كواليس خطاب بايدن بشأن مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة

06 يونيو 2024
قال مسؤولون إن بايدن أعلن عن المقترح دون موافقة نتنياهو، واشنطن 4 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الرئيس الأمريكي جو بايدن يقترح وقف إطلاق النار في غزة دون موافقة نتنياهو، في محاولة لإنهاء الصراع الذي أودى بحياة الآلاف، مع تحول في الضغوط الدبلوماسية.
- المقترح يشمل وقفًا كاملًا لإطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية، وتبادل للأسرى، في مسعى لضغط على نتنياهو وإنعاش آمال الهدنة.
- نتنياهو يواجه ضغوطًا داخلية وخارجية متباينة، بينما يحاول بايدن استخدام الإعلان لإعادة إطلاق المناقشات وإظهار جدية إسرائيل، في سياق دولي وداخلي معقد.

قال ثلاثة مسؤولين أميركيين إن الرئيس جو بايدن أعلن عن المقترح الأخير لوقف إطلاق النار في غزة دون الحصول على موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كاشفين جانبا من كواليس خطاب بايدن بشأن غزة. وأضاف المسؤولون أن قرار الإعلان من جانب واحد، في خطوة استثنائية تتخذها الولايات المتحدة مع حليف وثيق، كان متعمدا، وترتب عليه تضييق الخناق وتقليص المساحة المتاحة للتراجع أمام إسرائيل وحركة حماس.

وصرح مسؤول أميركي رفيع المستوى، لوكالة "رويترز"، مشترطاً عدم نشر اسمه ليتحدث بحرية عن المفاوضات: "لم نطلب إذنا للإعلان عن المقترح". وأضاف "أبلغنا الإسرائيليين بأننا سنلقي خطابا حول الوضع في غزة. ولم نخض في تفاصيل كثيرة عنه". وحاول مفاوضون من الولايات المتحدة ومصر وقطر لبضعة أشهر التوسط لإنهاء الصراع الذي أودى بحياة عشرات آلاف الأشخاص، لكن تبين أن التوصل لاتفاق بهذه الطريقة أمر بعيد المنال. وعلى الرغم من كون مقترح هدنة غزة هو إسرائيلي كما أعلن بايدن، إلا أن نتنياهو يواصل تنصله منه، في ظلّ ضغط جزء من شركائه في الائتلاف الحاكم، على رأسهم الوزيران المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وتهديدهما بحل الحكومة إذا وافق على ما يصفانه بصفقة سيئة. وتشي تصريحات نتنياهو المتتالية منذ خطاب بايدن بأن إسرائيل ستستأنف القتال في حال خرجت الصفقة إلى حيز التنفيذ، ويعني هذا تلقائياً رفض حركة حماس لها، وهي التي تطالب بإنهاء الحرب وستتأكد حتماً من حدوث ذلك في إطار الصفقة.

وكان بايدن قد كشف، يوم الجمعة الماضي، عن تفاصيل المقترح الإسرائيلي بشأن هدنة غزة، لكنه أضاف عليه لمساته وتفسيراته، مشيراً إلى أنه يتضمن في المرحلة الأولى ومدّتها ستة أسابيع "وقفاً كاملاً وتامّاً لإطلاق النار، وانسحاب القوّات الإسرائيليّة من كلّ المناطق المأهولة بالسكّان في غزة، والإفراج عن عدد من الرهائن، بمن فيهم النساء والمسنّون والجرحى، وفي المقابل إطلاق سراح مئات من المساجين الفلسطينيّين".

وقال جيريمي سوري، أستاذ التاريخ والشؤون العامة في جامعة تكساس في أوستن، إن إعلان بايدن وطرحه للمقترح في إطار أنه صفقة "عرضتها إسرائيل" استهدف إنعاش آمال وقف إطلاق النار والضغط على نتنياهو. وقال سوري: "بايدن يحاول محاصرة نتنياهو لقبول المقترح". وردا على سؤال عما إذا كان مقترح بايدن هو محاولة للضغط على نتنياهو، قال مسؤول إسرائيلي إنه ليس بوسع أحد منع إسرائيل من تدمير حماس وتدمير قدراتها في الحكم. واعتبر المسؤول الذي اشترط عدم الكشف عن هويته "فكرة أن الضغوط ستدفع إسرائيل إلى التصرف بما يتعارض مع مصلحتها الوطنية هي فكرة سخيفة... الضغط يجب ممارسته على حماس". ونفى جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي في حديثه للصحافيين، يوم الاثنين، محاولة الإدارة "تضييق مساحة المناورة" على رئيس الوزراء الإسرائيلي.

عقبات أمام مقترح بايدن بشأن غزة

ويعتبر نجاح الاقتراح الأخير لوقف إطلاق النار غير مؤكد. وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، للصحافيين، مساء الثلاثاء، إن الوسطاء ما زالوا ينتظرون رد حماس. ورغم إعلان أوفير فولك، مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية، بعد وقت قصير من إعلان يوم الجمعة، أن نتنياهو وقّع المقترح، أدلى الزعيم الإسرائيلي في وقت لاحق بتعليقات علنية أثارت الشكوك في أنه يدعم المقترح بشكل كامل. وقال الوزير إيتمار بن غفير، المنتمي إلى اليمين المتطرف، الأربعاء، إن حزبه "سيعطل" عمل الائتلاف الحاكم حتى يكشف نتنياهو عن تفاصيل صفقة غزة المرتقبة.

ويواجه بايدن من جانبه ضغوطا لإنهاء الحرب على غزة. وينقسم حزبه الديمقراطي حول دعمه للحرب الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني، إذ هدد الناخبون في الولايات الرئيسية التي تمثل ساحة منافسة حامية بعدم دعمه في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني في مواجهة مع المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب. وعلى الرغم من العقبات، يقول مسؤولون أميركيون إن بايدن من خلال إعلانه عن الاقتراح الإسرائيلي، سيتمكن من إعادة إطلاق المناقشات. وقال أحد المسؤولين: "رأى (بايدن) أن من المهم طرح التفاصيل علنا حتى يرى العالم كله ما يحدث هنا وحتى يتمكن العالم بأسره من رؤية مدى جدية إسرائيل في التعامل مع هذا الأمر، ولتوضيح أن حماس ينبغي بكل تأكيد أن تقبل هذا المقترح".

وقال المؤرخ توماس آلان شفارتس، من جامعة فاندربيلت، إن بايدن عندما فعل ذلك، كان يستخدم أسلوبا استخدمه سابقا خلال عقوده في العمل السياسي، وهو إصدار إعلان عام عن صفقة على أمل دفع الطرفين إلى المضي قدما. وقال شفارتس "بقوله إن إسرائيل وافقت، فإنه يضعها في موقف يصعب فيه الرفض. ومن هذا المنطلق، ربما كان يحاول التأثير على السياسات الداخلية في إسرائيل".

ويبدو أن المرحلة الثانية من مقترح هدنة غزة تشكل المعضلة الأساسية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تعتقد بأنها قد تؤدي إلى إنهاء الحرب قبل تحقيق الأهداف التي وضعتها. وهذا ما دفع نتنياهو في جلسة للجنة الخارجية، الاثنين، إلى وصف ما قدّمه بايدن في خطابه بأنه ليس صحيحاً. وتشهد المرحلة الثانية وفق مقترح هدنة غزة الذي تحدث عنه بايدن، استكمال تبادل المحتجزين بما في ذلك الجنود وإدامة وقف إطلاق النار، لكن بايدن لفت أيضاً الى وجود العديد من التفاصيل التي يجب التفاوض بشأنها من أجل الوصول إلى المرحلة الثانية.

(رويترز، العربي الجديد)