انتقد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، اليوم الثلاثاء، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لامتناعه عن حضور محادثات قمة مجموعة العشرين التي تعقد حالياً في جزيرة بالي في إندونيسيا، معتبراً أنه لم يحضر "لتجنّب المحادثات المحرجة مع دول أكثر حيادية مثل الصين والهند"، في إشارة إلى تغير الموقف الصيني من العدوان الروسي على أوكرانيا، لا سيما بعد المباحثات الثنائية التي جمعت الرئيسين الصيني شي جين بينغ والأميركي جو بايدن، الإثنين.
وقال سوناك في الجلسة الافتتاحية للقمة، وهي القمة الأولى للمجموعة بعد الغزو الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، إنه "لا ينبغي على الدول أن تغزو جيرانها"، مشدّداً على موقف المملكة المتحدة الرافض لهذا "العدوان" والداعم لأوكرانيا "طالما هنالك حاجة لذلك".
وجدّد سوناك دعوته روسيا "للخروج من أوكرانيا، وإنهاء هذه الحرب البربرية".
وكان زعيم "حزب المحافظين" قد وصف روسيا، أمس الإثنين، عشية افتتاح أعمال القمة بالدولة "المنبوذة"، مؤكّداً أنه سيستغلّ كل فرصة متاحة له لمواجهة موسكو علناً.
وقال متحدث باسم "داونينغ ستريت" إن سوناك سيجدّد اليوم تعهّده السابق عندما كان وزيراً للمالية بدعم مباشر لأوكرانيا بـ 4.1 مليارات جنيه إسترليني كمساعدات عسكرية حيوية، مضيفاً أنه سينتهز فرصة انعقاد القمة "لدفع أقوى الاقتصادات العالمية لبذل جهود إضافية بهدف تقليل الاعتماد على الصادرات الروسية".
وتأتي هذه القمة كأول اختبار رئيسي للسياسة الخارجية في مجموعة العشرين، وهي أيضاً القمة الدولية الثانية التي يحضرها سوناك منذ تولّيه المنصب بعد محادثات (كوب 27) التي جرت الأسبوع الماضي في مصر.
وإن بدا سوناك أكثر تشدّداً تجاه موسكو، إلا أنه أظهر مرونة تجاه بكين، ما أثار انتقادات في صفوف حزبه، ولدى الأحزاب المعارضة.
ولمّح سوناك للصحافيين، المرافقين له على متن الطائرة مساء أمس، إلى أنه سيتخلّى عن خطط إعلان الصين "تهديداً" للأمن القومي كجزء من المراجعة الرئيسية للسياسة الخارجية البريطانية.
وكانت المراجعة المتكاملة التي نشرت العام الماضي قد وصفت الصين بأنها "منافس منهجي"، لكن سوناك صعّد من لهجته لاحقاً خلال السباق إلى الزعامة الذي خاضه الصيف الماضي مع منافسته ليز تراس، معتبراً أن الصين تمثّل "أكبر تهديد" لبريطانيا ولأمن وازدهار العالم في القرن الحالي.
في حين قال سوناك عشية القمة، أمس، إن الصين هي جزء مهم من الاقتصاد العالمي، و"إننا لن نتمكّن من حل التحديات العالمية المشتركة كالتغير المناخي والصحة العامة والتعامل مع روسيا وأوكرانيا دون إجراء حوار معهم". و"شرعن" سوناك هذا التغير الكبير في موقفه، مستنداً إلى مواقف "حلفائنا" المتقاربة مع مواقف المملكة المتحدة تجاه بكين، لا سيما الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.
وكان الزعيم السابق لحزب المحافظين إيان دنكن سميث أول المنتقدين لموقف سوناك قائلاً: "ما الأدلة الإضافية التي تحتاج إليها للتأكّد من أنهم يهددون قيمنا وطريقة عيشنا؟". وسميث هو أحد السياسيين البريطانيين السبعة الذين فرضت عليهم الصين عقوبات بسبب انتقادهم لها.
واعتبر سميث أن موقف سوناك ليس سوى دليل على "ضعفه". بينما غرّدت رحيمة محمود، مديرة المؤتمر العالمي للإيغور في المملكة المتحدة: "لا أجد كلمات تعبّر عن خيبة أملي، فبينما يُسرق أطفالنا منا ويُعاد تعليمهم، وبينما تملأ المنتجات المصنوعة من استعباد الإيغور رفوف المتاجر في المملكة المتحدة، لم يستطع رئيس الوزراء حتى الاعتراف بواقع أن الحكومة الصينية تمثّل خطراً واضحاً وقائماً على المملكة المتحدة وعلى شعبي".
وتأتي هذه القمة في الوقت الذي تكافح فيه بلدان العالم لمواجهة تداعيات الحرب الروسية، وأزمة المعيشة، وارتفاع أسعار الطاقة. إلا أن هذه التداعيات لا ينبغي لها، بحسب المتحدث باسم "داونينغ ستريت"، أن تعوق إحراز تقدم ولو طفيفاً، وأنه "من المرجح أن يجري الاتفاق على بعض الكلمات حول أهمية الاستقرار في الأسواق العالمية".