سد النهضة: مصر تتحرك للتقارب مع السودان

15 يناير 2021
زيارة عبد العاطي إلى الخرطوم جاءت بتعليمات من السيسي (الأناضول)
+ الخط -

في إطار المساعي المصرية لضمان تقارب المواقف مع السودان في ملف سد النهضة، والبناء على التنسيق الجزئي القائم بين الدولة المصرية والمكون العسكري بمجلس السيادة الانتقالي، وكذلك الدعم المصري للخرطوم سياسياً وإعلامياً في المواجهات الحدودية مع إثيوبيا، زار وزير الري المصري محمد عبد العاطي، الخرطوم، أمس الخميس، على رأس وفد فني للتشاور مع وزير الري السوداني ياسر عباس ومسؤولين آخرين حول البدائل المتاحة والمقبولة للبلدين لحلحلة الأزمة الحالية المعطلة للمفاوضات مع أديس أبابا. ويأتي ذلك بالتزامن مع زيارة عضو مجلس السيادة السوداني، الفريق أول شمس الدين الكباشي، إلى القاهرة، محملاً برسالة من رئيس المجلس، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فيما التقى الكباشي كذلك عدداً من القيادات العسكرية والاستخباراتية المصرية.
وقال مصدر دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، إنّ مجلس السيادة والقاهرة يتداولان حالياً بشأن فرص دخول دول غربية وخليجية على خط الوساطة لحل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا بعد تلقيهما عدة عروض في هذا الإطار، في اتصالات سابقة، لكن تحقيق تقدم في هذا السياق متوقف على "وقف الاستفزازات الإثيوبية الأخيرة في منطقة القضارف شرق السودان".

تداول بشأن فرص دخول دول غربية وخليجية على خط الوساطة

وقالت مصادر في وزارة الري المصرية إنّ زيارة عبد العاطي جاءت بتعليمات من السيسي ومدير المخابرات العامة عباس كامل، لبحث تقريب وجهات النظر الفنية بين البلدين، استعداداً لتحرك مشترك لتدويل القضية، ورفع شكوى لمجلس الأمن ضد إثيوبيا. ومن ناحية أخرى، للتداول في أوجه الخلاف بين البلدين حول الإجراءات الممكن قبولها لدفع عجلة التفاوض على المسار الأفريقي، خصوصاً في ظلّ اعتراض مصر على توسيع الاعتماد على خبراء الاتحاد الأفريقي على العكس من موقف السودان. وأضافت المصادر أنّ الزيارة تناولت بحث متطلبات معينة ترغب القاهرة في إدراجها ضمن البيانات الفنية الجديدة اللازمة لدعم أي خطوة تتخذها مصر على الصعيد الدولي، لا سيما على مستوى مدى الضرر المحتمل وقوعه على السودان حال إصرار إثيوبيا على التحكم المنفرد في السد.

وإلى جانب سد النهضة، تناولت الزيارة إمكانية تقديم مصر مساعدات للسودان لتحسين جودة مرافقه المائية وشبكة الري والتصريف على ضوء التجربة المصرية الجارية حالياً في مشروع تبطين الترع ورفع كفاءة المجاري المائية في المناطق الريفية، وذلك استجابة لطلبات سبق وقدمتها الخرطوم بعد الفيضان المدمر الذي تعرضت له البلاد الصيف الماضي.
وفي الخريف الماضي، اتسعت الخلافات بين القاهرة والخرطوم في ملف سد النهضة، على النقيض من التقارب الواضح في العديد من المجالات الأخرى، لا سيما العسكرية والاستخباراتية والأمنية، نظراً لاعتراض مصر على اللهجة والنهج اللذين يستخدمهما المفاوضون السودانيون في ملف السد، وميلهم الواضح للجانب الإثيوبي في بعض المواضيع الفنية، وعدم تحميل أديس أبابا أي مسؤولية على تأخر المفاوضات والمشاكل المختلفة منذ إفشال مفاوضات واشنطن في فبراير/شباط الماضي.

تناولت الزيارة إمكانية تقديم مصر مساعدات للسودان لتحسين جودة مرافقه المائية

وسبق أن قالت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، إن أعضاء عسكريين في مجلس السيادة السوداني أبلغوا مسؤولين استخباراتيين ودبلوماسيين في القاهرة، أنهم يعترضون على الطريقة التي تدير بها حكومة عبدالله حمدوك الملف، لكنهم في الوقت نفسه، ووفقاً لتوازنات القوى حالياً داخل النظام السوداني، عاجزون عن اتخاذ خطوات جذرية للتغيير. كما أنّ المسؤولين الفنيين السودانيين لديهم مخاوف عميقة بشأن لعب العسكريين والسياسيين دوراً لصالح مصر أو إثيوبيا على حساب المصالح السودانية الأصيلة في القضية، وبالتالي فهم يبادرون باتخاذ مواقف تعبر عن هذه المصالح وحدها.
لكن المصادر رجحت، في الوقت نفسه، أن تكون هذه الوضعية "تلقى ترحيباً غير معلن من جانب بعض الأعضاء العسكريين في مجلس السيادة" لاستغلالها مطالبة مصر بتقديم المزيد إلى شقيقتها الجنوبية، خصوصاً أن المسؤولين العسكريين السودانيين طلبوا من مصر تكثيف التواصل على الصعيدين الفني والدبلوماسي مع الخرطوم للوصول من جديد إلى أرضية مشتركة.
وعلى المستوى الفني، تولي مصر اهتماماً كبيراً بفكرة الربط بين السدود وكمية التدفق السنوية ونوعية المياه والتصرفات التي ستجرى على هذه السدود، في حين يهتم السودانيون في المقام الأول بضرورة وضع برنامج واضح للملء المستمر والدائم للسد، وبحجم التدفق اليومي من السد، والذي سيصل إلى سد الروصيرص، حتى لا تتأثر السلامة الإنشائية للأخير، إذ تتمسّك الخرطوم بأن يكون التغير في حدود 250 مليون متر مكعب وتقترح أديس أبابا 350 مليوناً.

المساهمون