عزوف الكفاءات والصراعات السياسية يعرقلان الهيئات الدستورية في تونس

25 مارس 2021
تونس تواصل محاولاتها لتجاوز معيقات إرساء الهيئات (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

بالرغم من مرور 7 سنوات على الدستور الجديد في تونس كأحد منجزات "ثورة الحرية والكرامة"، تعيش الهيئات والمؤسسات الدستورية تعطيلاً وعراقيل حالا دون إحداثها أو ملء المناصب الشاغرة بها، لتتحول إلى نقطة سوداء تشوب التجربة الديمقراطية التونسية، وتؤرق بال الحكومات والبرلمانات المتعاقبة.

ومن جملة 5 هيئات دستورية أقرّ الدستور إحداثها، لم يتمكّن برلمان تونس إلا من إرساء الهيئة العليا للانتخابات، التي تمثل نقطة مضيئة في المسار الديمقراطي في البلاد بشهادة المنظمات الدولية التي راقبت نزاهة وشفافية مختلف المحطات الانتخابية التي عاشتها تونس بعد "ثورة الياسمين" في 2011 سواء الرئاسية أو التشريعية أو البلدية.

وتعطل انتخاب كل من هيئة حقوق الإنسان، وهيئة الحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد، وهيئة الاتصال السمعي البصري، وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة، لعدة أسباب تعود إلى توتر المناخ السياسي، وصعوبة إيجاد توافقات داخل البرلمان لجمع الأغلبية العددية اللازمة وهي 145 صوتاً، في وقت يعيش فيه البرلمان تشتتاً وفرقة بين مختلف مكوناته، بحسب ما فسرته أستاذة القانون الدستوري وخبيرة الشأن البرلماني، منى كريم.

وأوضحت كريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "التوتر السياسي الذي تعيش على وقعه البلاد عموماً، والخلافات الدائرة داخل البرلمان والصراعات المتواصلة، أثرت سلباً على مناخ الثقة وعلى رغبة الكفاءات والخبراء في مختلف المجالات في الترشح وتحمل المسؤوليات؛ بسبب ما يتابعه الجميع من عنف وإهانات تلحق بكل من تحمل مسؤولية، سواء في الهيئات القائمة أو في الدولة عموماً".

ولفتت كريم إلى أنّ "الأغلبية المطلوبة أيضاً تقف عائقاً كبيراً أمام البرلمان في غياب توليفة برلمانية قادرة على الاتفاق بالثلثين لتمرير الترشيحات من جهة، وهي أغلبية اختارها المشرع لإكساب أعضاء الهيئات الدستورية مصداقية واستقلالية وحياداً مفترضاً على الأحزاب، باعتبار أنه يصعب على كتلة أو حزب أو أكثر الانتخاب بمفرده دون إشراك أكبر طيف برلماني ممكن".

تعطل انتخاب كل من هيئة حقوق الإنسان، وهيئة الحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد، وهيئة الاتصال السمعي البصري، وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة

وتمكّن البرلمان، أمس الأربعاء، من تجاوز عقبة الأغلبية العددية المطلوبة لانتخاب المحكمة الدستورية، بالنزول بالأغلبية العددية المطلوبة من الثلثين إلى ثلاثة أخماس، في حال عجز البرلمان، خلال الدورات الثلاث الأولى عن انتخاب أي عضو.

ويمكن أن يفتح تعديل قانون المحكمة الدستورية، المجال أمام تعديل القوانين المحدثة لبقية الهيئات الدستورية المعطلة ولتنقيح القانون الإطار المشترك لها أيضاً.

وأوضح رئيس اللجنة الانتخابية، سمير ديلو، في ندوة صحافية، أنّ أسباب تعطّل تجديد تركيبة بعض الهيئات يعود، حسب تقديره، إلى نقص ورود الترشّحات لعدد من الأصناف المعنية بالتّجديد.

وقال ديلو إنه "في إطار أعمال اللجنة بخصوص هيئة حقوق الإنسان والمتمثلة في استكمال قائمة المترشحين المقبولين في صنفيْ مختص في حقوق الطفل ومختص في علم النفس، تم فتح باب الترشحات في مناسبتين". 

وتابع قائلاً "اضطرت اللجنة رغم ذلك إلى ضبط قائمة المترشحين المقبولين في صنفيْ مختص في حقوق الطفل ومختص في علم النفس بمترشح واحد أو مترشحين اثنين".

وأضاف رئيس اللجنة الانتخابية بالبرلمان أنه "بخصوص تجديد نصف تركيبة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، فقد تمّ فتح باب الترشحات في ثلاث مناسبات للحصول على عدد الترشحات المطلوب توفرها بنص القانون"، مشيراً إلى "أنه في إطار تجديد نصف تركيبة مجلس هيئة النفاذ إلى المعلومة، تم فتح باب الترشحات في مناسبتين، ورغم ذلك تواصل عدم تقديم ترشحات في صنف أستاذ جامعي مختص في تكنولوجيا المعلومات برتبة أستاذ تعليم عال أو أستاذ محاضر، مما اضطر اللجنة إلى فتح آجال قبول الترشحات في مناسبة ثالثة".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وبالنّسبة إلى هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة، فأفاد بأنه تمّ فتح باب الترشّحات في مناسبتين وستتولّى اللّجنة القيام بالفرز، مبينا أن اللّجنة أنهت أعمالها بخصوص المحكمة الدّستوريّة وهيئة الحوكمة الرّشيدة ومكافحة الفساد، وأحالتها على الجلسة العامّة.

وأرجع ديلو "العزوف عن تقديم الترشّحات إلى إمكانيّة وجود إشكالات في نصوص القوانين المنظّمة"، موضحًا أن "التّركيز على تنظيم التنافس بين المترشّحين خلال صياغة القوانين حال دون التفطّن إلى تحدّي ندرة الترشّحات وإمكانيّة تقديم اللّجنة لمقترحات قصد تنقيح بعض القوانين المتعلّقة ببعض الهيئات".

المساهمون