عائلات حي الشيخ جراح ترفض بالإجماع مقترحاً باعتبارهم "مستأجرين محميين"

02 نوفمبر 2021
الأهالي يرفضون المساومة على حقوقهم (مصطفى الخروف/الأناضول)
+ الخط -

أكدت عائلات حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة والمهددة بالتهجير من منازلها لمصلحة المستوطنين الإسرائيليين، عصر اليوم الثلاثاء، رفضها بالإجماع مقترحاً من قبل محكمة الاحتلال باعتبارهم "مستأجرين محميين".
وقال رئيس لجنة أهالي حي الشيخ جراح، يعقوب عرفة، لـ"العربي الجديد": "تم تسليم قرار العائلات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية رسمياً، والذي أكد رفض المقترح بالإجماع".
وأكد أهالي حي الشيخ جراح، في بيان صحافي، مساء الثلاثاء: "رفضنا بالإجماع التسوية المقترحة من محكمة الاحتلال التي كانت ستجعلنا بمثابة (مستأجرين محميين) عند الجمعية الاستيطانية (نحلات شمعون)، وتمهد تدريجياً لمصادرة حقنا في أراضينا".
وتابع الأهالي: "يأتي هذا الرفض انطلاقاً من إيماننا بعدالة قضيّتنا وحقنا في بيوتنا ووطننا بالرغم من انعدام أي ضمانات ملموسة لتعزيز وجودنا الفلسطينيّ في القدس المحتلة من قبل أي جهة أو مؤسسة".
وجاء في البيان أيضاً: "ندرك أن تهرُّب محاكم الاحتلال من مسؤوليتها في إصدار الحكم النهائي، وإجبارنا على الاختيار بين التهجير من بيوتنا أو الخضوع لاتفاق ظالم، ما هو إلّا امتداد لسياسات استعمارية تهدف لشرذمة التكافل الاجتماعي الذي حققه الشعب الفلسطيني في الهبة الأخيرة، ومحاولة لتشتيت الأضواء عن الجريمة الأكبر: التطهير العرقي الذي يرتكبه الاحتلال ومستوطنوه، نحن لا نقبل أن تسوّق صورة احتلال منصف على حسابنا، ولن نرضى بأنصاف الحلول".
وتابع بيان الأهالي: "كان للشارع الفلسطيني دور مصيري في صياغة الرأي العام المحلي والعالمي ضد سياسات الاستعمار الاستيطاني، وبالتالي فإننا نعوّل عليه ألّا يقع في فخ الاحتلال لتمزيق الوحدة الوطنية والحاضنة الاجتماعية التي حققناها سويًا الصيف الماضي، في انتفاضتنا الشاملة ضد التطهير العرقي، نأملُ من شعبنا العظيم أن يؤازرنا في تبعات موقفنا الرافض والتي نعلم أنها ستكون ثقيلة ولا يصدها إلا التكاتف الشعبي".
وقال الأهالي في بيانهم: "فوق كل شيء، تتحمل حكومة الاحتلال بشكل كامل مسؤولية سرقة بيوتنا، كما تتحمل المسؤولية بشكل موازٍ السلطة الفلسطينية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) والمملكة الأردنية الهاشمية، التي بنت الشيخ جراح كمشروع لإسكان اللاجئين عام 1956 وأعطتنا الحق الكامل في ملكية الأرض".
وطالب الأهالي، المجتمع الدولي الذي ندد دائماً ضد تهجيرهم وسماه جريمة حرب أن يقف عند مسؤولياته ليردع المحاكم الإسرائيلية عن طرد العائلات من حي الشيخ جراح الذي سكنته العائلات ودافعت عنه لأجيال وأجيال.

محكمة غير منصفة


وقالت الناشطة المقدسية منى الكرد في حديث لـ"العربي الجديد" على هامش مؤتمر صحافي عقدته عائلات الشيخ جراح عصر اليوم الثلاثاء: "رفضنا لمقترح التسوية مبدئي وقاطع، ونتحمل كافة تبعاته ونتائجه، إدراكاً منا أن محكمة الاحتلال لا يمكن أن تنصفنا"، مضيفة: "نتوقع من رفضنا تبعات كبيرة ربما تكلفنا وجودنا في حي الشيخ جراح، رغم ذلك لن نرحل، وسنقاومه بكل ما أوتينا، وندعو شعبنا في القدس وفي عموم فلسطين لمساندتنا والوقوف إلى جانبنا".
وقال عرفة لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر: "جاء رفضنا وهو نهائي لعدم وجود أية ضمانات بمقترح التسوية يعطينا اطمئناناً للمستقبل، نحن كنا وما زلنا نؤكد تمسكنا بحقوقنا كاملة في ما يتعلق بملكيتنا لعقاراتنا، وسنبقى على عهدنا بمقاومة الترحيل".

الناشطة والإعلامية الفلسطينية منى الكرد (تويتر)
الناشطة المقدسية منى الكرد من أبناء حي الشيخ جراح

بدوره، قال الباحث في مؤسسة القدس الدولية زياد بحيص لـ"العربي الجديد"، في تعقيب على موقف العائلات، "أخيراً، وقبل ساعة من نهاية المهلة؛ وبعد ثمانين يوماً من بدء مسار التسوية في السادس من أغسطس/آب الماضي، وبعد أكثر من 20 اجتماعاً مع القوى الوطنية والإسلامية صدر اليوم، موقف واضح عن عائلات حي الشيخ جراح".
وأكد بحيص أن هذه التجربة تؤكد أن الاحتلال كان "يأخذ منا بالخداع ما عجز عن أخذه بالحرب، وطوال هذه الفترة حاولت كل القوى حل معضلة موقف أهل الحي بالتواصل المباشر، ولما لم نجد حلاً كان الإعلام والضغط المباشر على المحامين الخيار الأخير لتغيير الموقف في الساعات الأخيرة".
وتابع بحيص: "هذه التجربة تؤكد أن قضية الشيخ جراح وكل الأحياء المهددة بالتهجير ليست قضايا ملكية شخصية تنحصر في المحامين والأهالي؛ بل قضايا وطنية وقومية وإسلامية وعالمية يجب أن تتم تحت سقف القوى الوطنية والإسلامية حتى وإن كانت تلك القوى ضعيفة".
وقال بحيص، "لولا تدخل مؤسسة القدس الدولية وشبكة القسطل لكان الموقف الذي فزع منه الجميع اليوم، هو الموقف النهائي الذي لا يمكن تداركه، بانتظار إعلان وثيقة الرد على التسوية كما سلمت للمحكمة كي نطوي هذه الصفحة المظلمة"، مضيفا: "إذا ما تجاوزنا هذه الصفحة فإن الواجب يحتم الالتفاف حول أهالي حي الشيخ جراح ومواصلة دعمهم وتجديد العهد معهم، لأن سلطات الاحتلال ستحاول الانتقام من هذا الموقف الذي لم تكن ترجوه".
وكانت أربع عائلات مقدسية قد رفضت أمس الإثنين، القرار الذي أصدرته المحكمة العليا الإسرائيلية وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل مطلع هذا الأسبوع، والقاضي بوضع اليد على ما مساحته خمسة دونمات تقريباً تملكها تلك العائلات في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وتتاخم منازل عائلات مقدسية هناك هُدد أهلها بالتهجير القسري، بحجة "المنفعة العامة".

ومطلع الشهر الماضي، قدمت المحكمة العليا الإسرائيلية "اقتراح تسوية" بقضية حي الشيخ جراح يتضمن عدم إخلاء العائلات لبيوتهم وإبقاء موضوع الملكية قائما لإجراءات التسوية، وفي المرحلة الحالية اعتبار السكان مستأجرين محميين مقابل دفع إيجار سنوي بمبلغ 2400 شيقل "نحو 750 دولاراً"، وأن المقترح يقبل ادّعاء الأهالي بأنه يجب إلغاء قرارات الإخلاء، وأن حقهم بالملكية محفوظ لهم، وفق محامي العائلات سامي ارشيد، فيما تداول الإعلام الإسرائيلي حينها وجود عرض على الأهالي بالبقاء في منازلهم كمستأجرين لمدة 15 عاماً.

وتدّعي جماعات استيطانية أن منازل أهالي حي الشيخ جراح أقيمت على أرض كانت بملكية يهودية قبل عام 1948، لكن الأهالي ينفون ذلك، ويؤكدون أنهم مقيمون في منازلهم وفق اتفاق أبرم منذ عام 1956، بين الحكومة الأردنية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ثم بدأت القضايا أمام محاكم الاحتلال من أجل إثبات ملكية منازل عائلات الشيخ جراح للمستوطنين وإخلاء الأهالي لمنازلهم منذ عام 1970.