عاصمة أوكرانيا البعيدة عن الجبهة تستعيد تدريجياً أجواء الحرب

23 فبراير 2022
سكان العاصمة الأوكرانية يراقبون عن بُعد احتمال اندلاع حرب مدمّرة (Getty)
+ الخط -

لا يزال سكان العاصمة الأوكرانية يراقبون عن بُعد احتمال اندلاع حرب مدمّرة مع جارتهم روسيا، لكنّهم مع ذلك استعادوا، بين ليلة وضحاها، عادات اكتسبوها خلال الحرب السابقة واختفت منذ سنوات.

ومنذ الثلاثاء، يُبثّ عبر مكبّرات الصوت العملاقة النشيد الوطني "أوكرانيا لم تمت" في ساحة "ميدان" الشاسعة، وذلك مرّة على رأس الساعة. لكن لا أحد يتوقف لمشاهدة الشاشة العملاقة التي يعرض عليها طوال الدقيقة التي يستغرقها هذا التقليد الجديد علم البلاد بلونيه الأصفر والأزرق.

وقالت زويا روزومان (59 عاما)، التي لديها خطط أخرى للأسابيع المقبلة مثل الاعتناء بحديقتها قبل حلول الربيع، إنّ "الشعب الروسي ليس بحاجة لأن يفقد أبناءه ولا نحن لأن نفقد أبناءنا"، وأضافت بابتسامة "كل شيء سيكون على ما يرام".

وعلى بُعد 800 كيلومتر من الجبهة المشتعلة في شرق البلاد، أثار اعتراف موسكو، الإثنين، بالمنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا قلقاً ملموساً في شوارع كييف من تدهور وشيك.

وقال أناتولي تاراسينكو (74 عاما): "نخشى الحرب، لكنّنا مستعدون لخوضها لأنها حرب دفاعية". لكنّ هذا المتقاعد لا يتوانى عن انتقاد حكومته لأنها "لم تحرك ساكنا" بهدف منع منطقتين مواليتين للروس من الخروج عن سيطرتها بعدما ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم إليها في 2014.

وفي حين أن المرحلة المقبلة من العمليات لا تزال غير محسومة وأن سيناريوهات عدة مطروحة على الطاولة، بدءا بالإبقاء على الوضع القائم وصولاً إلى غزو واسع النطاق، فإن الحكومة الأوكرانية تقول إنها أساساً "في حالة حرب".

زمن الحرب

وأمام نعش أحد أوائل الجنود الأوكرانيين الذين قتلوا في دونباس منذ تجدد دوامة العنف، يشدّد وزير الدفاع أوليكسيي ريزنيكوف على الرموز، وقال أمام الصحافيين والأقرباء ووسط رجاله الذين وقفوا بأسلحتهم: "لم يمت جنديّنا في زمن السلم، بل مات في زمن الحرب. مات وهو يدافع عن وطنه من الأعمال الدنيئة التي سنقاومها".

وفي كييف، قلة من الناس قلقة من خطر نشوب حرب شاملة أو حصول غزو روسي، لكنّ الجميع يفكرون في الأمر بطريقة أو بأخرى.

ولا تتوقع كسينيا بالفي، وهي منسقة موسيقى تبلغ من العمر 38 عاما، أن يتم إلغاء أمسيتها المقررة الجمعة، وتقول إن تهديدات بوتين "ليست بجديدة"، وتضيف هذه المرأة الشابة المصممة على البقاء في المدينة، أنّ "الخوف طبيعي، لا أحد يعلم ما سيحصل الآن لكننا سنبقى هنا وسندافع عن بلادنا". لكنّ بعض سكان العاصمة بدأوا يفكرون في حل بديل، مثل التوجه إلى الأرياف أو إلى غرب البلاد، تحسبا لاحتمال حصول غزو روسي.

وتلقى الطلاب والموظفون في بعض الشركات في الأسابيع الماضية رسائل بريدية متكررة من إداراتهم مع تعليمات للاستعداد، مثل ما يجب تخزينه أو إيجاد ملجأ للاحتماء من الغارات الجوية.

 روابط ثقافية

وانضم أوليغ كوراس (38 عاما)، إلى "الدفاع عن الأراضي" كجندي احتياطي، لكن رغم التدريبات مرتين في الأسبوع، يقر بشعوره بالعجز، ويقول الرجل الذي يبيع في الشارع أساور صغيرة بألوان علم أوكرانيا: "إذا سقطت القنابل على مدينتنا، سنذهب للاحتماء، لكن بعد ذلك سنعرف كيف نردّ"، معرباً عن أمله في أن يقوم جيشه "بقتل" بوتين.

وأمام مكتب صرافة، يصوّر رجل بواسطة هاتفه النقال تدهور الروبل الروسي الذي وصلت قيمته إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة. لكن بعيداً عن الخطاب المناهض لبوتين، فإن هذه الحرب، المعلنة بين بلدين تربط بينهما أواصر ثقافية وعائلية ولغوية تعدّ من الأكثر تعقيدًا بالنسبة لبعض الأوكرانيين، ليست حربا بين شعبين.

ولا يزال جزء كبير من عائلة فولوديمير خوروفي، الباحث البالغ من العمر 39 عاما والذي يقدم نفسه على أنه "روسي من أوكرانيا"، على الجانب الآخر من الحدود موزّعين بين موسكو وفورونيج، لكن موطنه هو "أوكرانيا"، ويقول "إذا أتوا مع دباباتهم وأي سلاح آخر، فسأكون بالطبع غير سعيد برؤيتهم".

(فرانس برس)

المساهمون