تحمل خطوة تعيين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، للسفير السابق لدى الولايات المتحدة في عهد ولاية دونالد ترامب، رون ديرمر، حقيقة توجهات نتنياهو في سياسته الخارجية من جهة، واقتناعه بأن إدارة بايدن لن تتجاوز ما هو أبعد من التحذير البلاغي في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني من جهة أخرى.
فاختيار ديرمر من قبل نتنياهو على رأس وزارة الشؤون الاستراتيجية، التي أعاد تشكيلها أمس من جديد، يوجه مسار نتنياهو الدبلوماسي أمام العالم، وتحديداً أمام دول الخليج، والأهمية التي يوليها نتنياهو لاستمرار مسار "اتفاقيات إبراهيم"، مع محاولة جر العربية السعودية إلى اتفاقيات التطبيع دون أي مقابل، باستثناء تعهدات دبلوماسية بعدم إعلان الضم الرسمي للضفة الغربية، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
وتأتي هذه الخطوة في ظل النزاعات الداخلية والرواسب المتبادلة بين نتنياهو وقادة حزب الليكود، إذ فضل نتنياهو جلب ديرمر للحكومة في وزارة الشؤون الاستراتيجية، حيث ينتظر أن تدير هذه الوزارة تحت قيادته الملفات الثلاثة التي يعتبرها نتنياهو أساس سياسته الخارجية، وهي الملف الإيراني، وملف استكمال اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج ودول عربية أخرى (خصوصاً وأن ديرمر يملك علاقات وطيدة مع مسؤولين كبار في هذه الدول)، وأخيراً اعتماده في الاتصالات القادمة مع الولايات المتحدة، لاسيما وأن نتنياهو يتفق مع ديرمر في كل ما يتعلق برؤية العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، من خلال الاستعانة بعلاقاته في الولايات المتحدة ومع أوساط الحزب الجمهوري الأميركي.
وتعكس تهنئة الرئيس بايدن لنتنياهو، أمس الخميس، مع تنصيب حكومته، القناعة الراسخة لدى نتنياهو، خصوصاً في ظل الحرب الأوكرانية والتحولات في أولويات الولايات المتحدة في المنطقة، أنه بحاجة لشخص "يفهم" السياسة الأميركية الداخلية، تحديداً بنفس منظور نتنياهو، دون أي شعور "بالدونية" أو واجب القبول بكل إملاء أميركي، سواء على صعيد الاستيطان، أو الملف الإيراني.
في هذا السياق، يعتبر تعيين ديرمر مؤشراً حقيقياً بأن نتنياهو لن يتردد في حكومته السادسة من تكرار المواجهة مع إدارة بايدن، على غرار ما فعله مع إدارة أوباما، بالرغم من إشارة بايدن، كما نتنياهو في أكثر من مناسبة، إلى العلاقات بينهما.
وإذا كان بايدن سيكون المحرك لسياسات نتنياهو في ملف إيران والخليج، فإن الرئيس الإسرائيلي الحالي، يتسحاق هرتسوغ، سيكون بمثابة "الوسيط" الذي سيعمل بدون كلل لحل الأزمات المستقبلية مع إدارة بايدن، والترويج لحكومة نتنياهو في العالم، وبشكل خاص مع كل من مصر والأردن، بهدف امتصاص غضب هاتين الدولتين من السياسات المرتقبة لنتنياهو، تماماً مثلما فعل في تسوية العلاقات مع تركيا وإعادتها إلى سابق عهدها.