عبد العالي حساني لـ"العربي الجديد": خطاب "الانتخابات الجزائرية محسومة" استخفاف بالشعب
استمع إلى الملخص
- حساني أبدى قلقه من الانحياز الإعلامي لبعض المرشحين، مشيراً إلى عدم تكافؤ الفرص، لكنه يراهن على وعي الناخبين. كما انتقد خطابات التيئيس والكراهية، مؤكداً على أهمية النضال المستدام والتفاؤل.
- حساني أكد انفتاح الحركة على المشاركة في الحكومة إذا دعت الحاجة، مشيراً إلى برنامجه الانتخابي الذي يتضمن تعديل دستوري جزئي وتعديل بعض القوانين، مع التركيز على الدفاع عن الحريات والحقوق.
مصرون على تمدين النظام السياسي
قد نكون نحن من يدعو الآخرين للمشاركة في الحكومة
يُعدّ رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية، عبد العالي حساني، من أبرز المرشحين إلى الانتخابات الجزائرية المقررة في السابع من سبتمبر/أيلول الحالي، منافساً الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، والسكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش. وفي حواره مع "العربي الجديد"، شدد حساني على جملة مواقف طرحها خلال حملته، أبرزها تأكيده توق الجزائريين إلى التغيير.
* مقارنة مع الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية، كيف يمكن تقدير الحضور والتفاعل الشعبي، هل تعتقدون أنكم حققتم أهدافاً جيدة في حملة الانتخابات الجزائرية؟
الحملة الانتخابية التي قادتنا الى أغلب ولايات القطر، كانت في أجواء مفاجئة لنا من حيث الحضور والتفاعل والترحيب والاحتضان الشعبي، رغم أنها جاءت في عز الصيف والعطلة، وهذا يؤكد أولاً أن مشروعنا السياسي متجذر، إذ تمكنا من إيصال رسالتنا بكل وضوح إلى الجزائريين التواقين إلى الخطاب السياسي المسؤول، الذي يعطى حلولاً عملية للمشكلات والأزمات الدورية التي يعيشها المواطن في يومياته. وما يمكننا تأكيده أننا لمسنا وعياً متزايداً لدى الناخبين بأهمية الانتخابات الجزائرية خصوصاً في هذه الظروف الحساسة التي تنظم فيها، وتجاوبُ الجزائريين خلال هذه الحملة يعكس تعطشهم للتغيير ولتصورات مختلفة للمشاكل، وللحلول أيضاً. وإذا كان من أمر نعتقد أنه تحقق على نحو كبير، فهو أننا ساهمنا بكل قوة في إعادة الأمل إلى الجزائريين ودفع الإحباط، على الرغم من حالة التهريج السياسي التي رافقت الحملة من قبل بعض الأطراف، بهدف التشويش عليها وتشويه الفعل السياسي بخطاب رديء يتعامل مع أزمات البلاد باستخفاف.
تجاوبُ الجزائريين خلال الحملة الانتخابية يعكس تعطشهم للتغيير
* خلال مسار الحملة الانتخابية ظهر لديكم قلق بشأن الانحياز الإعلامي لمرشح بعينه، هل تعتقدون أن ذلك كان بدافع من السلطة أو طرفاً فيها أم بسبب إخفاق سلطة الانتخابات الجزائرية في السيطرة على الحالة الانتخابية؟
لسنا بصدد توجيه اتهام إلى طرف بعينه بشأن حالة الانحياز الإعلامي التي كانت واضحة، لكننا فضلنا بمسؤولية، أن نتعامل معها بمنطق قانوني بالاحتجاج الرسمي لدى سلطة تنظيم الانتخابات. وقد أنصفتنا السلطة بإصدارها قراراً بإلزام القنوات العامة والخاصة، بالعدل وتكافؤ الفرص بين المرشحين الثلاثة، لكن بعض القنوات الخاصة لم تلتزم الحياد. في المقابل لم تتمكن سلطة تنظيم الانتخابات الجزائرية ولا سلطة ضبط السمعي البصري من ضبطها والتحكم في برامجها، وإلزامها باحترام القانون والضوابط، ورغم ذلك فإننا نراهن أكثر على الوعي الجمعي اليقظ للناخبين الذين يميزون بين العدل والانحياز، وقد يكون لذلك الانحياز رد فعل عكسي.
* هناك من تحدث عن أن هذه الانتخابات محسومة، وأنتم وصفتم هذه التصريحات بأنها "خطاب كراهية"، هل تعتقد أنها كانت موجهة ضدكم بالأساس؟
خطابات التيئيس والكراهية ترافق دوماً الانتخابات، إذ يستخدمها العاجزون عن التنافس بنزاهة من خلال عرض البرامج الكفيلة بحل المشكلات وتقديم البدائل النافعة للشعب. نحن ننتهج طريقاً آخر تماماً هو طريق النضال المستدام والتفاؤل وصناعة الأمل من أجل بناء حالة سياسية جديدة تدفع الخيار الديمقراطي إلى الأمام ولا تضعف أدوات الشعب في التغيير والإصرار على المطالبة بحقوقه الدستورية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. فخطاب الفرصة وبعث الأمل واستقطاب النخب والشباب إلى الفعل السياسي بدلاً من الانفعالات التي تقود إلى الانسحابية ولا تحقق التطلعات العريضة للناخبين هو الطريق نحو التغيير. كما نعتقد أن خطاب "الانتخابات الجزائرية محسومة" يدل على ضعف المسوقين له، لأنهم يعلنون عن الاستسلام للواقع ولا يتدافعون معه من أجل تغييره وإصلاحه، وهو أيضاً استخفاف بصاحب الحق في الاختيار الذي هو الشعب الجزائري السيد، والذي بإمكانه عندما يتحرك أن يغير كل المعادلات وقد فعل ذلك في الحراك الشعبي العملاق. نحن نؤمن بإرادة الشعب التي هي جزء من إرادة الله، كما نعتقد أن الشعب هو السيد وهو من يختار الرئيس المقبل ويقويه لاستقبال التحديات الراهنة والقادمة.
* في الغالب ينظر من الخارج إلى أن مآلات الانتخابات الجزائرية ترتبط بخيارات المؤسسات الصلبة والجيش تحديداً، هل هذه النظرة قائمة أيضاً في هذه الانتخابات، وهل تعتقدون أنه يتوفر لها ضمانات كافية بشأن النزاهة؟
نحن ندعو باستمرار إلى تمدين النظام السياسي، والتوقف عن الممارسات التي كانت ترافق العملية الانتخابية دوماً، وفي مقدمتها الأفعال التي تشوه الانتخابات، سواء بالتزوير القَبلي الذي يكون في الحملة الانتخابية من خلال الانحياز الإعلامي واستغلال وسائل الدولة وتوظيف الإدارة لصالح مرشح ما، أو التزوير البَعدي من خلال توجيه الناخبين يوم التصويت أو التلاعب بالنتائج. كما كانت لنا مواقف مسجلة وقوية للدفع نحو نزاهة العملية الانتخابية، إذ اقترحنا تعديل قانون الانتخابات الجزائرية وصلاحيات السلطة الوطنية للانتخابات، لتعزيز استقلاليتها الكاملة ورقمنة العملية الانتخابية.
أنصفتنا السلطة بإلزام القنوات العامة والخاصة بالعدل وتكافؤ الفرص بين المرشحين الثلاثة
* يأخذ عليكم متابعون أنكم لم توجهوا النقد الكافي لحصيلة العهدة الأولى لمنافسكم الرئيس عبد المجيد تبون، هل كان ذلك خياراً سياسياً أو لاعتبارات أخرى؟
بالعكس تماماً فإن برنامجنا "فرصة"، كان واضحاً في تقييمه السياسات العمومية والبرامج الحكومية، وهو برنامج بني أساساً على تشخيص دقيق للواقع، وعلى استعراض إمكانيات الجزائر والتحديات التي تقف أمامها، والفرص التي أهدرت وكان بإمكانها أن تنقل الجزائر إلى وضع أفضل. وهذا ليس متعلقاً بالانتخابات فقط، بل قبل ذلك من خلال مواقف كتلتنا البرلمانية التي رافعت بقوة من أجل الإصلاح والتغيير، ولم تصادق على مخططات عمل الحكومة، ولا على قوانين المالية التي ناقشها البرلمان طيلة العهدة السابقة. كما كان خطابنا في هذه الحملة متميزاً بعرض برنامج للتغيير والإصلاح، ينتقد السياسات والبرامج ويقدم الحلول والبدائل، وهو الحالة التي نريد أن تكون عليها التنافسية السياسية بعيداً عن المناكفات والتهريج السياسي الذي أصبح الجمهور يستهجنه ويرفضه.
* هل حصلت خلال فترة الحملة الانتخابية أية اتصالات بينكم أنتم المرشحين الثلاثة في هذه الرئاسيات؟
العلاقات بيننا مفتوحة وطبيعية، والضرورة التنافسية تقتضي الانشغال بمخاطبة الشعب وإقناعه ببرامج، والابتعاد عن المناكفة السياسية والشخصنة التي تختزل الخطاب السياسي، وتستغل من طرف المتربصين لصناعة واقع إعلامي غير حقيقي، يصنع فجوات بين المنافسين لا تنفع الشعب، بل قد تدفعه إلى العزوف الانتخابي الذي نعتبره أخطر معضلة على مصداقية الانتخابات الجزائرية في هذه المرحلة الحساسة. لذلك كان خيارنا الإبقاء على الحالة التنافسية في حدود الرأي والرأي الآخر، بما يشجع على التفاعل الديمقراطي الإيجابي النزيه، ويدفع باتجاه المشاركة القوية في الانتخابات مع توفير شروط التعبير الحر والشفاف.
* في ما يخص خياركم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، يطرح سؤال حول مستقبل العلاقة بين الحركة والسلطة، إذا عرضت عليكم المشاركة في الحكومة هل نتوقع أن يحدث تغير في موقفكم المعارض؟
نحن الآن في حالة تنافسية مفتوحة على كل الخيارات والاحتمالات، قد نكون نحن من يدعو غيره إلى المشاركة في الحكومة (يقصد الفوز بانتخابات الرئاسة) كما قد نُدعى إليها على السواء. على أي حال، في خضم هذه الانتخابات الجزائرية نعتقد أن مناقشة هذه المسألة على سبيل مواقف سابقة لأوانها، تتحكم فيها نتيجة العملية الانتخابية التي ستقيمها مؤسسات الحركة، بموضوعية ومسؤولية، وبعدها سيكون لكل حادث حديث.
* هل تتوقعون إجراء انتخابات نيابية مسبقة أم تفضلون الحفاظ على استقرار المؤسسات إلى حين موعد الانتخابات؟
لقد كنا واضحين في برنامجنا الانتخابي، أنه في حالة انتخابنا لرئاسة الجمهورية، سنقوم بمبادرة إجراء تعديل دستوري جزئي توافقياً، بعد حوار مع كل الأطراف، يتبعه تعديل لبعض القوانين التي نعتقد أنها لم تعد كافية للإحاطة بالحالة السياسية وواقع المؤسسات وإدارة الشأن العام، بينها قانون الانتخابات، وقانون البلدية والولاية والتقسيم الإداري، مما يدفع بالضرورة باتجاه تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية على قاعدة قانونية جديدة.
* من بين ما تؤاخذون عليه من قبل البعض، عدم الخوض بكثافة في مسألة الحريات، هل تعتقد أن هذه المؤاخذة موضوعية؟
أبداً، المتتبع لخطابنا الانتخابي، سيُلاحظ أننا ركزنا على محور الدفاع عن الحريات والحقوق، وكان ذلك جزءاً رئيسياً في برنامجنا وخطابنا طيلة الحملة الانتخابية. وقد تعهدنا مباشرة في حال انتخابنا بفتح هذا الملف بشكل استعجالي، لأنه يتعلق بالحقوق والحريات الفردية ودراسته حالة بحالة في ظل كفالة حق الدفاع والتقاضي، والعمل على تحريره من التصفيات وتطبيق العدالة وإعادة الاعتبار للمظلومين. قلنا بكل وضوح أن العدل وحماية الحريات السياسية والمدنية مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لنا، ومواقفنا السابقة تؤكد ذلك.