سياحة السفراء لدى العراق: السياسة حكر على الأميركي والإيراني

01 ابريل 2024
ألينا رومانوسكي الأكثر نشاطاً على الساحة السياسية (إسماعيل عدنان/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- السفراء الأجانب في بغداد يظهرون اهتماماً متزايداً بالأنشطة الإعلامية والاجتماعية، مثل التجول في الأسواق والمشاركة في الفعاليات الثقافية، مما يعكس تنوع في الأدوار والاهتمامات بينهم، من الثقافة والفنون إلى النشاطات السياسية.
- توجه السفراء نحو الأنشطة الثقافية والاجتماعية أثار جدلاً سياسياً، حيث يرى مؤيدون أنه يعزز التقارب الثقافي، بينما يعتبره معارضون استفادة إعلامية للسفراء دون السفارات.
- انتقادات وجهت لهذه الأنشطة باعتبارها "فلتان" وطالب بعض المسؤولين بضوابط لها، لكن يرى آخرون أنها تعكس تحسن الوضع الأمني وتسعى لتقريب الشعوب وتحسين صورة العراق، مع تجنب السفراء لمواضيع حساسة كالفقر والحريات.

يهتم السفراء الأجانب في بغداد على غير عادتهم في السنوات الماضية، بالأنشطة الإعلامية، إذ تُظهر حسابات السفراء الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، تجوّلهم في الأسواق وهم يلتقطون الصور في المطاعم ويتحدثون عن الأكلات العراقية الشعبية.

كما تظهرهم وهم  يشاركون كمتحدثين في جلسات نقاشية تنظمها المنظمات المحلية والفرق التطوعية حول مواضيع اجتماعية عديدة، ناهيك عن مشاركاتهم في معارض الرسم والحفلات الموسيقية، ما أثار جدلاً سياسياً جديداً بين مؤيد ومعارض.

ويجد مراقبون أن هذه المشاركات للسفراء ليست مهمة، لكنها تحتوي على جانب إعلامي يستفيد منه السفير وحده، وليس السفارة.

اهتمامات متباينة لدى السفراء الأجانب في بغداد

يُعد السفير البريطاني في العاصمة العراقية بغداد، ستيفن هيتشن، الأكثر ظهوراً على مواقع التواصل، إذ يتحدث عبر مقاطع مصورة عن مواضيع كثيرة، غالبيتها عن الأكل والعادات الاجتماعية العراقية والأسواق والملابس.

وقد ظهر أخيراً في فقرات مصورة ببغداد تحت عنوان "السفير شو"، تحدث فيها عن الأكلات البغدادية والشوارع القديمة ومفردات الحياة اليومية للعراقيين، كأنه مراسل ميداني. أما السفيرة الكندية، كاثي بونكا، فتهتم بالأفلام التي تعرض في سينمات بغداد، والمشاركة في فعاليات مختلفة محلية.

كما يُعرف عن السفير الياباني، ماتسوموتو هوتوشي، ولعه بالتقاط صور السيلفي ومشاركتها على مواقع التواصل. في المقابل، يُعدّ السفير الروسي، إلبروس كوتراتشوف، الأكثر "هدوءاً" بين السفراء، وهو قريب من الصحافيين والصحافيات، ويتبادل الزيارات والظهور معهم في المطاعم.

أنشطة سياسية لسفيرَي واشنطن وطهران

في مقابل ذلك، يبرز السفير الإيراني محمد كاظم آل صادق، من خلال زيارات مكوكية متواصلة للزعامات الدينية والسياسية الشيعية، بالإضافة إلى المشاركة في مجالس العزاء والتجمعات العشائرية.

أما السفيرة الأميركية، ألينا رومانوسكي، فتبدو الأكثر نشاطاً على الساحة السياسية، وتلتقي بأبرز المسؤولين في الحكومة بصورة دائمة، وهي تشارك بقية السفراء في التجوال الخارجي في شوارع بغداد والمساهمة في فعاليات المجتمع المدني.

انتقاد أنشطة السفراء الأجانب في بغداد

ووجه المتحدث الأسبق باسم الحكومة العراقية، السفير الحالي في سلطنة عُمان، علي الدباغ، انتقادات حادة لحراك السفراء الأجانب في بغداد، واصفاً الموضوع بأنه "فلتان".

وأضاف في تصريح على محطة تلفزيون عراقية، بداية الشهر الماضي، أنه غير مسموح للسفير زيارة أي مكان من دون معرفة الدولة التي يعمل فيها، والآن هناك "فلتان في العراق في ما يتعلق بحركة السفراء".

كما وصف ظهور أحد السفراء ببرنامج شعبي بأنه "غير معقول"، و"فلتان"، وأنه يتعين على الخارجية العراقية وضع ضوابط للموضوع.

المجتمع العراقي هو الفئة المستهدفة

ورغم العلامات الإيجابية في حرية أنشطة السفراء الأجانب في بغداد علناً في شوارع العراق، بوصفها دليلاً على تحسّن الوضع الأمني والتعافي الجيد في البلاد، لكن عضواً في لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي، اعتبر أن هذه الفعاليات "تستهدف المجتمع لا الدولة".

علي الحجيمي: كثير من السفراء في العراق لا يتطرّقون إلى مواضيع مثل الفقر والحريات

وأضاف في حديث مع "العربي الجديد"، طالباً عدم الكشف عن اسمه، أن "التجوال في المجمعات التجارية وصالات السينما واللقاء بالناشطات والصحافيات وإقامة الفعاليات والولائم، محاولة لتصحيح صورة أو كسر عزلة العراقيين عن تلك الدول، وهي جيدة، لكنها ليست ذات فائدة سياسية للبلاد".

ولفت إلى أن "الوضع السياسي العراقي حساس، ويبدو أن السفارات الأجنبية لا تريد أن تكون عنصر قلق للعملية السياسية، بالتالي فهي تمارس أنشطة شعبية وتقترب من التجمعات المدنية والمنظمات وتقدّم القليل من الدعم المالي لتنفيذ مشاريع".

ومن هذه المشاريع "ما يتعلق بحرية الرأي والتعبير، والديمقراطية، ودعم الفئات الضعيفة، ومنهم ذوو الاحتياجات الخاصة".

تهرّب من الملفات الشائكة

من جهته وصف الناشط السياسي علي الحجيمي، أنشطة السفراء الأجانب في بغداد بأنها "تهرّب من التعمق في ملفات عراقية شائكة"، معتبراً في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه الأنشطة "محاولة لإضفاء شرعية على العملية السياسية ورسائل مريحة للحكومات العراقية.

وأضاف أن كثيراً من السفراء في العراق، يظهر أنهم "يعيشون وكأنهم في سفرة مدرسية، إذ يتبادلون الزيارات وباقات الورد مع المسؤولين وزعماء الأحزاب، ثم يزورون الأسواق والمطاعم، بينما حقيقة الأوضاع من فقر وسوء خدمات وتراجع الحريات، لا يتم التطرق لها من قبلهم".

وبرأي الحجيمي فإن "هذا الأسلوب يمثل حالة تماهي للسفراء مع السلطة الموجودة، ناهيك عن وجود أحاديث غير مؤكدة عن علاقات اقتصادية وتبادل منافع شخصية لبعض السفراء مع مسؤولين عراقيين".

أما الصحافي العراقي عمر عبد اللطيف، فقد لفت إلى أن "أنشطة أغلب السفارات لا تتعدى كونها أنشطة اجتماعية، وهي غالباً من سفارات بلدان جارة وصديقة للعراق، لخلق حالة انعكاس لما يشهده العراقيون وأفراحهم".

عمر عبد اللطيف: العراق بلد مكشوف ولا يوجد ما تسعى السفارات للوصول إليه

وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لذلك، نجد أن سفراء مثل السفير التركي (علي رضا كوناي) يشارك الناس في المطاعم والملاعب والتجوال في الشوارع القديمة"، مضيفاً أن "العراق بلد مكشوف للعالم من خلال نشر الكتب السرية (إفشاء أسرار الدولة)، وبالتالي لا يوجد ما تسعى السفارات للوصول إليه".

وأكمل عبد اللطيف، أن "السفارات الأجنبية في العراق، ترفع التقارير السياسية والأمنية والاقتصادية عن وضع العراق للبلدان، لكنها لا تعدو كونها وصف لحالة البلاد".

وتابع: "نحن (المسؤولون العراقيون) حين نلتقي بالسفراء الأجانب فإنهم دائماً يتجنبون الحديث عن أي مواضيع سياسية، ويمكن القول إنه عدا السفارات الكبيرة في البلاد مثل الأميركية والإيرانية، لا توجد أي سفارة أجنبية تتدخل في الشأن السياسي العراقي".

المساهمون