أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز اليوم الجمعة تشكيل تحالف لتوفير أسلحة بعيدة المدى تطالب بها أوكرانيا للدفاع عن نفسها ضد روسيا، في وقت اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كييف بالسعي لتعطيل الانتخابات الرئاسية في بلاده عبر قصف أراضٍ روسية، وإرسال 2500 جندي في محاولة لاختراق الحدود متوعدا بمعاقبة كييف.
وقال شولتز، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في برلين، إنه في إطار مجموعة الاتصال للدفاع عن أوكرانيا المعروفة باسم مجموعة "رامشتاين"، "نعلن تشكيل تحالف جديد لقدرات المدفعية البعيدة المدى"، مضيفاً أن المساعدة التي يوفّرها الحلفاء ستستمر "طالما استغرق الأمر ذلك".
وتابع في تصريح لصحافيين: "الرئيس الروسي عليه أن يعلم أننا لن نتراجع في دعمنا لأوكرانيا".
بدوره، قال ماكرون إن فرنسا وحلفاءها سيواصلون دعم أوكرانيا طالما لزم الأمر، مؤكدا أن "أمن أوروبا على المحك في أوكرانيا".
أما توسك فقال إن اجتماع الجمعة أثبت أن ما حكي عن تباينات بين داعمي أوكرانيا "غير صحيح".
وأضاف: "اليوم تحدّثنا بصوت موحّد".
وقُتل 20 شخصاً على الأقلّ وأصيب أكثر من سبعين الجمعة في إحدى أعنف الهجمات الصاروخية الروسية على مدينة أوديسا الساحلية في جنوب أوكرانيا التي استُهدفت مرّتين في الأيّام الأخيرة.
وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بما اعتبره "هجوماً مشيناً" استُخدم فيه صاروخان، سقط الثاني "فيما كان المسعفون والأطباء يصلون الى مكان الهجوم".
وأفادت أجهزة الإسعاف بأن الهجوم خلف عشرين قتيلاً، فيما أشار النائب العام الأوكراني أندريه كوستين عبر "فيسبوك" إلى سقوط 73 جريحاً.
زادت أوكرانيا ضغطها العسكري على منطقتي بيلغورود وكورسك الروسيتين المحاذيتين لحدودها واللتين استهدفتا بهجمات عدة بمسيّرات وتوغلات لوحدات عسكرية تضم روسا معارضين للكرملين.
وقُتل مدني وأصيب اثنان آخران في بيلغورود في قصف أوكراني، وفق ما أعلنه الحاكم فياتشيسلاف غلادكوف الذي أفاد في وقت بأنّ مقاتلاً قضى أيضاً في ضربة أخرى.
بموازاة ذلك، كثرت الهجمات بالمسيّرات في المناطق الحدودية الروسية وكذلك مناطق واقعة على مسافة مئات الكيلومترات من خط الجبهة، إذ إن كييف تعهدت الرد على القصف الذي تتعرض له أوكرانيا منذ أكثر من سنتين.
وفي دونيتسك في شرق أوكرانيا التي تسيطر عليها روسيا، أعلنت السلطات الموالية لموسكو مقتل ثلاثة أطفال في ساعات الصباح الأولى إثر قصف طاول المدينة ليلاً.
وأعلنت الشرطة الأوكرانية من جهتها، أن هجمات بمسيّرات روسية في الليل أدّت إلى مقتل زوجين وإصابة شابين في منطقة فينيتسيا (الوسط الغربي)، على مسافة أكثر من 400 كيلومتر من خطّ المواجهة.
وفي جنوب أوكرانيا، قضت مسنة في السادسة والسبعين في قصف روسي على منطقة زابوريجيا، وفق الإدارة الإقليمية.
بوتين يتوعد بالرد على هجمات أوكرانيا
على الضفة الأخرى، قال بوتين في حديثه أمام أعضاء مجلس الأمن الروسي الذي يضم رؤساء الجيش والمخابرات وأقوى القادة المدنيين في الدولة، "من أجل تعطيل عملية التصويت وترهيب الناس، على الأقل في المناطق الحدودية، يحاول نظام كييف... تنفيذ عدد من الأعمال الإجرامية. وضرب مناطق مدنية في روسيا".
وأضاف بوتين الذي بدا غاضباً: "هذه الضربات من العدو لن تمر دون عقاب".
وقال بوتين إن أربع هجمات وقعت في منطقة بيلغورود وواحدة في منطقة كورسك من قبل وكلاء أوكرانيين مسلحين يبلغ عددهم حوالي 2500. وأضاف أنهم كانوا يتسلحون بما يصل إلى 35 دبابة و40 عربة مدرعة، مشيراً إلى أن 60 بالمائة منهم قتلوا.
في الوقت نفسه، أوقف ما لا يقل عن ثلاثة عشر شخصا على خلفية إلحاق أضرار بمراكز اقتراع، وهي أفعال لم يتم الإعلان عن دوافعها المحددة.
ومن المنتظر أن تسفر الانتخابات التي تستمر حتى الأحد عن فوز الرئيس بولاية إضافية مدتها ست سنوات، بعد قمع كافة الأصوات المعارضة. لكن مسار الانتخابات لم يخل من عوائق.
وعشية الانتخابات الرئاسية، حثّ فلاديمير بوتين البالغ 71 عاماً قضى 24 منها في السلطة، مواطنيه على عدم "الانحراف عن المسار" في هذه الأوقات "الصعبة"، في إشارة إلى عواقب الهجوم على أوكرانيا المستمر منذ أكثر من عامين.
ويواجه الرئيس المنتهية ولايته ثلاثة مرشحين لا يعارضون الحرب على أوكرانيا ولا القمع الذي قضى على كل معارضة.
ومن شأن فوز بوتين في هذه الانتخابات أن يتيح له البقاء في السلطة حتى عام 2030. وبفضل التعديل الدستوري لعام 2020، سيتمكن من الترشح مرة أخرى والبقاء في المنصب حتى العام 2036، وهو العام الذي يبلغ فيه 84 سنة.
وبسخرية، وجه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال "التهاني" إلى بوتين الجمعة على "الفوز الساحق الذي حققه في الانتخابات التي تبدأ اليوم".
وانتقدت الولايات المتحدة الاقتراع، ونددت بـ"الانتخابات الصورية المنظمة في الأراضي الأوكرانية المحتلة". ودعت وزارة الخارجية الأوكرانية المجتمع الدولي إلى رفض نتيجة هذا التصويت الذي وصفته بأنه "مهزلة".
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)