تجرى اليوم الثلاثاء الانتخابات التمهيدية لمرشحي الرئاسة الأميركية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في ولاية ميشيغين. وتُعتبر نتائج هذه النتخابات محسومة سلفاً للرئيس الحالي جو بايدن ومنافسه الرئيسي في السباق الرئاسي دونالد ترامب.
ورغم أن ميشيغين تصنف كولاية متوسطة (10 ملايين نسمة) وتبلغ حصتها في المجمع الانتخابي 15 صوتاً من أصل 270 يحتاجها المرشح للفوز بالرئاسة، إلا أنها مع ذلك نالت الكثير من الاهتمام والأضواء في الفترة الأخيرة، ليس فقط لأنها من الولايات الخمس الفاصلة التي تقرر معركة الرئاسة الأميركية، بل أيضاً، والأهم، لأن العرب (2,1 بالمائة من سكان الولاية) يشكلون كتلة انتخابية لها حسابها في ترجيح الكفة في ولاية ذهبت بالاتجاهين في المرتين الماضيتين: في 2016 فاز فيها ترامب، بحوالي 10 آلاف صوت، وفي 2020 مالت إلى بايدن بأغلبية 150 ألف صوت.
مثل هذا الرقم الأخير مستبعد في 2024، فرصيد الرئيس الحالي بايدن يعاني من الهبوط عموماً في ميشيغين وغيرها، ومن هنا فحاجته ماسة إلى أصوات الكتلة العربية، التي اعتادت تاريخياً أن تصوت بقوة للمرشح الديمقراطي لكن حاجته مهددة هذه المرة، بسبب انتفاض الجالية ضده بسبب دعمه اللامحدود لإسرائيل و"تجاهله" محنة أبناء قطاع غزة وحرب الإبادة التي تعرضوا لها.
وقامت الإدارة بعدة محاولات ولقاءات، وإن كانت محدودة، مع القيادات العربية في بعض مدنها، مثل ديربورن (التي يشكل العرب 55 من سكانها)، حيث اجتمع بايدن مع النائبة فلسطينية الأصل رشيدة طليب، التي تمثل إحدى مقاطعات المنطقة في الكونغرس، ولكن اللقاء كان بلا جدوى.
وتحول الاعتراض على مواقف بايدن إلى حملة منظمة ضده وانخرطت فيها هيئات وأقليات أخرى أفريقية ومسلمة بحيث كبر وزنها الانتخابي (يزعم أحد المنظمين أنها صارت بحجم 250 ألفاً)، وتدعو الحملة إلى مقاطعة انتخابات اليوم من خلال التصويت "بعدم الالتزام" ووضع ورقة بيضاء كتعبير عن محاسبة بايدن ورداً على حرب غزة.
تداعيات حرب غزة على انتخابات ميشيغين
وبلغة الأرقام، ربما لا تؤثر المقاطعة على النتيجة، لكن مقدار الفارق الذي ستتسبب به من شأنه أن يكون أحد مؤشرات وضع بايدن وبالتالي ضعفه في الولاية. وحسب التقديرات لو بلغت النسبة بين 10% و15% عندئذ تكون رسالة "شؤم" للرئيس، على اعتبار أن هذه الفجوة تنذر بخسارة ميشيغين لو بقيت النقمة على حالها، خاصة أن التوقعات تتحدث عن ضعف إقبال على التصويت في الانتخابات العامة غير مسبوق منذ زمن بعيد، ومن هنا تزداد أهمية الكتلة العربية في هذه الولاية.
وعلى الأرجح أن بايدن، عندما بشّر أمس الاثنين بهدنة في غزة مع حلول الاثنين المقبل، كان يخاطب الرأي العام المعترض على سياسته في حرب غزة وبالتحديد في ميشيغين، ويذكر أن المتحدث في الخارجية اكتفى، الاثنين، بالإشارة إلى أن الجهود المبذولة في هذا الموضوع "حققت تقدماً" من دون تحديد موعد لإنجاز الاتفاق.
وثمة إشارات من أوساط الجالية إلى أن الغرض من المضي بالمقاطعة في انتخابات التصفية هي "لإبلاغ رسالة" للبيت الأبيض ولكن عدم تأييد الرئيس الآن لا يمتد بالضرورة إلى الانتخابات العامة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
كما كشفت مواقف، شاركت قيادات في الإشارة إليها، بأن هناك جدلاً وأخذاً ورداً حول الموقف في "ما بعد 27 فبراير" مترافقة مع تحركات واتصالات مع الجالية تقوم بها رموز ومفاتيح انتخابية للحزب الديمقراطي في الولاية من موقع التحذير من التمادي في هذا الموقف بعد "إبلاغ الرسالة" غداً، لئلا يؤدي ذلك إلى تشتيت وبلبة لا تخدم سوى ترامب.
ومن المتوقع أن ينضم إلى هذا المسعى السناتور بيرني ساندرز الذي أدان الحرب وصوت ضد منح إسرائيل مساعدة بأكثر من 14 مليار دولار، حيث حذر من الانزلاق إلى مقاطعة لا يستفيد منها سوى الرئيس السابق المعروف سجله الإسرائيلي والمعادي للعرب.
لكن بكل حال أدخلت الرسالة حرب غزة إلى ساحة انتخابات الرئاسة الأميركية كما سبق أن أدخلها قسم كبير من الجيل الطالع والطلبة الجامعيين، الذي يتخذ موقفاً سلبياً من دور الرئيس في هذه الحرب.