سياسيون ينتقدون قانون الانتخاب الجديد في تونس: قيس سعيّد أقصى الأحزاب ويريد قتل السياسة

16 سبتمبر 2022
كان قيس سعيّد قد أكد أن نظام الاقتراع على الأفراد ليس نظاماً إقصائياً (الأناضول)
+ الخط -

أكد سياسيون تونسيون أن الرئيس قيس سعيّد أقصى دور الأحزاب من خلال اختياره الاقتراع على الأفراد في القانون الانتخابي الجديد، مضيفين أن هذا الخيار "سيئ ويكرس حكم الفرد".

وأعلن سعيّد، لدى إشرافه أمس الخميس على مجلس الوزراء، أن نظام الاقتراع السابق على القوائم وأكبر البقايا "غير مجد"، مشبها إياه بـ"نظام العار الذي لا يمكّن من تمثيل إرادة الشعب بشكل حقيقي".

وبين سعيّد أنه سيُعتمد بدلا عن ذلك الانتخاب على الأفراد الذي سيكون "أكثر نجاعة وملاءمة لتونس"، مشيرا إلى أن نص القانون "وضع بعناية بعد دراسة التاريخ والتجارب المقارنة"، مؤكدا أن نظام الاقتراع على الأفراد "ليس نظاما إقصائيا، ولن يتم إقصاء أي فاعل سياسي طالما تتوفر فيه الشروط الموضوعية التي ينص عليها القانون الانتخابي، أما من يريد المقاطعة فهو حر".

حزب العمال: القانون مجرد أداة لتكريس مشروع سعيّد الشعبوي

وقال الأمين العام لـ"حزب العمال" حمة الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذا القانون "جزء من المسار الانقلابي ومجرد أداة يريد من خلالها قيس سعيّد تكريس مشروعه الشعبوي الاستبدادي"، مبينا أن القانون "لا يعني الأحزاب؛ ولذلك هم غير معنيين به، ويرفضونه مثل ما سبق أن رفضوا الاستفتاء والدستور والاستشارة"، مؤكدًا رفض الانتخابات القادمة وعزمهم مقاطعتها.

وأوضح الهمامي أن شعارهم الأساسي هو رحيل قيس سعيّد ومنظومته، مبينا أن "خيار الانتخاب على الأفراد هو لضرب الأحزاب ولفسح المجال للعروشية والوجاهات والمال الفاسد"، مؤكدا أن "عديد التجارب المتشابهة بينت فشل ومساوئ الانتخاب على الأفراد بفسح المجال أمام أعيان القرى الصغيرة وأصحاب المال... في مصر بعد سقوط حسني مبارك وفي ليبيا بعد اغتيال القذافي، تبين فشل مثل هذه التجارب".

وبين الهمامي أن "هناك إقصاء واضحا للأحزاب"، متسائلًا عن عدم نشر سعيّد قانون انتخاب مجالس الجهات، في وقت أكد فيه أن هذا القانون بحسب تقديره سيحمل "الكثير من المفاجآت".

"التيار الديمقراطي": المرسوم الانتخابي محاولة لإلغاء دور الأحزاب السياسية

وقال الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، إن المرسوم الانتخابي "اللادستوري" الجديد هو محاولة من "الحاكم بأمره" لإلغاء دور الأحزاب السياسية، التي هي العمود الفقري لكل نظام ديمقراطي، ما يعني ذلك القضاء على كل حياة سياسية في البلاد وتقزيم دور المؤسسات المنتخبة، ومحاولة جعلها أداة طيعة و"كومبارس" في خدمة منظومة الحكم الفردي، بحسب تعبيره.

وأوضح الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن موقف الأحزاب الخمسة لحملة مقاطعة الاستفتاء واضح منذ البداية، وهو مقاطعة المشاركة في الانتخابات بقطع النظر عن القانون الانتخابي.

وأكد أن سعيّد جعل من القانون الانتخابي "أتعس" القوانين في العالم والتي لا تمكّن من انتخاب مجلس نيابي تشريعي، بل مجرد مجلس لنواب المعتمديات ونواب للجهات، مشيرًا إلى أن الانتخاب على الأفراد يعني أن الشخص يترشح باسمه ويقدم مشروعه الانتخابي باسمه ويتحمل مسؤوليته أمام ناخبيه ويتحصل على التزكيات بمفرده، ما "سيخلق مجلسا نيابيا مشتتا لن تكون فيه أغلبية تحكم وأقلية معارضة".

وبحسب ما قال الشواشي، فإن التعديلات على القانون الانتخابي ستكرس المال السياسي الفاسد والجهويات والقبلية؛ لأن القائمات على الأفراد وشرط الحصول على 400 تزكية تكون بالتعريف بالإمضاء، وهو ما يتطلب الكثير من المال، إضافة إلى ضرورة أن يكون المترشح معروفا في جهته، وهذا ما قد يدفع باتجاه أن تصبح "التزكيات بالمال".

وأضاف الشواشي أن التعديلات الجديدة تضرب حق المرأة في المشاركة السياسية، إضافة لإقصاء الشباب، لأن أي شاب غير قادر على جمع التزكيات بمفرده وبماله الشخصي ومن دون أن يكون وراءه حزب، عدا عن إقصاء النخب والكفاءات.

وقال إن هذا النظام سيخلق طوابير يوم الانتخاب لأنه قد يترشح المئات من الأشخاص، مشيرًا إلى أن الدستور الجديد يوجب التفرغ للعمل النيابي، وهو ما يمنع على المهن الحرة والأطباء والمهندسين والمحامين الترشح.

وبين أن "هذا يعيدنا إلى نظام بن علي، حيث كان هناك برلمان ولكنه صوري، ومن التحيل الذي قام به سعيّد أنه لم يصدر القانون المنظم لمجالس الجهات والذي سيكرس النظام القاعدي".

"حزب التكتل": الاقتراع على الأفراد يشجع على "العروشية"

وقال رئيس "حزب التكتل" خليل الزاوية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الاقتراع على الأفراد في دوائر ضيقة يشجع على "العروشية والمحلية"، خاصة أن البرنامج الانتخابي يجب أن يكون محليا، وبالتالي "الشخص هنا ليس نائب شعب بل نائب منطقته"، موضحا "أننا لا نتحدث هنا عن مجلس نواب بل عن ترذيل العمل النيابي".

وبين الزاوية أن مجلس النواب لن تكون له مهمة رقابية على الحكومة، وأن طريقة الاقتراع هذه ستجعل النواب "درجة ثانية لن يكون لهم دور أساسي"، مبينا أنه "من المنتظر وضع مجلس الجهات الذي يهم الناس في جهاتهم، وبالتالي المشهد السياسي القادم لا يخلو من ترذيل للعمل البرلماني وللعمل التشريعي ويكرس للحكم الفردي أكثر فأكثر".

ولفت إلى أن "هذا القانون لا يخلو من أشياء غريبة وغير واقعية كالحديث عن 400 تزكية لكل فرد (200 امرأة و200 رجل) كما أن النساء سيتم إقصاؤهن تماما من المشهد ولن يكون لهن أي حضور، وسيقتصر دورهن على التزكيات خلافا للقانون الانتخابي في 2011 و2014، والذي يقوم على تشجيع تمثيلية المرأة".

"ائتلاف الكرامة": هدف القانون إحداث فوضى عامة في البلاد

وقال القيادي في "ائتلاف الكرامة" زياد الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام الذي يسعى إليه قائد الانقلاب ليس بالجديد.. أعتقد أن هدف الانقلاب من هذا القانون إحداث الفوضى العامة في البلاد واستكمال مشروع تفجير الدولة وتفكيكها من الداخل، وخصوصًا من طرف السلطة التنفيذية".

وأضاف أن "ما كان يجرى التحذير منه من قبل حدوث الانقلاب للأسف، أصبح واقعا، فالانقلاب يسير قدما في تدمير الحياة السياسية، والأخطر هو تدمير النسيج الاجتماعي للبلاد التونسية، وهذا النظام سيعيد للمجتمع التونسي العروشية والقبلية، وسيكون فقط من لديه المال والعرش موجودا في السباق الانتخابي".

وبين أن "البرلمان سيكون ضعيفا شكليا وبلا حول ولا قوة، مشتتا وبلا هوية وبلا صلاحيات، وسيجعل من النائب محل تجاذبات مع سهولة حل البرلمان من طرف رئيس الجمهورية"، مؤكدا أن "نظام قيس سعيّد يسير بالبلاد إلى الحرب الأهلية بتواطؤ الصمت من طرف القوى الصلبة للدولة"، بحسب قوله.

"حركة النهضة": القانون الانتخابي ضد العدالة والديمقراطية

يرى القيادي في "حركة النهضة"، العجمي الوريمي، أن قيس سعيّد يتبنى الانتخاب على الأفراد منذ 2012، ويدافع عن ذلك منذ وصوله إلى الرئاسة، مبينا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن سعيّد منذ 25 يوليو/ تموز يروج أن مخرجات الاستشارة الوطنية تؤكد ضرورة الانتخاب على الأفراد وعلى دورتين مع سحب الوكالة، مبينا أن "قرار سعيّد كان واضحا منذ البداية، وهذه إيمانه وأفكاره والقانون الانتخابي الذي يتبناه، ويعتبر أن الشعب قرر".

وبين الوريمي أن "القانون الانتخابي الذي أصبح ساري المفعول بإصدار المرسوم يقوم على الانتخاب على الأفراد ويحقق لقيس سعيّد هدفه، ولكنه قانون ضد العدالة وضد الديمقراطية بل هو قانون الديمقراطية المغدورة".

وأكد أنه في 2019 لم تقع المصادقة على تنقيح القانون الانتخابي بتحديد العتبة بين 3 و5 بالمائة (الحد الأدنى من الأصوات للحصول على مقعد) والتي تنتج كتلا كبيرة قادرة على الحكم، ما يسمح بالتغلب على المشاكل السابقة، مضيفا أن سعيّد بهذا القانون "أنهى النسبية لتمثيل الأقليات، حزبية كانت أو ثقافية أو مستقلين، وكذلك الجهات، كما أن القانون السابق نص على التناصف وتمثيل الشباب، واليوم قيس سعيّد نسف ذلك".

وبحسب ما يقول، فإنه لاحظ أن "تقسيم الدوائر يحتوي عدة تناقضات وسيفجر مشاكل داخلية ذات طابع جهوي بين السكان، كما يمكن أن تزدهر تجارة التزكيات، وبالتالي سيكون المجال مفتوحا للمال الفاسد، والترشح عملية صعبة وتشجع على الطرق الملتوية، وعلى التحيل والمتاجرة بالأصوات"، مبينا أن "هذا القانون لا يضمن مبادئ الديمقراطية في تكافؤ الفرص في كامل العملية الانتخابية ويتدرج في الإقصاء".

المساهمون