الشرطة التونسية تطلق الغاز لتفريق محتجين قرب موقع انعقاد القمة الفرنكوفونية

18 نوفمبر 2022
تعيش جرجيس حالة غضب منذ غرق مركب يقلّ مهاجرين في 21 سبتمبر (Getty)
+ الخط -

أطلقت الشرطة التونسية، اليوم الجمعة، الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين في جرجيس، جنوبي البلاد، حاولوا الوصول إلى جزيرة جربة، مكان انعقاد القمة الفرنكوفونية، ما أدّى إلى تسجيل حالات اختناق في صفوفهم.

وتعيش مدينة جرجيس، جنوب شرقي تونس، منذ 21 سبتمبر/أيلول، حالة من الغضب بعد غرق مركب هجرة غير نظامية كان يقل 18 من شباب المدينة، لا يزال 9 منهم في عداد المفقودين.

وانطلق أهالي مدينة جرجيس في مسيرة حاشدة في اتجاه جزيرة جربة، حيث تُعقد القمة الفرنكوفونية التي تنطلق غداً السبت، رافعين شعار البحث عن حقيقة مركب المهاجرين الذي غرق قبالة سواحل الجزيرة منذ 21 سبتمبر/أيلول الماضي.

وأحالت الإسعافات الصحية 30 من مواطني جرجيس إلى المستشفى من أجل تلقي العلاج اللازم، بعد تسجيل حالات اختناق في صفوف المحتجين.

وقال الكاتب الصحافي والناشط بمدينة جرجيس مسعود الكواش، لـ"العربي الجديد"، إن "المسيرة انطلقت من المدينة عبر المركبات والعربات التي حملت الأهالي في اتجاه جزيرة جربة، مقر انعقاد القمة الفرنكوفونية، بغية إبلاغ صوت الأهالي لكل القيادات وضيوف الحدث الدولي".

وأكد الكواش أن "مسيرة العربات تقدّمت إلى مستوى قنطرة ما يُعرف بالجسر الروماني الذي يفصل بين المدينتين، حيث جرى اعتراضها ومنعها من المرور".

وأشار إلى أن "المحتجين كانوا ينوون مواصلة المسيرة السلمية سيراً على الأقدام والتقدم في اتجاه جربة، غير أن الحاجز الأمني الذي تم تركيزه اعترضهم ومنعهم من المرور، ما تسبب في اشتباكات بين المواطنين وقوات الشرطة المتمركزة على الطريق الرابط بين المدينتين".

وأفاد الكواش أن "القوات الأمنية استعملت الغاز المسيل للدموع لإجبار المواطنين على الرجوع إلى جرجيس"، مؤكداً "إصرار المحتجين على الوصول إلى جزيرة جربة، وإبلاغ صوتهم للمسؤولين والتعريف بقضيتهم لدى الحاضرين في القمة الفرنكوفونية".

ومن جربة، ليلة افتتاح القمة الفرنكوفونية، قال الرئيس قيس سعيد في تصريحات للصحافيين إن "هناك من يتاجر ببؤس المواطنين وبمصائبهم وأحزانهم ليصل إلى مآرب سياسية يعلمها الجميع"، متابعاً ''أقول لأهل جرجيس صبراً قليلاً فإنّ الحقيقة آتية".

ونقلت إذاعة "موزاييك" عن سعيد قوله إنه "يعتبرهم شهداء لأنهم ضحايا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".

واعتبر سعيد أن" قضية الهجرة غير النظامية لا يمكن حلّها في الواقع إلا بتصور مختلف عن الحلول الأمنية القديمة"، قائلاً ''الحل يجب أن يكون جماعياً مع دول الشمال الأوروبي بعيداً عن المقاربات الأمنية ويجب أن نقضي على الأسباب التي تدفع الشباب والعائلات إلى قوارب الموت" بحسب قوله.

وتتواصل الاحتجاجات وسط مدينة جرجيس بعد تصاعد الغضب من التعاطي الأمني العنيف مع المسيرة الاحتجاجية، التي قال الأهالي إنها سلمية.

وأكد عدد من الأهالي أن السلطات الأمنية أفرجت عن المحتجين الذين اعتُقلوا، كما أجبرتهم على العودة إلى وسط مدينة جرجيس، حيث يتواصل الاحتقان.

وتقرر "النفير العام" في اتجاه جزيرة جربة أمس الخميس، عقب لقاء جمع أعضاء هيئة الحقيقة والعدالة (تنسيقية مدنية تقود التحركات الاحتجاجية) وعائلات الضحايا والمفقودين بوفد أمني أوفدته السلطات المركزية للتفاوض مع المحتجين، حيث أعلنت التنسيقية مخرجات الاجتماع وتمسكها بقرار مواصلة الإضراب العام والعصيان المدني.

وقال المتحدث إن "الأهالي وتنسيقية العدالة والحقيقة كانوا ينتظرون قدوم وزير الداخلية توفيق شرف الدين إلى جرجيس للتفاوض معهم، وبحث ملف غرق مركب المهاجرين، غير أنه لم يحضر، وأوفدت قيادات أمنية لإبلاغ المحتجين بأن الرئيس قيس سعيّد ينوي، الأسبوع المقبل، استقبال أهالي الضحايا وإطلاعهم على الحقائق التي توصلت إليها الأبحاث الجارية". غير أن الأهالي اعتبروا أن تأخر وزير الداخلية عن لقائهم هم وتنسيقية المجتمع المدني احتقار للمأساة التي تعيشها المدينة منذ قرابة 60 يوماً، بحسب الكواش، ليقرروا لاحقاً مواصلة الإضراب العام وإعلان العصيان المدني.

منظمات مدنية تونسية تتضامن مع أهالي جرجيس

وتضامناً مع أهالي جرجيس، أصدرت منظمات مدنية تونسية بياناً إثر الاعتداءات الأمنية الكبيرة على المحتجين.

وأورد البيان أن "قوات أمنية ضخمة تمركزت فجراً في المفترقات الرابطة بين جرجيس وجربة، أقدمت على قمع الاحتجاج السلمي الذي قرر أهالي جرجيس تنظيمه لإيصال أصواتهم المطالبة بكشف الحقيقة في الفاجعة البحرية ليوم 21 سبتمبر". 

وأضاف البيان "لم يسلم من هراوات البوليس الكبار والصغار وتم استعمال قنابل مسيلة للدموع منتهية الصلوحية استهدفت حتى النساء والقصّر بل حتى حرم مدرسة ابتدائية. كما تم إيقاف العشرات من الشباب وقادة الحراك الاحتجاجي ومقايضتهم بعودة الأهالي الى جرجيس. كما تواصلت مطاردات المحتجين إلى داخل مدينة جرجيس التي تشهد احتقانا متصاعدا". 

وأشار البيان إلى أن "هذه الممارسات القمعية تأتي أيام بعد الاستعراض الدوري الشامل حول حقوق الانسان وتأكيد الحكومة على احترامها واحترام الحق في التعبير والاحتجاج السلمي، وتسبق الفعاليات الرسمية للقمة الفرنكفونية حيث سنسمع شعارات متكررة حول احترام الحقوق والحريات".

ومن المنظمات والجمعيات الموقعة على البيان، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان بتونس، فيدرالية التونسيين للمواطنة بين الضفتين، محامون بلا حدود، منظمة البوصلة، وغيرها.

وجددت المنظمات "تضامنها مع عائلات وأهالي جرجيس من أجل كشف الحقيقة كاملة لضحايا فاجعة 21 سبتمبر".

وتبعد مدينة جرجيس نحو 45 كيلومتراً عن جزيرة جربة على الساحل الشرقي، جنوبي تونس، ويفصل بين المدينتين جسر قديم يُسمّى بالجسر الروماني، وقد شهد اليوم المواجهات بين المحتجين والقوات الأمنية التي منعتهم من التقدم نحو مدينة جربة.

وتحتضن جزيرة جربة، يومي 19 و20 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، الدورة الـ43 للقمة الفرنكوفونية، بحضور وفود دولية من العديد من البلدان.

والثلاثاء، قال ممثلون عن هيئة الحقيقة والعدالة بجرجيس، في مؤتمر صحافي، إن لجنة التفاوض مع السلطات المركزية حصلت على وعد رسمي بزيارة وفد وزاري إلى مدينة جرجيس، من أجل إماطة اللثام عن ملف غرق مركب المهاجرين منذ 21 سبتمبر الماضي.

وأعلنت هيئة الحقيقة والعدالة أن التنسيقية المدنية ستمهل السلطات 48 ساعة لإيفاد وفد وزاري إلى جرجيس، من أجل تسريع مسار البحث ومقاضاة من تثبت مسؤوليتهم عن غرق المركب، وانتشال الجثث ودفنها في مقابر الغرباء بطريقة غير قانونية.

المساهمون