عبد العاطي في جيبوتي والصومال: قاعدة إثيوبيا وأمن البحر الأحمر

14 يوليو 2024
عبد العاطي في القاهرة، 8 يوليو 2024 (عمر عبدالله دلش/رويترز)
+ الخط -

توجه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أول من أمس الجمعة، إلى جيبوتي والصومال، في أولى زياراته إلى الخارج منذ توليه منصبه في 3 يوليو/ تموز الحالي. وتأتي مهمة عبد العاطي في ظل أزمات وتوترات تشهدها منطقة القرن الأفريقي، تمس بشكل مباشر المصالح الاستراتيجية والقومية لمصر، في مقدمتها قضية الأمن المائي المهدّد بسبب سد النهضة الإثيوبي، ورفض أديس أبابا التعاون مع القاهرة في عملية ملء وتشغيل السد بما لا يؤثر على حصّة مصر من مياه النيل، وأيضاً قضية أمن الملاحة في البحر الأحمر المهدد من جماعة الحوثيين وتأثيره على إيرادات قناة السويس، وأخيراً تحقيق الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي بشكل عام، وهو ما ينعكس على أمن مصر واستقرارها. وشملت مباحثات وزير الخارجية المصري، مع نظيريه في جيبوتي محمود علي يوسف والصومال أحمد معلم فقي، جملة هذه الملفات، بالإضافة إلى ملفات أخرى على مستوى التعاون في مجالات اقتصادية واجتماعية أخرى.


نجلاء مرعي: التوسّع الإثيوبي في القرن الأفريقي يشكل تهديداً صريحاً لمصر

جولة عبد العاطي

وجاءت زيارة عبد العاطي إلى الصومال وجيبوتي، وسط أزمات متشابكة في منطقة القرن الأفريقي، منها خطّة إثيوبيا لبناء قاعدة بحرية في منطقة صوماليلاند (إقليم جمهورية أرض الصومال غير المعترف بها دولياً)، بمساعدة الإمارات التي أدت دوراً في التوسّط في هذه الصفقة، لقربها من حكومة أرض الصومال، إذ تقدّم لها عدة خدمات أمنية وعسكرية. وبدأت الإمارات في 2017 في إنشاء قاعدة على موقع بمطار مدينة بربرة في الإقليم وسمح لها بالبقاء فيها 30 عاماً، وهو ما قد يضرّ بالأمن القومي المصري، إذ أكّدت القاهرة رفض تلك الخطة من خلال تصريحات سابقة للرئيس عبد الفتاح السيسي أكد فيها وقوف مصر مع الصومال ودعمها وحدته.

وكانت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية قد نقلت عن دبلوماسيين قولهم إن "إنشاء قاعدة عسكرية إثيوبية في أرض الصومال سيكون أحدث خطوة في خطة لتأمين مجال النفوذ الإماراتي في جميع أنحاء منطقة الخليج الأوسع والقرن الأفريقي". وخلصت المجلة إلى أن هذا الاتفاق "يحتمل أن يثير استياء مصر والسعودية، اللتين لا تنظران برضى إلى سعي الإمارات إلى الهيمنة الإقليمية. كما أن جيبوتي التي ستخسر التدفّقات التجارية الإثيوبية لن تكون سعيدة به، لكن إريتريا ستتنفس الصعداء بعد أن بدا أن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد قد حقق أهدافه من دون اللجوء إلى السلاح، لكنّ احتمال وجود بحرية إثيوبية على أعتابها، مهما كان بعيداً، لن يكون موضع ترحيب".

في السياق، قالت الخبيرة في الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، لـ"العربي الجديد"، إن "التوسّع الإثيوبي في القرن الأفريقي، عبر إنشاء قاعدة تجارية أو عسكرية في صوماليلاند، يشكل تهديداً صريحاً، وفرضاً للنفوذ بالقوة، من أديس أبابا، وهو ما يقلق مصر وإريتريا والصومال وجيبوتي". وأضافت أن "وجود قاعدة عسكرية إثيوبية على البحر الأحمر تمثل تهديداً إضافياً لأمن الملاحة، لأن وصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر في هذا الوقت الذي يشهد فيه باب المندب توتراً شديداً بسبب تهديد جماعة الحوثي أمن الملاحة، وفي ضوء سلوك أديس أبابا في منطقة القرن الأفريقي وسد النهضة، يوضح للكافّة طبيعة تحرّكاتها الإقليمية وتحالفاتها وأدائها العدائي بشكل عام". ولفتت مرعي إلى أن "شراكة أديس أبابا بإقليم انفصالي غير معترف به يفتح الباب على مزيد من الصراعات في منطقة القرن الأفريقي، ويشكل خطراً على مصالح مصر الملاحية في هذه المنطقة الملتهبة، وقد يدفع أيضاً حركة الشباب (في الصومال) إلى القيام بخطوات تصعيدية ما قد يتسبب بتوترات في الداخل الصومالي". وشددت مرعي على أن ذلك "لا يمكن فهمه بمعزل عن الدعم الدولي والإقليمي، إذ تراهن الدول الغربية على زيادة النفوذ الإثيوبي في أفريقيا".


زيارة عبد العاطي الخارجية هي الأولى له منذ تسلمه مهامه في 3 يوليو الحالي

أمن البحر الأحمر أولوية

وبحسب بيان للخارجية المصرية، بحث عبد العاطي مع وزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف "موضوع أمن البحر الأحمر وتأمين حرية الملاحة الدولية، لا سيما أن مصر وجيبوتي من أكثر الدول تأثراً بالتطورات في هذا الممر التجاري المهم". كما تبادل الوزيران الرؤى حول "الأوضاع السياسية والأمنية في منطقة القرن الأفريقي وتنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف، وأهمية استمرار التعاون بين مركز الوسطية الجيبوتي والأزهر الشريف في مواجهة الأفكار المتطرفة".

وذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، أن عبد العاطي "عقد جلسة مباحثات ثنائية موسعة مع وزير خارجية الصومال أحمد معلم فقي، في مقديشو، أكد خلالها اهتمام مصر بتعزيز مستوى العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال، وكذلك رغبتها في الإسهام في دعم الاستقرار بدول المنطقة اتصالاً بدور مصر الثابت في دعم الشعوب الأفريقية الشقيقة نحو تحقيق تطلعاتها التنموية، وهو الأمر الذي تزيد أهميته في الفترة الحالية لا سيما مع ما تمر به المنطقة من تحديات جسيمة، باتت تتطلب تكاتف دول المنطقة جميعاً لمواجهتها". كما جرى التباحث حول "الأوضاع في دولة السودان وكيفية دعم جهود التوصل لتسوية سياسية للخروج من الأزمة، واستعادة الاستقرار والأمن في هذا البلد".