عائلة أبو عواد الفلسطينية... حارسة ترمسعيا من الاستيطان

30 مارس 2023
تصر عائلة عواد على البقاء في منزلها (الصورة من العائلة)
+ الخط -

منذ أكثر من 50 عاماً وعائلة أبو عواد الفلسطينية صامدة بمنزلها في بلدة ترمسعيا، شمال شرقي رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، الواقع بمحاذاة مستوطنة "شيلو" التي أقيمت على أراضي البلدة، بعد بناء المنزل بنحو سبع سنوات.

وتتعرض العائلة لمضايقات عديدة مستمرة من المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بهدف ترحيلها، لكن العائلة تصرّ على البقاء في منزلها، مؤكدة أنه يحمي آلاف الدونمات في سهل البلدة من التمدد الاستيطاني.

منزل قبل الاستيطان لا يزال صامداً

عام 1969 بنى والد عواد أبو عواد (أبو عبد الله، 70 عاماً)، منزلاً في ترمسعيا، ليعيش فيه مع زوجته وأولاده التسعة، لكن المستوطنين وجيش الاحتلال لم يتركوه بحاله، فأقيمت بؤرة استيطانية على بعد كيلومترين بعد سنوات، لتكون نواة مستوطنة "شيلو" التي أقيمت عام 1976، ووصل توسعها الاستيطاني حالياً إلى بعد 15 متراً فقط عن المنزل.

عبد الله أبو عواد: الاعتداءات تزيدنا قوة، وتفرض علينا البقاء والتمسك بمنزلنا

 

ويقول أبو عبد الله في حديثٍ مع "العربي الجديد": "لن أتزحزح من منزلي مهما حصل، هذا المنزل بناه والدي قبل بناء المستوطنة، ومهما عانينا من مضايقات أو قدموا لنا إغراءات لن نرحل من المنزل، عرضوا علي شيكاً مفتوحاً لأرحل من المنزل، لكنني باقٍ فيه".

ويؤكد نجله عبد الله (44 عاماً)، في حديث لـ"العربي الجديد"، إصرار عائلته على البقاء في منزلها مهما بلغ حجم الإغراءات أو التهديدات والاعتداءات. ويقول: "إن تلك الاعتداءات تزيدنا قوة، وتفرض علينا البقاء والتمسك بمنزلنا، فهي معركة لن نسمح للمستوطنين بالانتصار فيها".

ويؤكد عبد الله أن منزل العائلة بحاجة لترميم، وبنية تحتية وتعبيد طرق، وإلى بناء إضافي في ظل زيادة عدد أفراد العائلة، لكن الاحتلال يمنع أي بناء إضافي، ويضيّق باستمرار على عمليات الترميم، كما أن العائلة بحاجة لخط مياه وشبكة كهرباء لكن من دون جدوى، ما اضطرها لاستخدام صهاريج المياه والخلايا الشمسية.

ويضيف أن قوات الاحتلال تستهدف ترمسعيا والقرى المجاورة بالاستيطان، حيث أقيمت العديد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، ولم تكن هنالك أي مستوطنة في المنطقة حين شُيّد المنزل، بل إن تلك المستوطنات تحرم العائلة من الوصول إلى أراضٍ لها تفوق مساحتها 100 دونم تقع قرب مستوطنة "شيلو"، إضافة إلى سيطرة الاحتلال على 20 دونماً أخرى وسط محاولات عديدة للتوسع الاستيطاني، واستهداف سهل ترمسعيا، ما جعل منزل العائلة عائقاً أمام تلك المخططات، وأصبح حارساً للسهل.

صمود بوجه اعتداءات المستوطنين 

وتتكرر الاعتداءات على منزل عائلة أبو عواد وأبنائها، وقدمت العائلة تضحيات كبيرة خلال عشرات السنوات، بينها تحطيم نوافذ المنزل أو إعطاب إطارات المركبات، ومحاولة إحراق المنزل، وإلقاء قنبلة غاز فلفل بداخله، والاعتداء على ممتلكاتها، كما حدث عدة مرات خلال الأشهر الماضية.

منزل أبو عواد في ترمسعيا (العربي الجديد)
منزل أبو عواد في ترمسعيا (العربي الجديد)

وقبل نحو شهر ونصف الشهر تعرضت عائلة أبو عواد التي تشمل 6 عائلات تعيش بغرف متلاصقة، وتضم 30 شخصاً، لاعتداءات من المستوطنين ومحاولة إحراق منزلها، ما استدعى تدخل نشطاء وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وبناء خيمة اعتصام دائمة أطلق عليها اسم "خيمة الصمود"، لحراسة ومساندة العائلة والوجود معها على مدار اليوم، وصد أي اعتداءات قد تتعرض لها.

وسبق أن تعرض ثلاثة من أفراد العائلة للاعتقال بتهمة مقاومة الاحتلال عام 1979 بعد بناء المنزل، وهم: عواد، وجودة، وعودة، وأُبعدوا عن المنطقة. واستشهد جودة في عام 1988، حين كان يصلي صلاة العصر برصاص مستوطن إسرائيلي.

خط دفاع بوجه المخططات الاستيطانية

وحول هذه الاعتداءات المتكررة على منزل العائلة، يقول مدير دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية عبد الله أبو رحمة لـ"العربي الجديد"، إن "اعتداءات المستوطنين الأخيرة على منزل عائلة أبو عواد، شملت محاولة إحراقه، ما شكل خطراً على حياة أبناء العائلة، ودفع باتجاه إقامة خيمة الاعتصام، والتأكيد على ضرورة تفعيل لجان الحراسة في البلدة ضمن مناوبات على مدار اليوم، وتعميم تلك الفكرة في مختلف المناطق التي تتعرض لاعتداءات من المستوطنين بالضفة الغربية، فلجان الحراسة مهمة في تعزيز صمود المواطنين".

ويشدّد أبو رحمة على أن منزل عائلة أبو عواد بات شوكة تعيق التمدد الاستيطاني نحو سهل ترمسعيا، ويشير إلى أن وجود منزل عائلة أبو عواد أفشل الخطط الاستيطانية التي تستهدف المنطقة، تحديداً سهل ترمسعيا، ما جعل العائلة ومنزلها خط دفاع أول عن البلدة في وجه المخططات الاستيطانية.


عواد أبو عواد: هذا المنزل بناه والدي قبل بناء المستوطنة

وتبلغ مساحة بلدة ترمسعيا 18 ألف دونم، ومساحة سهل البلدة نحو 3 آلاف دونم، ويبلغ عدد المتحدرين منها نحو 12 ألف نسمة، يعيش قسم كبير منهم في المهجر ويزورون البلدة بين الحين والآخر، بحسب رئيس اللجنة الزراعية في ترمسعيا نضال ربيع.

ويوضح في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن مستوطنات "شيلو"، و"عادي عاد"، و"عميحاي"، مقامة في الجهة الشمالية الشرقية من أراضي ترمسعيا، بالإضافة إلى 3 بؤر استيطانية تقع بين تلك المستوطنات، ولا يسلم الفلسطينيون من اعتداءات متواصلة من المستوطنين القاطنين فيها.