سيرة مُنفِّذَي عملية يافا وكيف فاجآ الأمن الإسرائيلي

02 أكتوبر 2024
محمد مسك وأحمد الهيموني منفذا عملية يافا (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تفاصيل العملية وأحداثها: نفذ شابان فلسطينيان من الخليل عملية في يافا، أسفرت عن مقتل 7 إسرائيليين وإصابة 9 آخرين. بدأت بطعن إسرائيلي وعنصر أمن، ثم السيطرة على سلاح الأخير وإطلاق النار. استشهد محمد راشد مسك وأصيب أحمد الهيموني بجروح بالغة.

- خلفية المنفذين ودوافعهم: محمد مسك، 21 عاماً، كان يعمل في صيانة المركبات وملتزماً دينياً. أحمد الهيموني، 22 عاماً، تعرض للاعتقال سابقاً وتأثر بالأحداث في غزة والضفة.

- ردود الفعل والإجراءات الإسرائيلية: اقتحمت قوات الاحتلال منازل المنفذين، واعتقلت أفراد عائلتيهما وهددتهم بالتنكيل. العائلتان عبرتا عن فخرهما بأبنائهما.

بشكل غير متوقع، فاجأ مُنفِّذا عملية يافا التي وقعت مساء أمس الثلاثاء، الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ولا سيما في كيفية وصولهما من مدينة الخليل، جنوبيّ الضفة الغربية، إلى مدينة يافا في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وسط ظروف أمنية مشددة على المعابر والحواجز والطرق المؤدية إلى ما وراء الجدار الفاصل، خصوصاً أنهما لا ينتميان إلى تنظيمات أو توجهات فصائلية معيّنة، وهما في مطلع العشرينيات من العمر.

ووقعت عملية يافا أمس الثلاثاء، في شارع القدس، وأدت إلى مقتل 7 إسرائيليين، وإصابة 9 آخرين خلال عملية إطلاق نار، وفق ما ذكرت الشرطة الإسرائيلية، التي قالت إن العملية حصلت بعد وصول المنفذين إلى محطة القطار في شارع القدس، حيث نفّذا عملية طعن لإسرائيلي، وعنصر أمن آخر، وسيطرا على سلاحه، ثمّ نفّذا عملية إطلاق النار تجاه القطار والشارع. وأظهرت مقاطع مصوّرة من موقع العملية، أن المنفذ الأول للعملية الشاب محمد راشد مسك قد استشهد وفق ما أعلنت الشرطة الإسرائيلية، فيما أظهرت مقاطع أخرى أن رفيقه المنفّذ الآخر أحمد عبد الفتاح الهيموني قد أصيب بجروح بالغة، حيث كان يحرّك رأسه وجسده، بعد تقييد يديه وقدميه عقب إصابته برصاص الشرطة الإسرائيلية.

وبحسب المقاطع المصوّرة من العملية، فإن منفّذ عملية إطلاق النار، الذي حمل السلاح هو الشهيد محمد راشد مسك الذي يبلغ من العمر 21 عاماً، وهو من عائلة ملتزمة دينياً، لا ينتمي إلى أي توجهات تنظيمية، ويعمل في مجال صيانة المركبات ودهانها. ويقول رشاد مسك، عمّ الشهيد محمد في حديث مع "العربي الجديد"، "إن الشهيد كان منذ بداية الحرب متأثراً (بالمجازر) وعقائدياً، بشهادة جيرانه وأهله". ويضيف: "عمله المشرف لم يكن متوقعاً، لكنه ليس غريباً، لأنه انعكاس للالتزام الذي يعيشه في علاقاته بكل الناس".

ويتابع: "ما نعرفه أنه ليس لديه أي انتماء تنظيمي، لكن لا يمكن الجزم في مثل هذه الأمور بعد هذا الفعل، خصوصاً أنه لم يعتقل سابقاً في سجون الاحتلال، ولم تكن له أي مشاركة أو فعالية في أنشطة سياسية، ومع ذلك فإن العمل الذي قام به يشرّف الأمة جمعاء، وليس عائلتنا فقط". ويشير مسك إلى أن الشهيد محمد كان يعمل قبل نحو عامين في الداخل المحتل، لكن دون امتلاكه تصريح عمل رسمياً، بل بطاقة "ممغنطة"، وهي بطاقة إسرائيلية صادرة عن الارتباط المدني الإسرائيلي، تشير إلى عدم وجود مانع أمني على حاملها، وأنه يمكن تقديم طلب للحصول على تصريح إسرائيلي، ما يعني أن الشهيد مسك لا يحمل ملفاً أمنياً ترفضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وفي أعقاب العملية، اقتحمت قوات الاحتلال منزل الشهيد محمد مسك، وأخذت قياساته ووضعت علامات عبر معدات الحفر والهدم، واعتقلت والده وثلاثة من أشقائه، وهددت العائلة بالتنكيل والوعيد، بعد أن خربت منازلهم، وفق ما يقول عم الشهيد. أما المنفذ الآخر، فهو أحمد عبد الفتاح الهيموني، يبلغ من العمر 22 عاماً، وتربطه علاقة قرابة من الدرجة الثانية بالشهيد مسك. ويقول محمد الهيموني، أحد أقارب أحمد، في حديث مع "العربي الجديد"، "إن الأخير شاب ملتزم، ورغم عدم وجود انتماء سياسي واضح له، غير أنه كان متأثراً طوال عمره بأسرته التي عانى فيها والده وأعمامه من الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بحجّة تأييد حركة الجهاد الإسلامي ومناصرتها".

ويلفت الهيموني إلى أن المنفّذ أحمد تعرّض للاعتقال في سجون الاحتلال قبل نحو عام ونصف عام لمدّة 4 أشهر، على خلفية عمله سابقاً في الداخل المحتل، دون امتلاكه تصريح عملٍ إسرائيلياً. ويقول الهيموني: "يبدو أن عمله في الداخل مكّنه من معرفة مكان العملية جيداً، وفهم واقعها الأمني، ومواقع حركة الإسرائيليين، ووجود عناصر الأمن، وهذا سهل عليهما تنفيذ العملية".

وكان المنفذ أحمد الهيموني من بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال قبل الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، يعمل في عدّة مجالات، مثل تجارة الخضار والفواكه مع والده، أو في قطاع البناء والإنشاءات، لكونه ترك المدرسة مبكراً، واختار العمل مع والده. ويقول محمد الهيموني: "يروّج البعض أحياناً أن منفذي العمليات يعانون من ظروف شخصية أو عائلية أو نفسية، لكن الشاب أحمد الهيموني شاب ذكي واعٍ، تربطه علاقة جيدة بمحيطه، وفيه من المروءة والنشاط والبنية الجسدية المتينة التي يدرّبها على التمارين الرياضية، ما يجعله من أفضل أقرانه في الحيّ الذي يسكنه، لكن بلا شك لا يمكن فصل مشاركته في العملية عن سياق تراكم الأحداث التي حصلت أخيراً في قطاع غزة أو الضفة، خصوصاً أنه كان متأثراً بما يجري في البلاد".

ويشير الهيموني إلى أن العائلة تلقّت خبر نجلها بمشاركته في العملية بكل فخر واعتزاز، وقالت لحظة انسحاب الاحتلال من منزلها إنه فداء لفلسطين، رغم أن الاحتلال اعتقل والده وشقيقيه، ونكّل بالعائلة قبل الاعتقال، وخرّب محتويات المنزل وكسّرها، وحفّرها، وأخذ قياساته خلال اقتحامه لمدة 4 ساعات الليلة الماضية. ولم تبلغ قوات الاحتلال التي اقتحمت منزل عائلة الهيموني، ما إن كان نجلها قد استشهد أو أصيب في العملية، إلا أنهم أبلغوها أن أحمد كان مشاركاً في العملية التي أدت إلى مقتل إسرائيليين.