زعيم "البوليساريو" يغادر إسبانيا وسط ترقب لموقف المغرب

02 يونيو 2021
تأتي مغادرة غالي بعد 54 يوماً من دخوله إلى الأراضي الإسبانية بهوية جزائرية مزيفة(Getty)
+ الخط -

غادر زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية إبراهيم غالي، ليل الثلاثاء، الأراضي الإسبانية متوجهاً إلى الجزائر، في وقت تتجه الأنظار إلى ما سيصدر عن الرباط، خلال الساعات المقبلة من مواقف، لا سيما في ظل توقعات مراقبين مغاربة بالتصعيد من خلال الإعلان عن طرد السفير الإسباني.

وكشفت وسائل إعلام إسبانية، أنّ زعيم "البوليساريو" غادر مستشفى سان بيدرو لوغرونيو، ليل الثلاثاء، حيث توجه إلى مطار "بامبلونا" للعودة إلى العاصمة الجزائرية لمتابعة تعافيه من فيروس كورونا، وذلك بعد 54 يوماً من دخوله إلى الأراضي الإسبانية بهوية جزائرية مزيفة، مما تسبب في تفجر أزمة دبلوماسية حادة بين مدريد والرباط تهدد الشراكة التي طبعت علاقتهما خلال السنوات الماضية.

وبينما كشفت مصادر حكومية لصحيفة "إلباييس" الإسبانية، أنّ مدريد أبلغت مصادر دبلوماسية مغربية بمسألة مغادرة غالي التراب الإسباني، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، عن الحكومة الإسبانية، أنّ غالي "خطط لمغادرة إسبانيا الليلة على متن طائرة مدنية من مطار بامبلونا" في شمال البلاد، من دون أن تحدد وجهة هذه الطائرة.

وفي وقت سابق من يوم أمس الثلاثاء، أكدت الحكومة الإسبانية، أنّ زعيم "اليوليساريو"، سيغادر التراب الإسباني عندما يتعافى من إصابته من فيروس كورونا. وأوضحت ماريا خيسوس مونتيرو، المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية، بعد اجتماع لمجلس الوزراء، أنّ السلطة التنفيذية تطلب منه أن "يتعاون مع المؤسسات القضائية، كما فعل اليوم".

وتأتي مغادرة غالي بعد ساعات من رفض المحكمة الوطنية الإسبانية، خلال جلسة الاستماع، طلب الادعاء العام اعتقاله أو اتخاذ إجراءات احترازية ضده، مكتفية بمطالبته بتحديد عنوان ورقم هاتف داخل إسبانيا من أجل الوصول إليه عند معاودة استدعائه.

واعتبر القاضي الإسباني بالمحكمة الوطنية سانتياغو بيدراز، أنّ خطر فرار غالي "لا يمكن تقديره، ولا يوجد دليل على أنه يريد الهروب من إجراءات العدالة، خصوصاً وأنه عند علمه بالوقائع التي يجري التحقيق فيها وافق على المثول أمام القضاء والإدلاء بإفادته، حتى في ضوء وضعه الصحي الذي كان يتيح لدفاعه طلب التأجيل". كما رفض القاضي اتخاذ تلك الإجراءات بناء على "دخول غالي إلى إسبانيا بشكل غير قانوني".

وفي الوقت الذي لم تصدر فيه الخارجية المغربية، إلى حدود الساعات الأولى من صباح الأربعاء، أي موقف بشأن مغادرة غالي للأراضي الإسبانية، لا يستبعد مراقبون مغاربة إمكانية اتخاذ الرباط خطوات تصعيدية قد تصل إلى طرد السفير الإسباني.

واعتبر الباحث في الشؤون الصحراوية، نوفل البعمري، أنّ موقف الخارجية المغربية يتعين أن يكون منسجماً مع المواقف التي عبرت عنها في البيانات التي أصدرتها من قبل، ومع تصريحات سفيرة المغرب بإسبانيا التي حذرت مدريد من السماح لإبراهيم غالي بمغادرة إسبانيا، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد": "ذلك الموقف  لا يمكن له أن يكون إلا تعليق العلاقة الدبلوماسية مع إسبانيا ووقف كل أشكال التعاون معها ليس فقط الأمني والاستخباراتي، إلى حين  سقوط الحكومة الحالية وصعود الحزب الشعبي الإسباني لأنه الأكثر ثقة وقدرة على الدخول في تفاوض شامل مع المغرب يراعي مصالح البلدين".

وقال البعمري إنّ المغرب كان واضحا في مواقفه من حيث تحميله الحكومة الإسبانية مسؤولية كل التطورات التي عرفتها هذه القضية، لافتاً إلى أنه" لولا تذبذب مواقف مدريد السياسية من قضية الصحراء المغربية، واستقبالها لغالي بهوية مزورة لما عشنا هذه الأزمة السياسية التي تحولت لأزمة دبلوماسية، وبدل معالجتها من جذورها، تعمد، مع الأسف لمحاولة تحوير الأمر وتصوير الأزمة على أنها تتعلق بملف الهجرة".

من جهته، قال الباحث في العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، إنّ "تهريب غالي من إسبانيا إلى الجزائر يعتبر بكل المقاييس فضيحة ديبلوماسية وسياسية كاملة الأركان"، متسائلاً، في حديث مع "العربي الجديد": "كيف لرجل متهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في حق مواطنين إسبان ومغاربة وآخرين مغادرة دولة تدعي أنها ديمقراطية، وأنّ قضاءها مستقل عن السلطة التنفيذية؟ ألا يبرهن التعامل الإسباني معه على وجود انحياز إسباني رسمي فاضح وواضح مع أعداء الوحدة الترابية للمملكة في وقت يدعي الإسبان أنهم يقفون على نفس المسافة مع جميع الأطراف بخصوص قضية الصحراء المغربية؟".

وخلال الأيام الماضية، كان لافتاً إطلاق الرباط تحذيرات من تفاقم الأزمة بين البلدين في حال اختيار السلطات الإسبانية إبعاد زعيم "البوليساريو" بنفس الغموض الذي دخل به الأراضي الإسبانية، معتبرة أنه في حال حدوث ذلك، فإنّ مدريد تكون قد اختارت تدهور العلاقات الثنائية.

المساهمون