ساعات حاسمة حول الملف الليبي في القاهرة

12 اغسطس 2021
سينضم الدبيبة إلى اجتماعات القاهرة خلال الأيام المقبلة (Getty)
+ الخط -

شهدت مصر، على مدار الساعات الـ48 الماضية، حراكاً سياسياً بشأن الملف الليبي، في إطار تحركات تقودها القاهرة بدعمٍ أميركي، في محاولة لترتيب أوراق المشهد الليبي، وإزالة العقبات التي تقف حجر عثرة أمام الذهاب للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، فيما استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد في مدينة العلمين الجديدة.

وفي هذا الإطار، وصل إلى العاصمة المصرية قائد مليشيات شرقي ليبيا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، والسفير الأميركي في طرابلس ريتشارد نورلاند، لعقد سلسلة من اللقاءات البينية، بخلاف لقاءات مع المسؤولين المصريين عن ملف ليبيا، وعلى رأسهم رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، ورئيس اللجنة المصرية المعنية بملف ليبيا، اللواء أيمن بديع.

تتحرك مصر لحسم ملفات عالقة، تعطل عمل حكومة عبد الحميد الدبيبة، على رأسها ملف إقرار الميزانية

وبحسب مصادر مصرية خاصة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن هناك حراكاً مصرياً بناء على طلب أميركي، لحسم مجموعة من الملفات العالقة، والتي تعطل عمل الحكومة الانتقالية الليبية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وعلى رأسها ملف إقرار الميزانية، بالإضافة إلى إقرار القاعدة الدستورية للانتخابات، في وقت يتمسك فيه حفتر بخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، بالإضافة إلى دعم مساعي توحيد المؤسسة العسكرية الليبية. ورجحت المصادر وصول الدبيبة إلى القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة، في إطار الجهود المصرية للوساطة بينه وبين حفتر، خصوصاً بعد التزام الدبيبة باتفاق رعته القاهرة، بتحمّل ديون حفتر ورواتب المقاتلين التابعين له. وظهر ذلك واضحاً في باب ميزانية وزارة الدفاع في الميزانية العامة الليبية لعام 2021، المقدمة من الحكومة لـ"النواب".

وكشفت المصادر أن مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد سيلتقي حفتر في مقر إقامته في العلمين الجديدة، قبل إنهاء الأخير زيارته إلى القاهرة، مؤكدة أن السيسي بحث مع مبعوث ولي عهد أبوظبي تصورات المرحلة المقبلة في الملف الليبي، الذي تعد الإمارات إحدى القوى الأساسية فيه من خلال دعمها الكبير لحفتر. وبحسب المصادر، فقد شدّد اللقاء المصري - الإماراتي على ضرورة إلزام حفتر بما سيتم الاتفاق عليه في إطار الوساطة المصرية، خصوصاً في ظل الرغبة المصرية للقيام بدور رجل الإطفاء للإدارة الأميركية في أزمات المنطقة.

وقالت المصادر إن القاهرة تدفع لحلّ الأزمات التي تعطل المسار الانتخابي، كما تسعى ضمن اتفاقات شراكة مع الحكومة الليبية، لتسهيل عمل هذه الحكومة، في إطار تمرير مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات الاقتصادية الموقّعة بين الطرفين. وأضافت أن "هناك مؤشرات حول تفاهمات مصرية - تركية بشأن الملف الليبي، في إطار التقدّم في المشاورات الحاصلة بين الطرفين لإنهاء حالة القطيعة، بين القاهرة وأنقرة، وتسريع وتيرة مرحلة المفاوضات الاستكشافية، نظراً لما يمثله الملف الليبي من أهمية قصوى في الوقت الحالي لمصر، في ظل التقاطعات الإقليمية المعقدة للملف، وارتباطها بمصالح مصر، مع عدد من القوى الدولية والتي تأتي في مقدمتها روسيا، بالإضافة إلى الجزائر، التي توصلت معها مصر أخيراً إلى تفاهمات بشأن هذا الملف".

يأتي هذا في الوقت الذي التقى فيه النائب الأول لرئيس الحكومة الليبية، حسين القطراني، القائم بأعمال السفارة المصرية تامر مصطفى والمسؤول عن الملف الليبي في وزارة الخارجية المصرية محمد ثروت. وجرى خلال اللقاء مناقشة تنظيم عمل التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين، بالإضافة إلى بحث تسهيل إجراءات دخول العمالة المصرية وتنظيم وجودها في الأراضي الليبية بحسب احتياجات السوق الليبي.

ترغب القاهرة بالقيام بدور رجل الإطفاء للإدارة الأميركية في أزمات المنطقة

من جهة أخرى، قال عضو المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي، معلقاً على ملف توحيد المؤسسة العسكرية، إنه لا يمكن ترك الأمر في فوضى أو تسيب أمني من أي تشكيلات مسلحة أو إجراءات لا تخضع للسلطة المدنية، سلطة المجلس الرئاسي كقائد أعلى، وفق تعبيره. وأوضح في تصريحات صحافية: "نتحمل المسؤولية الآن أمام شعبنا، وأول مسؤولياتنا هي إبعاد خطر الحرب عن بلادنا، وهو ما يتطلب أن تكون كافة القوى العسكرية موحدة تحت مظلة قيادة مدنية". وتابع اللافي أن طريق بناء السلام في ليبيا "يبدأ من احترام ما اتفق عليه الليبيون ورعته الأمم المتحدة واعتمده مجلس النواب، وهو مخرجات ملتقى الحوار السياسي، والذي اتفق على السلطة التنفيذية وصلاحياتها لهذه المرحلة التمهيدية". وطالب البعثة الأممية والدول الراعية لمخرجات مؤتمر برلين الليبي، وما تبعه من توافقات محلية، أن تمارس دورها الإيجابي والحقيقي لدعم تنفيذ خريطة الطريق وتوحيد المؤسسات ومواجهة معرقلي العملية السياسية من دون تردد، وفق تعبيره. وأكد جدية المجلس الرئاسي وعزمه على انجاح ملفي المصالحة الوطنية وتوحيد الجيش تمهيدا لإجراء الانتخابات في موعدها.