تعهّد الزعيم الانفصالي لصرب البوسنة ميلوراد دوديك بمواصلة إضعاف بلاده التي مزقتها الحرب إلى درجة تفتيتها، بالرغم من تعهد الولايات المتحدة بمنع مثل هذه النتيجة.
وقال ميلوراد دوديك، رئيس الجزء الذي يديره صرب البوسنة، لصحيفة ذا غارديان، الجمعة: "أنا لست غير عقلاني.. أعلم أن رد الولايات المتحدة سيكون استخدام القوة... لكن ليس لديّ سبب للخوف من ذلك للتضحية بالمصالح الوطنية (الصربية)".
وأضاف دوديك أن أي محاولة لاستخدام التدخل الدولي لتعزيز المؤسسات المشتركة ومتعددة الأعراق في البوسنة سيقابلها قرار صرب البوسنة بالتخلي عنها تماما وإعادة البلاد إلى حالة الانقسام والخلل الذي كانت عليه في نهاية حربها العرقية الوحشية في تسعينيات القرن الماضي.
وأشار إلى أنه نظرا لأن الديمقراطيات الغربية لن تقبل بذلك، "ففي المرحلة المقبلة، سنضطر، بسبب رد فعلهم، إلى إعلان الاستقلال الكامل" للمناطق التي يسيطر عليها الصرب في البوسنة.
وبدأت حرب البوسنة عام 1992 عندما حاول صرب البوسنة المدعومون من بلغراد إنشاء ما يصفونها بمنطقة "نقية عرقياً" بهدف الانضمام إلى صربيا المجاورة عن طريق قتل وطرد الكروات والبوسنيين في البلاد، وأغلبهم من المسلمين.
وقُتل أكثر من 100 ألف شخص وتم تهجير ما يزيد عن مليوني شخص، أو أكثر من نصف سكان البلاد، من منازلهم قبل التوصل إلى اتفاق سلام في دايتون بولاية أوهايو في أواخر عام 1995.
وقسم الاتفاق البوسنة إلى الكيانين - جمهورية صربسكا التي يديرها الصرب والاتحاد البوسني الكرواتي - اللذين منحا حكما ذاتيا واسعا لكنهما ظلا مرتبطين ببعض المؤسسات المشتركة ومتعددة الأعراق.
كما أنشأ الاتفاق مكتب الممثل السامي، وهو هيئة دولية مكلفة برعاية تنفيذ اتفاق السلام الذي مُنح صلاحيات واسعة لفرض القوانين أو إقالة المسؤولين الذين قوضوا التوازن العرقي الهش في فترة ما بعد الحرب، بما في ذلك القضاة، وموظفو القطاع العام وأعضاء البرلمان.
وعلى مر السنين، مارس مكتب حقوق الإنسان ضغوطا على الزعماء العرقيين المتشاحنين في البوسنة لبناء مؤسسات مشتركة على مستوى الدولة، بما في ذلك الجيش وأجهزة المخابرات والأمن والسلطة القضائية العليا وإدارة الضرائب.
مع ذلك، فإن المزيد من تعزيز المؤسسات القائمة وإنشاء مؤسسات جديدة أمر مطلوب إذا أرادت البوسنة أن تصل إلى هدفها المعلن المتمثل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وبين ديسمبر/كانون الأول 1995 وديسمبر الحالي 26 عاماً من التعايش الهشّ داخل دولة البوسنة والهرسك في البلقان، بين الإثنيتين البوسنية والصربية. تعايش كرّسته قوانين أضعفت الدولة المركزية لمصلحة الكيانين اللذين يشكّلان الدولة البوسنية، وهما كيان فيدرالية البوسنة والهرسك وكيان جمهورية صربسكا (صرب البوسنة).
(أسوشيتد برس، العربي الجديد)