ووفقا لإعلان السلطات الفيليبينية في مانيلا على لسان قائد الشرطة، رونالد ديلا روزا، فإن الجبوري اعتقل بسبب تجاوزه مدة الإقامة المحددة له وبات مقيما غير شرعي، إلا أنه استدرك بالقول إن الجبوري يرتبط بحركة حماس، وهو عالم كيميائي ومهمته تطوير صواريخ تعتمدها الحركة في مناطقها تجاه الجانب الإسرائيلي، مؤكدة عزم بلاده تسليمه لبغداد.
من هو الجبوري؟
ووفقا لمصادر مقربة من العالم العراقي فهو طه محمد جاسم الجبوري من مواليد بغداد عام 1954، أكمل دراسته في جامعة بغداد، هندسة الصواريخ عام 1977 ثم الكلية العسكرية الفنية عام 1979 وهي أحد الاختصاصات النادرة التي باشر العراق رعايتها ضمن برنامج مشترك مع الاتحاد السوفييتي آنذاك.
عمل الجبوري في منشأة ابن الهيثم للتصنيع العسكري في القسم 400 الخاص بصناعة وتطوير الصواريخ البالستية الواقعة جنوبي بغداد والتي أنتجت صواريخ "الحسين والعباس وسجيل وصلاح الدين" (1985-1989) التي استخدم قسم منها في قصف عاصمة الاحتلال الإسرائيلي عام 1991 ومواقع القوات الأميركية في الظهران والرياض السعودية بالعام نفسه.
استمر الجبوري في عمله ضمن القسم 400 بمنشأة ابن الهيثم وفيها أيضا تم تطوير صاروخ "العابد" المخصص لحمل الأقمار الصناعية إلى مداراتها في الفضاء الخارجي. بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 غادر البلاد إلى سورية عام 2004 بعد موجة الاغتيالات التي نفذتها منظمة "بدر" و"الباسيج" الإيراني بحق ضباط الجيش وعلماء التصنيع العسكري العراقي. واستقر فيها لغاية اندلاع الثورة السورية حيث غادر للإقامة في إحدى الدول الأوروبية مع أسرته. واضطر خلال تلك الفترة إلى بيع منزله وكل ممتلكاته بالعراق لتدبر معيشه هناك.
ورفض الجبوري العودة إلى العراق للخدمة بعد الاحتلال بعد افتتاح مصانع التصنيع الحربي التي تحوي على ستة أقسام من بينها الصواريخ. ويتولى إدارة هذه المصانع حاليا مدير الجبوري نفسه قبل الاحتلال وهو مظهر صادق سبع، والذي حاول جمع المهندسين والعلماء السابقين لكن الأغلبية رفضوا العودة للخدمة بالوقت الحالي. ويعرف الجبوري بنزعته القومية العربية بين باقي زملائه.
لماذا دخل إلى الفيليبين؟
بعض ممن تحدث معهم "العربي الجديد"، أكدوا أن الجبوري ذهب للسياحة إلا أن آخرين ينفون ذلك مؤكدين أنه سافر إلى الفيليبين بناء على دعوة من مركز بحوث علمي في العاصمة مانيلا وصلته بالبريد مع تذكرة سفر وإقامة بالفندق وتم اعتقاله هناك بعد وصوله بعدة أيام من الفندق الذي يقيم فيه، نافين رواية الشرطة الفيليبينية بانتهاء سمة دخوله وإقامته بالبلاد.
ويرجح مقربون منه أنه تم استدراجه لاعتقاله فعلا، مؤكدين أن بغداد لا تعلم عنه شيئا على الإطلاق وأنه لا توجد أي تهم موجهة ضده في العراق، خصوصاً أنه غادر البلاد بعد الاحتلال مباشرة، مشيرين بأصابع الاتهام إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" في إبلاغ السلطات الفيليبينية عنه في مصير مشابه لزميله عالم الكيمياء العراقي، أحمد خطاب الحمداني، الذي اعتقل في تايلاند عام 2007، خصوصاً أن الجبوري من الشخصيات المعروفة بمجال الصواريخ على مستوى أهل الاختصاص في هذا المجال.
وفي هذا الصدد، نقلت وكالة "قدس برس" أن "الموساد" الإسرائيلي شارك في عملية استدراج العالم العراقي والتحقيق معه في الفيليبين بتهمة تقديم الدعم لحركة "حماس" والمقاومة الفلسطينية. وبحسب المصدر ذاته، فإن شكوك "الموساد" بعمل الجبوري لصالح المقاومة الفلسطينية دفع الجهاز إلى إعداد خطة محكمة لاستدراجه إلى مانيلا تحت ستار إحدى الشركات الوهمية، بالتنسيق والتعاون مع الأجهزة الأمنية الفيليبينية.
ولا تزال أسرة الجبوري تجهل مصيره حتى الآن بالوقت الذي يثير تلفيق تهمة دعم الجبوري لجماعات مسلحة في العراق القلق من أن تكون محاولة لإغلاق ملف الرجل بشكل كامل.
ماذا في حال أعيد للعراق
مسؤول بالحكومة العراقية تواصل معه "العربي الجديد" عبر الهاتف أكد أنه "حتى الآن لا توجد تهم ضد الجبوري"، مضيفا أن "الخارجية العراقية مسؤولة عن تسلمه ولا نعلم أي شيء آخر عن ذلك، معربا عن خشيته من وقوع الجبوري ضحية تلفيق فيليبيني بدعم من الموساد الإسرائيلي بأنه داعم للإرهاب بهدف التخلص منه".
وأكد أن التقرير الذي يتحدث عن إبلاغ العراق للفيليبين بوجود الجبوري غير صحيح، كون هناك نحو 7 ملايين عراقي هاجروا عقب الاحتلال ولا تتوفر لبغداد قاعدة بيانات عنهم جميعا.
الخبير بالشأن السياسي العراقي الدكتور أحمد وضاح العبيدي أوضح لـ"العربي الجديد" بأنه يخشى من أن تلفق بغداد لعالم كبير مثل الجبوري تهما لا أساس لها من الصحة"، مبينا أن "دعم حماس ليس تهمة بل هو شرف لكل عربي".