وظّف الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، على مدى عام كامل، كل الوسائل الممكنة لإنهاء أضخم احتجاجات تعرض لها حكمه المتواصل منذ 1994، احتجاجاً على ما وصفته المعارضة بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في الفترة ما بين 4 إلى 9 أغسطس/آب من العام الماضي. وفاز لوكاشينكو بحسب النتائج الرسمية لتلك الانتخابات بولاية رئاسية سادسة، وحصل على دعم 80 في المائة من الناخبين، على حساب منافسته زعيمة المعارضة، سفيتلانا تيخانوفسكايا، التي لم تحصل إلا على 10 في المائة حسب لجنة الانتخابات البيلاروسية.
وباستخدام القبضة الأمنية والترهيب والاعتقال طوال عام كامل، نجح لوكاشينكو في المحافظة على كرسيه، وتوزع قادة المعارضة ما بين منفي أو معتقل، ما أضعف حركة الاحتجاجات بشكل لافت منذ ربيع العام الحالي. ومع تمدد الأزمة البيلاروسية إلى خارج الحدود، وتهديد حركة الملاحة الجوية العالمية، واستهداف المعارضين في الخارج، تبنى الاتحاد الأوروبي على دفعات عقوبات قاسية طاولت للمرة الأولى لوكاشينكو شخصياً، وقطاعات حساسة في الاقتصاد البيلاروسي، وهو ما ينذر بتراجع أكبر في الاقتصاد المنهك أصلاً بسبب تداعيات فيروس كورونا والسياسات الاقتصادية الخاطئة، مما قد يتسبب على المدى المتوسط في إشعال موجة احتجاجات جديدة على خلفية تردي الأوضاع المعيشية. وفي حين واصلت روسيا دعم حليفها بشتى السبل الممكنة؛ أمنياً واقتصادياً وإعلامياً، وباتت الملجأ الوحيد له، إلا أنّ لوكاشينكو لم يتوقف عن المراوغة عبر المماطلة في إكمال إجراءات دولة الاتحاد (وقعت روسيا وبيلاروسيا في 2 إبريل/نيسان عام 1997، معاهدة إقامة اتحاد بين الدولتين، من أجل تعميق التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي بينهما) المعلقة منذ عام 1999، ومحاولة الالتفاف على مطالب الكرملين بإجراء إصلاحات دستورية ضمن خريطة شاملة لحل الأزمة نهائياً. وعلى الرغم من أهمية بيلاروسيا الجيو-استراتيجية، فقد يعجز الكرملين عن إنقاذ حليفه الأقرب اقتصادياً وسياسياً، خصوصاً في حال توجه الغرب نحو ممارسة ضغوط إضافية على روسيا، نظراً إلى أنها الطرف الوحيد القادر على التأثير على لوكاشينكو.
حتى نهاية 2020، تم اعتقال أكثر من 25 ألف شخص في بيلاروسيا
من السجون والمنافي إلى معسكرات الاعتقال
وأعلنت السلطات الأمنية في بيلاروسيا في بداية الربيع الماضي عن توقف التظاهرات التي اندلعت مباشرة عقب إعلان فوز لوكاشينكو في 9 أغسطس من العام الماضي. وحسب وسائل إعلام معارضة، فقد فتحت لجنة التحقيق في بيلاروسيا 4200 قضية جنائية ضد المشاركين في الاحتجاجات السلمية، فيما زاد عدد المعتقلين السياسيين إلى 605. وتقول المعارضة إنه حتى نهاية عام 2020 وحده، تم اعتقال أكثر من 25 ألف شخص في بيلاروسيا من المتظاهرين والمارة. وأفرج عن معظم المعتقلين من دون عقوبة جنائية (حُكم على العديد منهم بغرامات مالية أو الاعتقالات الإدارية)، بينما لوّحت السلطات أكثر من مرة بحرمان المشاركات في التظاهرات من حق حضانة أبنائهن، وأصدرت منذ أيام قراراً يسمح بسحب الجنسية من الأجانب الحاصلين عليها في حال مشاركتهم في الاحتجاجات التي تصنفها السلطات على أنها "أنشطة متطرفة تلحق ضرراً جسيماً بمصالح بيلاروسيا".
وعملياً، يتوزع زعماء المعارضة بين السجون والمنافي، وقد أجبرت تيخانوفسكايا على مغادرة بيلاروسيا في أغسطس من العام الماضي، بعدما اضطرت إلى تهريب ولديها إلى ليتوانيا لتلحق بهما. أما ماريا كوليسنيكوفا، إحدى الشخصيات الثلاث الرئيسية في حركة الاحتجاج في بيلاروسيا في 2020، والتي رفضت الترحيل القسري في سبتمبر/أيلول الماضي وأصرّت على البقاء في بلادها، فقد قدمت للمحاكمة في جلسة مغلقة في الرابع من أغسطس الحالي بتهمة "التآمر للاستيلاء على السلطة"، وتواجه عقوبة بالحبس تتراوح بين خمس وسبع سنوات بسبب "المس بالأمن القومي". ويتوزع باقي أعضاء "مجلس التنسيق" الذي شكلته المعارضة العام الماضي، في المنافي في بولندا وليتوانيا وأوكرانيا. والشهر الماضي، حُكم على المرشح السابق للانتخابات الرئاسية فيكتور باباريكو، أحد أبرز وجوه المعارضة ضد لوكاشينكو، بالسجن 14 عاماً، بتهمة الفساد وتلقي رشى "بكمية ضخمة" و"تبييض أموال"، وصدر الحكم عن المحكمة العليا، ما يمنع باباريكو من استئنافه.
ولم يكتف لوكاشينكو بنفي معارضيه ومحاكمتهم والتنكيل بهم على ما يبدو، إذ اتهمت المعارضة قبل أيام، السلطات بقتل رئيس "البيت البيلاروسي في أوكرانيا" فيتالي شيشوف، خلال وجوده في أوكرانيا. ولم تستبعد الشرطة الأوكرانية، احتمال تعرض المعارض الذي اضطر إلى مغادرة بلاده العام الماضي، للقتل، وتمويه العملية بصورة انتحار لتضليل التحقيق. ورداً على سؤال حول تصريحات لناشط بيلاروسي أكد أنّ كدمات كانت تغطي وجه شيشوف، وأن أنفه كان مكسوراً، قال قائد الشرطة الوطنية في أوكرانيا إيغور كليمنكو، إنّ جروحاً طفيفة ظهرت عليه "جراء سقوط على الأرجح" من دون مزيد من التفاصيل.
السلطات الأمنية في بيلاروسيا شرعت في بناء "معسكر اعتقال" للسجناء السياسيين
من جهتها، كشفت شبكة "سي أن أن" الأميركية أخيراً، أنّ السلطات الأمنية في بيلاروسيا شرعت في بناء "معسكر اعتقال" للسجناء السياسيين في قرية نوفوكولوسوفو على بعد ساعة من العاصمة مينسك، ما يشير إلى التطور باستخدام أدوات القمع في حال صحّت هذه المعلومات. وبحسب تقرير عرضته الشبكة الأميركية في 4 أغسطس الحالي، فإن "معسكر أعداء الشعب" يبنى على أراضي قاعدة عسكرية سابقة لتخزين الصواريخ في الحقبة السوفييتية مساحتها 80 هكتاراً، وجُهز بثلاث طبقات من السياج المكهرب، وكاميرات أمنية جديدة. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشرت مجموعة ناشطة من ضباط الأمن السابقين تسجيلاً ذكرت أنه لنائب وزير الداخلية، ميكالاي كاربيانكو، يقول فيه إن معسكرات "إعادة التأهيل" يجب أن تُبنى من أجل "إصلاح مزيد من المتظاهرين".
ونفت الحكومة البيلاروسية المعلومات الواردة في تقرير "سي أن أن"، وعرضت قناة "أو أن تي" الحكومية لقطات فيديو ومن طائرة من دون طيار، لما بدا أنه نفس الموقع. وقال التقرير إن المنشأة كانت عبارة عن مستودع أسلحة لقسم الدفاع الجوي في الجيش البيلاروسي، وظهر ضابط وشخص آخر أمام الكاميرا وشرحا محتوياته بالتفصيل، وقالا إنّ السكان المحليين كانوا على دراية جيدة بالغرض من المنشأة، ونفيا ما أكده مواطن بيلاروسي للشبكة الأميركية حول منع الحراسة الأمنية، المواطنين من الاقتراب وجمع الفطر قرب السياج.
أميركا تشدد العقوبات
وفي رسالة تضامن قوية مع المعارضة البيلاروسية، يُنتظر أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الإثنين، عقوبات جديدة على قطاعات مهمة في الاقتصاد البيلاروسي. وتحمل العقوبات الأميركية، في حال صدرت اليوم، إشارة رمزية مهمة لتزامنها من الذكرى السنوية الأولى لانطلاق التظاهرات العارمة التي اجتاحت مدن بيلاروسيا اعتراضاً على تزوير الانتخابات، بحسب ما تقول المعارضة. وفي حال طاولت العقوبات لوكاشينكو، فإنّ الولايات المتحدة تنضم إلى أوروبا في هذه الخطوة المهمة معنوياً، والتي تفتح على مرحلة جديدة عنوانها القطع مع سياسات سابقة انتهجتها واشنطن وبروكسل لتحفيز "آخر ديكتاتور" في أوروبا، عبر الانفتاح السياسي والتعاون الاقتصادي من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان في بلاده، وتبني بعض القيم الغربية، والابتعاد عن فلك روسيا.
ونقلت شبكة "سي أن أن"، أول من أمس السبت، عن مصدر في الكونغرس، قوله إنه من المقرر أن يعلن بايدن عن حزمة جديدة من العقوبات ضد بيلاروسيا، من دون الكشف عن طبيعة هذه الحزمة. لكن زعيمة المعارضة تيخانوفسكايا قالت عقب لقاءات في واشنطن مع بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومشرعين في الكونغرس، نهاية يوليو/تموز الماضي، إنها قدمت قائمة بالشركات التي يحتكرها نظام لوكاشينكو "وأعوانه"، ومن ضمنها شركة أسمدة البوتاس "بيلاروسكالي"، إضافة إلى شركات نفط وأخشاب وصلب. وحضت تيخانوفسكايا واشنطن على تبني عقوبات "أكثر صرامة"، وأعربت عن اعتقادها بأنّ العقوبات الأميركية السابقة كانت رمزية و"أخلاقية" غير رادعة. ورأت أن العقوبات القطاعية (تشمل قطاعات وليس أفرادا فقط) التي فرضها الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران الماضي بعد "اختطاف لوكاشينكو الإجباري" لطائرة تابعة لشركة "ريان إير"، واعتقال صحافي منشق بيلاروسي على متنها، كانت قوية". وكان المعارض رومان بروتاسيفيتش (26 سنة)، على متن طائرة متجهة من اليونان إلى ليتوانيا في مايو/أيار الماضي، عندما أُجبرت الطائرة على تغيير مسارها إلى مينسك بحجة الاشتباه بوجود قنبلة على متنها. وأضافت تيخانوفسكايا أن الولايات المتحدة يمكن أن تتبع هذه السياسة و"أن تدرس أيضاً إمكانية فرض عقوبات قطاعية على روسيا".
يُنتظر أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الإثنين، عقوبات جديدة على قطاعات مهمة في الاقتصاد البيلاروسي
ومعلوم أنّ الإدارة الأميركية أعلنت في يونيو/حزيران الماضي، عن عقوبات على بيلاروسيا، كجزء من ردّ منسق مع المملكة المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي، على إجبار طائرة "ريان إير" على الهبوط في مينسك، وكذلك رداً على "الحملة المستمرة" ضد المعارضة. وجمدت وزارة الخزانة الأميركية أصولاً يملكها 16 شخصاً و5 كيانات، كما حظرت الخارجية الأميركية دخول 46 مسؤولاً بيلاروسياً للولايات المتحدة، ما يرفع عدد الأشخاص الذين تم حظر حصولهم على التأشيرة الأميركية للأسباب ذاتها إلى 155.
نقطة تحوّل
وشكّل تحويل السلطات البيلاروسية طائرة ركاب "ريان إير" إلى مينسك في مايو/ أيار الماضي، نقطة تحول مهمة في مواقف البلدان الغربية، بعد أن وصف بعض القادة الحادثة بأنها "اختطاف بموافقة الدولة". وبعد تهديد السلطات في مينسك حركة الملاحة الجوية من أجل تصفية حسابات مع معارضين، واعتقال بروتاسيفيتش، فرض الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي، عقوبات على قطاعات اقتصادية رئيسية في بيلاروسيا، شملت فرض قيود على تجارة أسمدة البوتاس والنفط وصناعة التبغ، والحد من وصول مينسك إلى أسواق رأس المال في الاتحاد الأوروبي.
وحظر الاتحاد الأوروبي على دوله أيضاً "بيع وتوفير ونقل وتصدير بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى أي كان في بيلاروسيا، معدّات أو تكنولوجيات أو أجهزة مخصصة للاستخدام بشكل أساسي في المراقبة أو التنصّت عبر الانترنت أو المكالمات الهاتفية، وكذلك السلع والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج للأغراض العسكرية ولأشخاص أو كيانات أو هيئات محددة في بيلاروسيا". وأوقف بنك الاستثمار الأوروبي صرف أو دفع مبالغ بموجب اتفاقات موجودة حالياً، متعلقة بمشاريع في القطاع العام، وأضيفت هذه العقوبات الاقتصادية إلى منع شركات الطيران البيلاروسية من التحليق في أجواء الاتحاد الأوروبي، وتوصية شركات الطيران التابعة للاتحاد بعدم التحليق في أجواء بيلاروسيا ولا الهبوط في مطاراتها. كذلك، أضاف الاتحاد الأوروبي 78 اسماً على لائحته السوداء، التي باتت تضمّ 166 شخصاً بينهم الرئيس ألكسندر لوكاشنكو ونجلاه و15 كياناً مرتبطاً بالنظام. ومن المنتظر أن تشدد أوروبا عقوباتها على بيلاروسيا على خلفية استخدام لوكاشينكو بشكل واضح ورقة السماح للاجئين بالعبور إلى بلدان البلطيق المجاورة، وتلويحه بأن بلاده لن تعمل على وقف موجات اللاجئين أو عبور المخدرات والإرهاب إلى أوروبا، نظراً لأنها تريد التركيز على قضايا أكثر أهمية في ظل العقوبات الأوروبية المفروضة على بلاده.
سيناريوهات مستقبلية
وفي حال انضمام الولايات المتحدة إلى أوروبا في فرض عقوبات على لوكاشينكو، فإن هذا يعني بوضوح انتهاء "شهر العسل" القصير بين واشنطن ومينسك الذي تمثّل بزيارة وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، بيلاروسيا في بداية العام الماضي ولقائه لوكاشينكو.
وعملياً، فإنّ الغرب المتهم بإثارة "ثورة ملونة" في بيلاروسيا، وفقاً لموسكو ومينسك، انتقل إلى مرحلة جديدة من خلال التعامل مع الحكومة البيلاروسية على أنها لم تعد حكومة استبدادية فحسب، يمكن التفاوض معها أحياناً، بل على أنها نظام يشكل تهديداً على مواطنيه والبلدان المجاورة. وبالتالي، فإنّ الغرب بات مهتماً بتقييد لوكاشينكو وإجباره على التنازل، والتوقف عن سياسة العصا والجزرة، واستبدالها باستخدام العصا الغليظة. فالاتحاد الأوروبي لا يفرض عادة عقوبات على زعماء الدول الموجودين في الحكم، إلا في حالات استثنائية حين يعتقد أنهم فقدوا شرعيتهم بالكامل ويمكن حرق الجسور معهم.
شكّل تحويل السلطات البيلاروسية طائرة ركاب "ريان إير" إلى مينسك في مايو/ أيار الماضي، نقطة تحول مهمة في مواقف البلدان الغربية
وعلى الرغم من أنّ معظم التجارب التاريخية أثبتت عدم نجاعة العقوبات في إسقاط الأنظمة، وأن المتضرر الأكبر هو الشعوب وليس النخب الحاكمة، فإنّ الأوروبيين يراهنون على أن التضييق على نظام لوكاشينكو يمكن أن يتسبب في انشقاقات داخل النخبة الحاكمة، ويعتبرون أن الإضرار بالاقتصاد "عقب أخيل" (نقطة ضعف مميتة) بالنسبة إلى لوكاشينكو. فبحسب تقديرات خبراء، فإنّ الحظر المفروض على استيراد وعبور أسمدة البوتاس، سيكلف البلاد نحو 2.4 مليار دولار سنوياً في حال توقف بالكامل، كما يمكن أن تخسر بيلاروسيا 3.1 مليار دولار من جراء الحظر على القطاع النفطي. وستُحرم المصارف البيلاروسية من نحو 700 مليون دولار سنوياً من القروض الأوروبية، ويمكن أن يتسبب ذلك في أزمة سيولة حادة.
في المقابل، فإن لوكاشينكو قد يلجأ إلى مزيد من التصعيد في استخدام ورقة اللاجئين، وعدم ضبط الحدود، ويغامر بفقدان نموذج دولة الترانزيت الآمن من روسيا وآسيا الوسطى إلى أوروبا، عبر إغراق بولندا ودول البلطيق باللاجئين، وعدم إيقاف عصابات نقل المخدرات.
وعلى الرغم من أنّ روسيا واصلت مساعدة لوكاشينكو مادياً وسياسياً، فإنّ مراوغاته تزعجها، ولا يمكن أن تضمن ولاءه المطلق لها على الرغم من أنها تفضل بقاءه انطلاقاً من أنه أفضل من يمثّل مصالحها، إضافة إلى "فوبيا الثورات الملونة" الراسخة في عقيدة الكرملين. ولكن مواصلة الدعم تعتمد على مستقبل العلاقات الروسية مع الغرب من جهة، وكلفة هذا الدعم، وماذا يمكن أن يعرض لوكاشينكو في موضوع التقدم بموضوع دولة الوحدة، وإعطاء امتيازات لقطاع الأعمال الروسي لدخول بيلاروسيا.
الأوروبيون يراهنون على أن التضييق على نظام لوكاشينكو يمكن أن يتسبب في انشقاقات داخل النخبة الحاكمة
ومن الواضح أن لوكاشينكو سيواصل مناوراته بين الشرق والغرب خارجياً. أما داخلياً، ومع مواصلة الاعتماد على القوى الأمنية، يسعى إلى الاكتفاء بإصلاحات "ترقيعية" شكلية تضمن بقاءه في السلطة من دون تقديم تنازلات جوهرية في عملية تقاسم هذه السلطة، أو الدعوة لانتخابات جديدة وفق دستور جديد قال إن الاستفتاء عليه سيكون بحلول فبراير/ شباط 2022.
لذلك، وعلى الرغم من تراجع حدة الاحتجاجات في الشارع، فإنها مرشحة للعودة بقوة خلال عام، مع زيادة تأثير العقوبات الاقتصادية، وخاصة في حال عدم اتباع لوكاشينكو نهجاً واضحاً في تبني إصلاحات والتخفيف من قمع المعارضة. وسياسياً، فإنّ عزلة لوكاشينكو الدولية في ازدياد، وقد يزيدها أكثر سعيه إلى نقل المشكلات إلى الجوار، ما يحتم عليه اللجوء أكثر وأكثر للكرملين وتقديم تنازلات رفضها طوال عقدين.