طريقة اغتيال إسماعيل هنية في طهران.. 3 فرضيات

03 اغسطس 2024
من مراسم تشييع الشهيد إسماعيل هنية في طهران / 1 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

ممثل حماس في طهران: هنية اغتيل بمقذوف من الجو

نيويورك تايمز: قنبلة زرعت قبل شهرين

وكالة فارس: قذيفة إسرائيلية دمرت جزءاً من سقف المكان والنوافذ

في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، 31 يوليو/تموز الماضي، أعلنت إيران عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بمقر إقامته في طهران، وتحدث الحرس الثوري الإيراني في بيان مقتضب عن "شيء" استهدف المقر دون أن يوضح ماهيته ما فتح باب التأويلات في البحث عن الطريقة التي تم بها الاغتيال، وإن كان بيان حماس الذي نعت به الشهيد هنية أشار إلى أنه قضى "إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران" قد وجه التحليلات الأولى إلى فرضية أن الاغتيال تم بصاروخ، إلا أن الجدل استمر مع تقديم روايات أخرى ليستمر الغموض يكتنف حادثة اغتيال إسماعيل هنية في انتظار رواية رسمية قادرة على إنهاء الجدل.

القدومي: مقذوف من الجو

أكد ممثل حركة حماس في إيران خالد القدومي أن حادثة الاغتيال تمت عبر استهداف غرفة هنية بـ"مقذوف جوي" مستدلاً على ذلك بآثار الانفجار على الغرفة، وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، أمس الجمعة،  إن الشهيد هنية توجه بعد مشاركته في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، إلى مقر إقامته في شمال طهران مشيراً إلى أنه "لم يكن سرياً وكان معروفاً لدى الكثير من الناس وخاص بكبار الضيوف القادمين إلى البلد"، ويتابع القدومي سرده لما حصل "في تمام الساعة 1:37 دقيقة حدثت صدمة للمبنى، فخرجت من المكان الذي كنت فيه، فرأيت دخاناً كثيفاً، وبعد ذلك عرفنا أن الحاج أبو العبد قد استشهد"، مشيراً إلى أنه "كان هناك وميض". وأضاف "من شدة الصدمة التي حصلت للمبنى ظننت أنه حصل رعد أو زلزال، ففتحت النافذة لم أجد مطراً أو رعداً، فالجو كان حاراً، وذهبنا إلى الطابق الرابع الذي كان فيه الشهيد فوجدنا أن جدار وسقف المكان الذي كان فيه قد سقط وتدمر".

وتابع القدومي "من الواضح من شكل المكان بعد الهجوم وما حدث له، ومن جثة الشهيد القائد إسماعيل هنية، أن الاستهداف قد تم بواسطة مقذوف من الجو، سواء كان صاروخاً أو قذيفة"، مشيراً إلى أنه لا يريد خوض تفاصيل أكثر "حيث هناك فرق فنية تخصصية من الأشقاء في الجمهورية الإسلامية تقوم بالتحقيق وستعلن عن النتائج لاحقاً". وجاء كلام القدومي متسقاً مع ما كان خليل الحية، نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، قاله في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء بعد ساعات على اغتيال إسماعيل هنية حيث أكد أن صاروخاً "أصاب الغرفة التي كان يقيم فيها المجاهد إسماعيل هنية بشكل مباشر وننتظر التحقيقات الرسمية".

وكانت مصادر مطلعة في حركة حماس قالت، الأربعاء الماضي، لـ"العربي الجديد" إن هنية والوفد المرافق له كانوا يقيمون في مضافة للحرس الثوري الإيراني شمال العاصمة طهران، مؤكدة أن الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد نخالة والوفد المرافق له كانوا يقيمون أيضاً في طابق آخر بالمبنى. بدورها قالت وكالة نور نيوز الإيرانية، إنّ مكان إقامة هنية استهدف بجسم طائر في الساعة الثانية فجراً بالتوقيت المحلي.

نيويورك تايمز: قنبلة زرعت قبل شهرين

خرجت صحيفة نيويورك تايمز، أول أمس الخميس، برواية مثيرة لحادثة الاغتيال تركز على إظهار اختراق أمني كبير قام به جهاز الموساد الإسرائيلي للإجراءات الأمنية الإيرانية، وقالت الصحيفة نقلاً عمن قالت إنهم سبعة مسؤولين بالشرق الأوسط، بينهم اثنان إيرانيان ومسؤول أميركي، إن اغتيال إسماعيل هنية تمّ عبر عبوة ناسفة جرى تهريبها ووضعها داخل المبنى الذي كان يقيم فيه هنية، مشيرة إلى أن القنبلة أُخفِيَت قبل نحو شهرين داخل المبنى، موضحة أن الحرس الثوري الإيراني هو من كان يتولى حماية المبنى، وتتابع نيويورك تايمز أن تفجير القنبلة تم عن بعد عقب التأكد من وجود هنية غي غرفته. وقالت الصحيفة الأميركية نقلاً عن مصادرها إن إسماعيل هنية سبق أن مكث مرات عديدة في المضافة نفسها خلال زيارته لطهران.  

وتطرقت الصحيفة في تقريرها لفرضية تنفيذ إسرائيل ضربة صاروخية حيث رأت أنها ضعيفة متسائلة عن كيفية تمكن طيران الاحتلال الإسرائيلي من الإفلات من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية وتنفيذ عملية مماثلة في قلب العاصمة، وعادت لتأكيد روايتها بأنها وفق معلومات حصلت عليها فإن "القتلة استطاعوا استغلال ثغرة مغايرة في الدفاعات الإيرانية: هفوة أمنية داخل مبنى يفترض أنه محروس حراسة شديدة، ما سمح بزرع قنبلة وبقائها مخفية لعدة أسابيع قبل تفجيرها".

وكالة فارس: إسماعيل هنية اغتيل بقذيفة

عقب نشر تقرير نيويورك تايمز بساعات نشرت وكالة أنباء فارس المقربة من الحرس الثوري الإيراني تقريراً عن ملابسات حادثة الاغتيال أكدت فيه على أنه تم عبر إطلاق قذيفة، وقالت الوكالة الإيرانية إن التحقيقات الأولية بشأن اغتيال هنية ومرافقه، تظهر أنها نُفذت عبر إطلاق قذيفة أدت إلى تدمير جزء من سقف المكان والنوافذ، وأضافت نقلاً عن مصادرها أن هنية كان في الطابق الرابع من المبنى في منطقة زعفرانية شمال طهران، موضحة أنه بات مؤكداً أن "الكيان الصهيوني هو الذي خطط ونفذ هذا العمل الإرهابي"، مشيرة إلى أن "المزيد من التفاصيل سيُنشر إن اقتضت الحاجة".

ورغم اتفاق رواية حماس مع رواية وكالة فارس إلا أن الطرفان لم يذكرا تفاصيل تخص طريقة إطلاق الصاروخ أو القذيفة ما فتح أيضاً المجال لطروحات تتحدث عن طائرة إسرائيلية أطلقته من الجو فيما ذهبت تحليلات أخرى إلى أنه أُطلق من داخل إيران مستندين بذلك على تصريح المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي يوم الخميس ردا على سؤال بشأن اغتيال هنية: "لم نهاجم إيران جواً" وأضاف "قتلنا فؤاد شكر (القيادي في حزب الله) في لبنان، لكن لم تكن هناك غارة جوية أخرى إسرائيلية في الشرق الأوسط كله بعد ذلك".

لطالما عرف التاريخ الحديث العديد من حوادث الاغتيال السياسي الغامضة والتي ظلت طرق تنفيذها سراً بسبب حرص المنفذين على انكار مسؤوليتهم  وبالتالي إخفاء الحقائق وترك بعض الأسئلة معلقة ما يترك المجال مفتوحاً للتأويلات والتحليلات ما يتيح لهم الإنكار، وفي ظل غياب رواية رسمية متكاملة تقدم كافة الأجوبة ستبقى طريقة تنفيذ جريمة اغتيال إسماعيل هنية غامضة على الرغم من أن الجميع يعرف هوية المنفذ.