زيارة شكري إلى موسكو: بحث قضايا ثنائية وإقليمية

04 أكتوبر 2021
شكري ولافروف في موسكو اليوم (الأناضول)
+ الخط -

بدأ وزير الخارجية المصري سامح شكري، مساء أمس الأحد، زيارة رسمية إلى موسكو تنتهي غداً الثلاثاء، لإجراء مباحثات موسعة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، تركز في الأساس على تجاوز الفتور بين البلدين أخيراً بسبب الموقف الروسي السلبي من المطالبات المصرية في قضية سد النهضة، ووضع بعض الأسس الجديدة لتفاهمات مستقبلية حول بعض مشروعات التعاون المشتركة بين البلدين، وكذلك بحث توابع قضية سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء عام 2015، بحسب ما كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد".

وأكد شكري، في مؤتمر صحافي مع لافروف في موسكو اليوم، أنه ناقش مع نظيره الروسي تطورات أوضاع قضية سد النهضة، ووجّه الشكر إلى روسيا حول موقفها في أزمة السد قائلاً "نتطلع للتعاون مع موسكو في هذه القضية، والتوصل إلى حل قانوني ملزم يضمن حقوق الأطراف كافة، بعيداً عن أي سياسات أحادية لا تتوافق مع سياسات القانون الدولي". وفي هذا السياق، أوضحت المصادر الدبلوماسية، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن الفريق المصري سيحاول في موسكو الدفع من جديد في اتجاه تدخل روسي محايد لإعادة أطراف قضية سد النهضة إلى طاولة المفاوضات، والبناء على موقف موسكو الأخير عندما لم تمانع في إصدار بيان مجلس الأمن بالدعوة للعودة إلى المفاوضات والتوصل إلى اتفاق شامل وملزم خلال مدة زمنية معقولة.

تسعى مصر لتدخل روسي محايد لإعادة مفاوضات سد النهضة

من جهة أخرى، أوضح شكري أنه ناقش مع لافروف: "أوجه العلاقات الثنائية، وأعربنا عن ارتياحنا لدورية اللقاءات المشتركة بين البلدين وتفعيل مجالات التعاون الثنائي، سواء كان في محطة الضبعة النووية أو المنطقة الصناعية بالسويس أو المقاصد السياحية، ونرغب في عودة التبادل التجاري، بشكل كبير، الذي تأثر بسبب جائحة كورونا". وقال: "بحثنا العمل على إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتعزيز حل الدولتين، وناقشنا توحيد الصف الفلسطيني". ومن أبرز الملفات الإقليمية التي بحثها الوزيران كان ملفا ليبيا وسورية. إذ أوضح شكري: "تناولنا الحفاظ على استقرار ووحدة الأراضي الليبية وخروج كافة القوات الأجنبية من ليبيا، وسنستمر في دعم العملية حتى تستعيد المؤسسات الليبية كامل قوتها".

وتتفق موسكو مع القاهرة على ضرورة منح التيارات الموالية لهما وللإمارات موقعاً سياسياً متميزاً في خريطة المستقبل الليبي، ولكن يختلف الجانبان حول مواعيد انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة. إذ ترى روسيا أن هذا الأمر لا يجب التعامل معه على عجالة، وأنه من المناسب تقسيمه إلى مراحل، بما يضمن إجراء جميع الاستحقاقات الانتخابية في ظل وجود قوات يمكنها التدخل عند الحاجة.
كذلك، أشار شكري إلى أنه تمت مناقشة الأوضاع في سورية وكيفية تعزيز الخروج من الأزمة السورية بالشكل الذي يتواكب مع مقررات الشرعية الدولية. وفي هذا الملف، جدد لافروف موقف موسكو الرافض لمحاولات تسييس ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية. وأكد ضرورة العمل على التوصل إلى تسوية سياسية، مشيراً إلى أن "التهديد الإرهابي في محافظة إدلب لا يزال مستمراً".

وفي إطار الملف السوري، كشفت المصادر الدبلوماسية المصرية، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، عن بحث الوفد المصري في موسكو مستجدات محاولات القاهرة إعادة دمشق إلى عضوية جامعة الدول العربية، من خلال التنسيق مع الإمارات ودول أخرى، وطرح بدائل يمكن اعتمادها حلولاً وسط قبل العودة بالعضوية الكاملة، مع التأكيد على عدم قدرة مصر منفردة على حلحلة المسألة لارتباطها في الأساس بإشكالية العقوبات الأميركية على نظام بشار الأسد، وممانعة عدد من الدول العربية المهمة والداعمة مالياً وسياسياً للجامعة تحقيق ذلك الآن.
كما تحدثت المصادر عن استعراض المستجدات الإدارية والتنفيذية لمشروع محطة الضبعة النووية، بعد وضع الجدول الزمني الجديد للعمل بمعرفة شركة "روس آتوم" الروسية ووزارة الكهرباء المصرية، ليتم تشغيل المحطة بكامل طاقتها في منتصف 2030 بدلاً من مطلع 2028، بسبب فترة وقف رحلات الطيران بين البلدين، وتأخر معدلات الإنجاز في المباني والإنشاءات التي يقوم بها الجانب المصري، ما جعل من المستحيل الانتهاء من تشغيل المفاعل قبل مطلع 2028.

تتفق الدولتان على منح الموالين لهما في ليبيا موقعاً متميزاً

كما كانت على جدول المباحثات الخطوات التنفيذية التي تأخرت كثيراً لإنشاء منطقة صناعية حرة روسية داخل حدود المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهو مشروع تلحّ موسكو على سرعة إنجاز المرحلة الأولى منه، لكن يتبقّى بشكل أساسي الاتفاق الثنائي على المعاملة المالية للمشروع، والتكاليف وطريقة التمويل وجدولته.
ولا تغيب مستجدات التحقيقات القضائية في حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء عام 2015 عن المباحثات، علماً أن هذه التحقيقات تعثرت نحو ست سنوات بسبب تمسك مصر باحتمال حدوث مشاكل فنية أدت لسقوط الطائرة، وبعدم الاعتراف بمسؤوليتها الأمنية عن الواقعة، التي كان تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" قد أعلن عن تفجيرها، وهو ما ترتبت عليه خلافات بين القاهرة وموسكو حول التعويضات المستحقة لشركة الطيران وذوي الضحايا. وذكرت المصادر أن الأمر المتفق عليه إلى الآن هو أن تدفع مصر تعويضاً مالياً بتمويل مشترك من بعض الصناديق الاستثمارية ومن روسيا نفسها، على سبيل القرض، ولكن لم يتم الاتفاق على جدولة هذه المدفوعات.

المساهمون