ظهور سيف الإسلام القذافي يهدّد بتصدّع جبهة حفتر في الجنوب الليبي

27 نوفمبر 2021
خبير ليبي: "انزعاج" حفتر من عودة القذافي (Getty)
+ الخط -

يعكس التوتر الذي شهدته مدينة سبها، خلال الأيام الماضية، على خلفية الظهور المفاجئ لسيف الإسلام القذافي في المدينة لتقديم أوراقه لمقر فرع المفوضية العليا للانتخابات للترشح للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 24 ديسمبر/كانون الأول، والذي قابله حراك من جانب معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر يشير إلى رفضه الضمني لظهوره هناك، أسئلة حول دوافع تحركات الأخير، وما إذا كانت خوفا من تفكك معسكره وتشتت جبهته، التي تشهد أصلا تراجعا كبيرا منذ أكثر من عام، بعد هزيمته العسكرية في جنوب طرابلس.

وكشفت تصريحات مدير مديرية أمن سبها، العميد محمد بشر، بشأن إصدار قيادة حفتر أوامر بالقبض عليه بسبب ظهوره في فيديو إلى جانب سيف الإسلام أثناء تقديمه لأوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية، في سبها، الثلاثاء قبل الماضي، بداية لمؤشرات قلق معسكر حفتر من حراك القذافي في سبها، كبرى مدن الجنوب، والتي تمثل قاعدة الثقل الشعبي والقبلي الداعم للنظام السابق في كامل الجنوب الليبي، وآخرها اقتحام مسلحين تابعين للواء طارق بن زياد مقر محكمة سبها، أول من أمس، لمنع المحكمة من عقد جلسة للنظر في طلب محامي سيف الإسلام، خالد الزائدي، إعادة النظر في إسقاط موكله من قائمة المترشحين الأولية للرئاسة.

وتخللت ذلك أنباء، تضمنتها تقارير إعلامية في الآونة الأخيرة، حول تحرك سيارات مسلحة تابعة للواء طارق بن زياد، من مقرها الرئيسي في قاعدة براك الشاطئ الواقعة إلى شمال سبها بنحو 60 كيلومترا، باتجاه سبها بعد ساعات من ظهور سيف الإسلام في المدينة، يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وبعد أسبوع أيضاً نشرت الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب" خبرا يفيد بتحرك قوة من قاعدة الجفرة باتجاه منطقة الشويرف، قدرتها بنحو 150 سيارة مسلحة.

في غضون ذلك، تحدثت وسائل إعلام ليبية عن أن هدف الحراكين، من براك الشاطئ إلى سبها، ومن الجفرة إلى الشويرف، يتعلق بمنع حفتر من القيام بانقلاب على أوضاع سيطرته كان على وشك الوقوع، ويتعلق بإعلان قائد غرفة عمليات الجنوب التابعة لحفتر، اللواء المبروك سحبان، ولاءه لسيف الإسلام، تزامنا مع ظهور الأخير في سبها للإعلان عن ترشحه للرئاسة.

"انزعاج" حفتر من عودة القذافي 

وفيما لم تتأكد صحة تلك الأنباء حتى الآن، إلا أن الخبير الليبي في الشأن الأمني الصيد عبد الحفيظ، يرى أن "محاولة اعتقال بشر، واقتحام مقر محكمة سبها، يؤشران بوضوح إلى انزعاج حفتر من عودة القذافي ونشاطه في الجنوب".

واعتبر عبد الحفيظ أن "هذا الانزعاج لا يتجه لأن القذافي منافس محتمل له في الانتخابات الرئاسية فقط، بل أيضا خطر نشاطه على وحدة قوة حفتر واستمرار سيطرته على الجنوب الليبي، الذي يمثل مركزا حيويا هاما لأنصار النظام السابق، خصوصا في ظل تراجع سطرته في عديد المناطق، ومنها الجنوب، بعد انكساره جنوب طرابلس".

ويلفت الخبير في الشأن الأمني، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن أغلب القادة في الجنوب الذين عول عليهم حفتر في إنشاء مليشياته وتكوينها ومن ثم قيادتها، هم من أركان النظام السابق أو موالين له، فـ"علاوة على سحبان الذي يعد من القادة العسكرين البارزين في النظام السابق، ولاحقا شارك في العديد من حروب حفتر بمقاتليه، وتولى مناصب مهمة آخرها تكليفه من قبل حفتر، في مايو الماضي، بإمرة غرفة عمليات الجنوب، يُعد أيضا العقيد عمر امراجع من الضباط الموالين للنظام السابق، وتولى العديد من المهام القتالية ضمن مليشيات حفتر، حتى رقاه الأخير من رتبة رائد إلى رتبة عقيد وكلفه بإمرة اللواء طارق بن زياد".

أغلب القادة في الجنوب الذين عول عليهم حفتر في إنشاء مليشياته وتكوينها ومن ثم قيادتها، هم من أركان النظام السابق أو موالين له

وتعد مليشيا طارق بن زياد من أكبر مليشيات حفتر الضاربة ويتبع فعليا لنجله صدام. كما يلفت عبد الحفيظ إلى أهمية العقيد حسن الزادمة، آمر المليشيات 128 مشاة بالنسبة لحفتر، فهو من يسيطر على قاعدة الجفرة ويمتلك أيضاً صلات وثيقة بمسلحي حركات التمرد الأفريقية، وكثيرا ما كان حلقة الوصل بينها وبين حفتر، لا سيما حركة العدل والمساوة السودانية التي يتركز أغلب وجودها في مناطق الجفرة.

ويمضي عبد الحفيظ في رصده لشكل وتركيب مليشيات الجنوب الموالية لحفتر، مضيفا أنه وإن كان العديد من ضباط النظام السابق في الدوائر القريبة من حفتر، ويذكر منهم اللواء خيري التميمي مديرا لمكتبه الخاص وعدد آخر من الضباط الذين عول عليهم في بناء جهازه الأمني مثل اللواء سالم العبدلي واللواء خيري الناجم والفريق عطية عوض وغيرهم، إلا أن عبد الحفيظ يؤكد أن المخاوف المحدقة بمصير مليشيات حفتر تتركز حول القادة كونهم من يتولى فعليا قيادة أعداد من المليشيات المسلحة.

ويؤكد عبد الحفيظ أيضا على الانتماء القبلي، ويقول "كما يفقد انتماء هؤلاء القادة للنظام السابق ولاءهم لحفتر كذلك يفقده ورقة هامة طالما أجاد اللعب بها للسيطرة على الجنوب وهي ورقة الانتماء القبلي، فكما أن سحبان وامراجع هما من قبيلة المقارحة، أيضا الزادمة هو من القذاذفة".

الحضور الروسي لصالح نجل القذافي

وفيما يبدو عدم قدرة حفتر على منع ظهور سيف الإسلام في سبها مؤشرا على تراجع سيطرته، ويظهر ذلك بشكل أكثر جلاء في عدم استجابة غرفة عمليات الجنوب لأوامره بالقبض على مدير مديرية أمن سبها، العميد محمد بشر، يلفت الباحث الليبي في الشأن السياسي مالك هراسة إلى متغير آخر قد يزيد من حجم المخاطر المحدقة بوضع حفتر في الجنوب.

ويشير هراسة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن أهم تلك المتغيرات يتصل بالموقف الروسي الذي تدرج في خطابه بشأن ضرورة إفساح المجال لرموز النظام السابق للمشاركة السياسية من خلال الانتخابات، إلى التصريح مؤخرا باسم سيف الإسلام، كما جاء على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أمس الجمعة، التي عبرت عن انزعاج موسكو من استبعاده من قوائم السباق الانتخابي الرئاسي.

ويرى هراسة أن العلاقة بين حفتر وموسكو باتت تشهد تغيرا في الآونة الأخيرة، وقال "هذا التغير يمكن أن تعكسه الكثير من المواقف والقرارات من جانب حفتر، أهمها موافقته المفاجئة على خروج القوات الأجنبية والمرتزقة"، مشيرا إلى أن موافقة ممثليه في لجنة 5+5 العسكرية على تسمية مقاتلي الفاغنر صراحة ضمن القوات التي تطالب اللجنة العسكرية المشتركة بخروجها من البلاد دليل على هذا التغير في العلاقة بين حفتر وموسكو، ويعتبر أن ذهاب موسكو لدعم سيف الإسلام قد يكون من بين أسباب هذا التغير.

المساهمون