجتمعون "جبر الضرر، ورد المظالم الناتجة عن النزاعات المسلحة السابقة، وإرجاع النازحين والمهجرين إلى مناطقهم من أهم ركائز جهود المصالحة.
وختمت البعثة بيانها بالتأكيد على اتفاق المجتمعين على ضرورة استمرار التواصل بين قادة الوحدات الأمنية والعسكرية من أجل العمل الأمني المشترك لضمان تأمين العملية الانتخابية.
ويقول الباحث في العلاقات الدولية، المختص في الشأن الليبي، البشير الجويني، بأن "جل ما تم ذكره (في بيان البعثة الأممية) ورد بصيغة إنشائية معظمها مبني للمجهول".
ويؤكد، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "بعيداً عن المتفائلين بمخرجات الاجتماع أو المتشائمين باستحالة قرب الحل في ظل الانقسامات التي تشق ليبيا عمودياً وأفقياً، فلا بد من الإقرار بعدد من الملاحظات الأساسية أهمها: أن المسألة الأمنية والعسكرية معقدة على الإطلاق، فما بالنا في بلد شهد حروباً أهلية وتدخلات أجنبية".
ويضيف الجويني أن "مسارات الحل الأمني متعددة ومتوازية يلخصها المختصون في أبعاد من أهمها: جمع السلاح، وبرامج الإدماج، وتصنيف المجموعات المسلحة وإدخالها في بنية الجهاز الأمني العسكري الوطني، وكذلك توحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية وفق شروط موضوعية".
وشدد الجويني على ضرورة "إرسال رسائل طمأنة للجميع: للعسكريين في ما يخص مستقبلهم في المشاركة في بناء البلد، وللمدنيين السياسيين بتوفير ضمانات بعدم الارتداد إلى حكم العسكر والفرد، وتضمن حياة سياسية مدنية تنافسية وفق خصوصيات البلد".
وأضاف الجويني: "نأمل أن تكون محطة تونس خطوة على طريق درب طويل وشاق، مثلما مثّلت اجتماعات تونس لبنة للوصول إلى اتفاق جنيف الذي تستظل به النخبة والمؤسسات في ليبيا في انتظار إنهاء المراحل الانتقالية وتأسيس المرحلة الدائمة التي عبر 2.8 مليون ليبي عن رغبتهم فيها عبر التسجيل في الانتخابات".
وفي آخر لقاءات لجنة "5+5" منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، دعا المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، اللجنة لـ"إشراك التشكيلات المسلحة بهدف خلق بيئة مواتية للسلام والأمن المستدامين في ليبيا".
وكثف باتيلي منذ توليه لمهامه في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مشاركاته في اجتماعات لجنة "5 + 5"، كما شارك في اجتماعات اللجنة التي استضافتها العاصمة التونسية مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بمشاركة مجموعة العمل الدولية المعنية بالمسار العسكري في ليبيا، والتي تتكون من ممثلين عن تركيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا ومصر والاتحاد الأفريقي، التي تجتمع دورياً لتقييم الأوضاع الأمنية في ليبيا.
وتأسست لجنة "5 + 5" عام 2020، منبثقة من اتفاق وقف إطلاق النار الموقَّع في أكتوبر من العام ذاته، نتيجة للقاء برلين الأول الذي عقد في أثناء حرب طرابلس الأخيرة، وتتكون اللجنة من خمسة من كبار الضباط، يمثلون معسكر غرب البلاد و5 يمثلون شرقها، فيما خصصت مدينة سرت لاحتضان مقرها الرئيس.
ولم تتمكن اللجنة حتى الآن من إنهاء أهم استحقاقين باقيين ضمن مهامها، وهما توحيد المؤسسة العسكرية، وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من ليبيا، رغم اجتماعاتها المتكررة.