زحمة مرشحين للرئاسة في لبنان ولا دعم حاسم لأحد

18 ديسمبر 2024
مجلس النواب اللبناني، بيروت 13 أكتوبر 2022 (حسام شبارو/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتزايد المناورات السياسية في لبنان مع اقتراب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، حيث تبحث الكتل النيابية في قائمة طويلة من الأسماء المرشحة، بينما يتمسك حزب الله وحركة أمل بسليمان فرنجية، دون تحقيق النصاب المطلوب لأي مرشح حتى الآن.

- يُعتبر قائد الجيش العماد جوزف عون من أبرز المرشحين بدعم دولي، رغم فيتو التيار الوطني الحر، بينما تراجعت حظوظ فرنجية، وأعلن النائب نعمة افرام ترشحه دون كسب تأييد الكتل المسيحية الكبرى.

- تتنوع الأسماء المطروحة بين شخصيات توافقية مثل اللواء الياس البيسري، ولم تحسم القوى المعارضة مرشحها بعد، مع استمرار النقاشات لاختيار شخصية سيادية تدعم الجيش اللبناني.

بدأت القوى السياسية في لبنان بالبحث في قائمة طويلة من الأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية، مع اقتراب موعد الجلسة التشريعية المخصصة لانتخاب الرئيس التي دعا رئيس البرلمان نبيه بري لعقدها في 9 يناير/كانون الثاني المقبل، بما فيها حركة أمل وحزب الله رغم تمسكّهما العلني حتى الساعة بمرشحهما سليمان فرنجية، رئيس تيار المردة، علماً أن التجارب اللبنانية تثبت أنّ غالبية الشخصيات يجري إبرازها من باب الحرق أو المناورة ومفاجأة اللحظات الأخيرة تبقى سيّدة المشهد.

وبعد شغور منصب الرئيس لأكثر من سنتين تجزم جميع الكتل النيابية أنّ الجلسة ستنعقد والمؤشرات كلها توحي بأنّ الرئيس سيُنتخَب في 9 يناير مع إبقاء باب التأجيل مفتوحاً بنسبة ضئيلة، ولكن لم يتمكن بعد أي مرشح من أن يجمع النصاب المطلوب للفوز، في ظل غياب التوافق وتبدّل خريطة التحالفات والمعادلات السياسية، ربطاً بالتغييرات التي حصلت في لبنان والمنطقة، بحيث لم يعلن حتى اللحظة أي تحالف جدّي واسع على مرشح واحد.

وتنصّ المادة 49 من الدستور اللبناني على أنّ "رئيس الجمهورية يُنتخب بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى أي 86 نائباً من أصل 128، ويكتفى بالغالبية المطلقة في الدورات التي تلي (65 نائباً)، وتدوم رئاسته ستّ سنوات، ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته"، علماً أنّ النصاب الواجب توفره لعقد الجلسة في الدورة الأولى هو 86 نائباً، وكذلك في الدورات اللاحقة، الأمر الذي أحدث دائماً إشكاليات سياسية وقانونية، خصوصاً أنّ تعطيل الانتخاب دائماً ما كان يجري بعد انتهاء التصويت في الدورة الأولى وعدم نيل أي من المرشّحين نصاب الـ86.

ويعدّ قائد الجيش العماد جوزف عون من أبرز الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية، خصوصاً بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتصدّر الجيش عناوين المرحلة المقبلة، ويلقى عون تأييداً كبيراً دولياً وهو من الشخصيات المتوافق عليها خارجياً، في حين تضع بعض الكتل النيابية فيتو عليه، لا سيما التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل، بينما يتمهل حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع في إعلان دعمه لكن دون أن يرفضه بالمطلق، فيما ظهرت بعض الليونة من ناحية حزب الله إزاء عون بعد اللقاء الأخير الذي جمع قبل أيام رئيس وحدة التنسيق والارتباط وفيق صفا بقائد الجيش، ووصفت مصادر الحزب اللقاء بالممتاز لتنفي بذلك ما سرب إعلامياً بأنّ الاجتماع كان عاصفاً.

كذلك، يُعتبر سليمان فرنجية من الأسماء التي يتمسّك بها حزب الله وحركة أمل حتى الساعة، علماً أن حظوظه باتت شبه معدومة بعد الأحداث الأخيرة لبنانياً وسورياً، مع الإشارة إلى أنه حصد في الجلسة الأخيرة التي عقدها البرلمان في 14 يونيو/حزيران 2023 51 صوتاً فقط في الدورة الأولى مقابل حصول الوزير السابق جهاد أزعور، مرشح المعارضة، على 59 صوتاً.

وأعلن رئيس المجلس التنفيذي لـ"مشروع وطن الإنسان" وعضو كتلة "لبنان الجديد"، النائب نعمة افرام، قبل أيام ترشحه لرئاسة الجمهورية، وقدم برنامج عمل حول لبنان الجديد وإعادة بناء المؤسسات، ويحاول افرام من خلال جولاته على القوى السياسية كسب دعمها لتأمين النصاب المطلوب للفوز، ورغم أنه قريب من البطريركية المارونية فإنه لم يتمكن حتى الساعة من كسب تأييد الكتل المسيحية الكبرى، سواء "القوات" أو "التيار" الذي كان ينتمي إليه قبل فكّ التحالف معه، كما أنه لم ينجح بعد في حصد أصوات تكفي لفرض نفسه مرشحاً جدياً قادراً على المنافسة.

أما سمير جعجع، الذي يعتبر نفسه مرشحاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية، وبالرغم من أنه لم يعلن بعد ترشحه رسمياً للرئاسة فإن اسمه بات مطروحاً بعكس مرحلة ما قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان، وذلك في ظل الخسائر التي مُني بها حزب الله، كما أن الجو العام في المنطقة يصب في صالح جعجع، لكنه لم يتمكن من حصد تأييد نيابي قادر على إيصاله إلى المقعد الرئاسي، إذ يعارضه حزب الله وحركة أمل، بالإضافة لباسيل، كما تعتبره كتل نيابية أخرى بمثابة مرشح استفزازي، بينما المرحلة المقبلة تتطلب شخصية غير استفزازية، جامعة وقادرة على التحاور مع الجميع وهو مطلبٌ دوليٌّ بارز.

كذلك طُرحت في الأيام الماضية أسماء جديدة على قائمة المرشحين، من بينهم المدير العام للأمن العام بالإنابة، اللواء الياس البيسري، باعتباره من الشخصيات التوافقية وقادرة على حصد دعم سواء كان داخلياً أو خارجياً، إضافة إلى النائب إبراهيم كنعان الذي قدم استقالته من التيار الوطني الحر بعدما كان يعد من أبرز قيادييه ويعد من الأسماء غير الاستفزازية.

ومن الأسماء غير الاستفزازية أيضاً، العميد المتقاعد جورج خوري الذي شغل منصب سفير لبنان لدى الفاتيكان، وبرز اسمه في فترات سابقة للترشح بكونه يحظى بتوافق داخلي وخارجي، وتربطه علاقات جيدة مع مختلف الأطراف السياسية. كما طُرح اسم وزير الداخلية الأسبق زياد بارود، الذي صوّت له بعض النواب في الجلسات السابقة، إلى جانب اسم وزير الخارجية الأسبق ناصيف حتّي، وأسماء أخرى ضمنها في مجال المصارف والمال والأعمال.

ولم تحسم القوى المعارضة التي كانت تبنّت سابقاً دعم الوزير السابق جهاد أزعور، وقبله النائب ميشال معوض، مرشحها بعد. وتؤكد أوساطها لـ"العربي الجديد" أن "هناك جوجلة للأسماء، ولا اتفاق على مستوى الكتل المعارضة، حتى الساعة، بل يحصل جولات وتواصل ونقاشات، وقد يطرح اسم أو أكثر، وقد يُترَك للساعات الأخيرة أمر الإعلان عنه". وتشير الأوساط إلى أن "الكتل المعارضة تتوافق على مواصفات الرئيس الذي يجب أن يكون سيادياً وملتزماً بالقرارات الدولية، في مقدمتها القرار 1701، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والمرحلة التي تليه ويدعم الجيش اللبناني. كما يجب أن يكون على تواصل وعلاقة جيدة مع الداخل كما الخارج سواء الدول العربية أو الغربية، لا سيما منها تلك التي انقطعت العلاقات معها أو تراجعت في الفترات السابقة، إلى جانب أن يقوم مع رئيس الحكومة الجديدة بالإصلاحات المطلوبة قضائياً واقتصادياً، وهذه كلها مواصفات تتبناها أيضاً اللجنة الخماسية التي تضم قطر وأميركا وفرنسا ومصر والسعودية".

من جهته، لم يحسم التيار الوطني الحر مرشحه للرئاسة بعد، بيد أنه يدعم حتى الساعة أكثر من اسم، بحسب أوساطه، بينهم الوزير الأسبق زياد بارود، واللواء الياس البيسري، والعميد جورج خوري، مع الإشارة إلى أن تكتل التيار خسر حجمه البرلماني مع استقالة أبرز قيادييه، على رأسهم النواب إبراهيم كنعان، الياس بو صعب، سيمون أبي رميا، آلان عون.

ويبلغ عدد الكتل البرلمانية 15 كتلة، هي بحسب خريطة مفصلة نشرها المرصد البرلماني للمفكرة القانونية: "الجمهورية القوية" التي تمثل القوات اللبنانية، وتضم 19 نائباً، و"الكتائب" برئاسة النائب سامي الجميل وتضم أربعة نواب، و"التنمية والتحرير" التي تمثل حركة أمل وتضم 15 نائباً، و"اللقاء الديمقراطي" وتمثل الحزب التقدمي الاشتراكي وتضم ثمانية نواب، و"الوفاء للمقاومة" وتمثل حزب الله وفيها 15 عضواً، و"لبنان القوي" وتمثل التيار الوطني الحر وتضم 13 نائباً، و"التجدد" تضم ثلاثة نواب، و"قوى التغيير" وفيها تسعة نواب، ونائبان عن "الأرمن"، وثلاثة في "التكتل الوطني المستقل"، وستة نواب في "الاعتدال الوطني"، وخمسة في "التوافق الوطني"، وثلاثة نواب في "تحالف التغيير"، وأربعة في "لبنان الجديد"، و19 نائباً مستقلاً.